أكد أن مجازر 17 أكتوبر جريمة دولة مكتملة الأركان.. يحياوي:

فرنسا تخشى من اكتشاف الأجيال تاريخها الأسود

فرنسا تخشى من اكتشاف الأجيال تاريخها الأسود
الباحث في التاريخ عضو اللّجنة الجزائرية للتاريخ والذّاكرة، جمال يحياوي
  • 147
عادل . م عادل . م

 ❊ 17 أكتوبر أعنف قمع لمظاهرة سلمية في أوروبا

❊ سبق الإصرار يعكسه تعيين ديغول للجلاّد بابون رغم تاريخه الإجرامي

❊ المسؤولون الفرنسيون المتطرّفون يعانون عقدة الانهزام

❊ الجزائر البلد الوحيد الذي قاوم وطرد الاستعمار

❊ اعتماد ثنائية الإقرار بالجرائم الاستعمارية وواجب إحياء الذّاكرة

❊ الذّاكرة الوطنية قصّة نجاح حقّقها شعب بكامله في مختلف المواقع

أكد الباحث في التاريخ عضو اللّجنة الجزائرية للتاريخ والذّاكرة، جمال يحياوي، أمس، أن مجازر 17 أكتوبر 1961، تعد جريمة دولة قائمة الأركان وقعت عن سبق إصرار، مشيرا إلى أن فرنسا التي توجست حينها من دور المهاجرين الجزائريين في بناء الجزائر بعد الاستقلال فسارعت إلى قمعهم وإرهابهم، هي اليوم تخاف من حدوث "شرخ في الذّاكرة الفرنسية" من خلال اكتشاف الأجيال المتعاقبة لتاريخها الاستعماري الأسود.

قال يحياوي، في محاضرة ألقاها في طبعة جديدة من منتدى الذّاكرة لوكالة الأنباء الجزائرية بعنوان "17 أكتوبر 1961.. إقرار بالجريمة وواجب الذّاكرة"، إن تاريخ 17 أكتوبر الذي يخلّده اليوم الوطني للهجرة، هو "تجسيد للعنف الاستعماري الذي ارتكب في عاصمة تدّعي حقوق الإنسان والديمقراطية"، ما جعل المؤرخين يصنّفونه آنذاك كـ"أعنف قمع لمظاهرة سلمية في أوروبا في العصر الحديث". 

وبعد تطرقه إلى الظروف الزمانية والمكانية التي وقعت خلالها هذه المجازر وذلك "قبل 5 أشهر من اتفاقيات إيفيان ورضوخ الدولة الفرنسية بقيادة الجنرال ديغول، لمطلب الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني"، أوضح الباحث، أن جريمة 17 أكتوبر وقعت "بسبق إصرار من طرف الدولة الفرنسية"، مشيرا إلى التصريح الخطير الذي أدلى به الجنرال ديغول، حين قال إنه "في حالة فشل المفاوضات سيتم تقسيم الجزائر".

وذكر المحاضر بأن الجنرال ديغول، هو نفسه من عيّن الجلاّد موريس بابون، محافظا لشرطة باريس رغم علمه بتاريخه الإجرامي الأسود، حينما كان مسؤولا عن الإدارة الاستعمارية في قسنطينة، وأضاف أن ديغول "أعطى إشارة مفادها أن كل الممارسات مباحة تجاه الجزائريين"، وهو ما دفع بموريس بابون إلى إصدار يوم 5 أكتوبر 1961 "القرار العنصري لحظر التجوال ضد الجالية الجزائرية بباريس دون الجنسيات الأخرى، حيث تم تجنيد 7 آلاف شرطي للتضييق على الجزائريين وقمعهم".

وفي قراءته لمختلف أبعاد هذه المجازر أشار يحياوي، إلى أن "الدولة الفرنسية توجست من دور المهاجرين الجزائريين في بناء الجزائر بعد استرجاع السيادة الوطنية فسارعت إلى قمعهم وإرهابهم وترحيلهم"، وهي اليوم تخاف من حدوث "شرخ في الذّاكرة الفرنسية" من خلال اكتشاف الأجيال الفرنسية المتعاقبة للتاريخ الاستعماري الأسود للدولة الفرنسية. واعتبر المسؤولين الفرنسيين لاسيما المتطرّفين منهم يعانون إلى غاية اليوم من "عقدة الانهزام" التي كانت وراء ممارسات العنف التي تعرض لها الجزائريون عند اقتراب موعد الاستقلال، مؤكدا أن "الجزائر هي البلد الوحيد الذي قام بثورة تحريرية طردت الكيان الاستعماري دون أن تسمح في شبر واحد من ترابها أو سيادتها".

ودعا الباحث، بهذا الصدد إلى "الخروج عن الصورة النّمطية لتناول الأحداث التاريخية، وهي الصورة التي تروّج لها وسائل الإعلام الفرنسية"، من خلال محاولة حصر الأحداث التاريخية في زوايا ضيّقة، داعيا إلى اعتماد ثنائية "الإقرار بالجرائم الاستعمارية وواجب إحياء الذّاكرة". كما أبرز أهمية الحفاظ على الذّاكرة الوطنية التي "تجمع كل الجزائريين على اختلاف مشاربهم، وتساهم في تماسك المجموعة الوطنية لأنها عبارة عن محطات حاسمة رسمت ماضي وحاضر ومستقبل البلد، كما أنها قصّة نجاح حقّقها شعب بكامله بكل فئاته أينما وجدت وفي مختلف المواقع وليس في المعارك المسلّحة فقط". وأضاف أن "الذّاكرة الوطنية هي المرجعية التي نعود إليها في كافة المواقف"، مشيرا إلى ارتباطها المباشر بالدّفاع الوطني وحتى بعلاقات الجزائر الدبلوماسية، مبرزا أن "مهمة الأجيال اليوم تكمن في الحفاظ على الذّاكرة الوطنية التي تجمع كافة الجزائريين".

من جهته اعتبر المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد، أن مظاهرات 17 أكتوبر"تجسيد لاستمرارية نضال الشعب الجزائري منذ وطئت أقدام الاستعمار الفرنسي أرض الوطن، تنفيذا للوصايا التي تضمنتها رسالة المناضل الجزائري عمر عيماش، للجزائريين في المهجر وللنّخبة الوطنية والتي حثّهم فيها سنة 1947، على ضرورة الوحدة والتكاتف ضد المستعمر". وعاد مجاهد، إلى الظروف السياسية غير المستقرة التي شهدتها الدولة الفرنسية آنذاك، والتي تعاملت معها جبهة التحرير الوطني بحكمة من خلال نجاحها في تجنيد عشرات آلاف الجزائريين للتظاهر بطريقة سلمية والضغط على الحكومة الفرنسية".

بدوره اعتبر عضو المكتب الوطني المكلّف بالعلاقات الخارجية للجمعية الوطنية لمجاهدي التسليح والاتصالات العامة (مالغ)، المجاهد محمد دباح، أن مظاهرات 17 أكتوبر "لم تأت فجأة، بل كانت ردا على المناورات التي مارسها الجنرال ديغول بعد الإعلان عن المفاوضات". وأكد أن المسؤولية القانونية لهذه الجريمة تقع على عاتق الدولة الفرنسية، لاسيما رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك ميشال دوبري، الذي وصفه بـ«المتطرّف". وقال إنه "كان رافضا لأي مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني، وهو من أعطى الضوء الأخضر للجلاّد موريس بابون، لقتل الجزائريين أمام أنظار العالم".