بلحوسين زميرلي ضيفة المركز الثقافي الجامعي
قصص صغيرة عن حدث جزائري قارّ

- 130

دعت الكاتبة صفية بلحوسين زميرلي، إلى تدريس مادة التاريخ في الطور الابتدائي والمتوسّط بأسلوب قصصي حتى يحبّذه التلاميذ. كما كشفت منحها الكلمة لأناس كانوا أطفالا في فترة الثورة التحريرية، للإدلاء بشهاداتهم في مجموعتها القصصية "1 نوفمبر 1954 قصص صغيرة في التاريخ الكبير" ، الصادرة عن منشورات "لوديسي".
كان ذلك في الندوة التي نظّمها المركز الثقافي الجامعي، أوّل أمس، لتقديم كتاب بلحوسين زميرلي، الذي جاء ثمرة برنامج إذاعي استضافها، وتحدّثت فيه عن بعض ذكرياتها عن الثورة التحريرية رغم حداثة سنها في تلك الفترة (مولودة عام 1955)، لتتهاطل المكالمات على البرنامج من طرف أناس ابتغوا هم أيضا، تقديم شهاداتهم، ويتم إيصالهم بها، وببرنامجها على الأنترنت (بلوغ)، ومن ثم تم انتقاء البعض منها في مجموعة قصصية بعنوان "1 نوفمبر 1954 قصص صغيرة في التاريخ الكبير" ، والتي كتب مقدّمتها الكاتب لزهاري لبتر.
ضيفة المركز الثقافي قالت إنّها ساهمت من دون أن تشعر، في كتابة حلقة من حلقات تاريخنا، من خلال منح فرصة لأشخاص كانوا أطفالا في فترة الثورة التحريرية، لتقديم شهاداتهم؛ أي عرض رؤيتهم البريئة والنقية لمرحلة قاسية جدا عاشها الشعب الجزائري؛ بغية تحقيق حلمه، ألا وهو الاستقلال.
وأضافت أنّ هؤلاء الكبار تحدّثوا عن ذكريات حفرها لا وعيهم، وخزّنها جيّدا، ليأتي اليوم الذي تخرج فيه من هذا المخزن الكبير، وتتدفّق ككلمات على ورق لتصبح خالدة ومشتركة مع قراء المجموعة القصصية، مشيرة إلى أنّ الأطفال في تلك الفترة، كانوا يعلمون بحدوث أمور "خارقة" أو خارجة عن المألوف، لكن الكثير منهم لم يكن يستطيع وضع الكلمات على ما يشاهده يوميا من أحداث. كما كانوا على علم بضرورة عدم طرح أسئلة على أوليائهم؛ لسرية الأمر، فقد كانوا لا يدركون كلّ ما يحدث أو يجهلونه تماما، إلاّ أنهم كانوا يعرفون أنّه أمر خطير لا يجب التطرّق له أبدا.
بداية المجموعة كانت بقصص كتبتها زميرلي عن ذكرياتها في فترة الثورة التحريرية وإن لم تكن كثيرة؛ لأنّها كانت صغيرة جدا، لكنّها احتفظت ببعضها مثل رؤيتها مجاهدا بشحمه ولحمه، وكذا اندهاشها الشديد للراديو الذي لم تفهم كيف يمكن أن يعيش فيه رجال ونساء لا يتوقّفون عن الحديث، وأيضا استعمال والدها صحنا لأخذ مقياس الهلال؛ لخياطة العلم الجزائري.
أما بقية القصص فكانت من ذاكرة رجال ونساء كانوا شاهدين على محطات من الثورة المجيدة؛ مثل المرأة التي كان والدها يهتم بتمريض الجرحى من المجاهدين الذين لم تشاهدهم قط، لكنّها كانت تدفن الضمادات في التراب، وقصة علي الذي لم يتفهّم كيف ترك والده أرضه بتيزي وزو، وسافر الى أرض أخرى ليدرك في الأخير أنّ والده كان مراقَبا من طرف المحتل الفرنسي، الذي اكتشف أنّه يؤوي المجاهدين.
وفي إطار آخر، قالت الكاتبة إنّ كل ما نعيشه وما يحيط بنا، يؤثّر في حياتنا، بل قد يغيّر مسارها، مضيفة أنّ اللاوعي يسجّل كل شيء، وفي يوم ما يخرجه إلى العلن. وبالمقابل، حثّت على تغيير طريقة تدريس مادة التاريخ في المدارس الابتدائية والمتوسطات؛ من خلال تحويل التدريس الأكاديمي البحت، إلى التعليم بأسلوب قصصي؛ لأنّ الطفل يحبّ سماع القصص، وهكذا سيميل إلى تعلّم تاريخ بلده بكلّ حب، ولهفة.