حماية لحقوق الإنسان وتعزيز التضامن وضمان والاستقرار

توازن إنساني وأمني وتنموي.. مقاربة الجزائر لمواجهة الهجرة غير شرعية

توازن إنساني وأمني وتنموي.. مقاربة الجزائر لمواجهة الهجرة غير شرعية
  • 134
زين الدين زديغة  زين الدين زديغة 

❊التنسيق هو السبيل الأنجع لمواجهة التحديات المشتركة للهجرة

❊مداح: لا لاستغلال قضية الهجرة في الضغط أو الابتزاز السياسي

❊سبينديلغير: الجزائر شريك مهم يضطلع بدور هام يتجاوز ملف الهجرة

أبرز وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السعيد سعيود، أمس، مقاربة الجزائر الشاملة والمندمجة في إدارة ملف الهجرة، تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، موضحا أنها تقوم على الموازنة بين الاعتبارات الإنسانية والأمنية والتنموية لهذه المسألة، وترمي لحماية حقوق الإنسان وتعزيز التضامن وضمان الأمن والاستقرار، وعيا منها برهانات ومخاطر هذه الظاهرة.

أكد سعيود في كلمته، بمناسبة إطلاق مشروع الشراكة بين الجزائر والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، من أجل تعزيز القدرات في مجال حوكمة هذه الظاهرة، بفندق الأوراسي بالعاصمة، أن الجزائر حرصت على تعزيز انخراطها في الجهود الدولية من خلال المصادقة على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة، لاسيما تلك التي تعنى بحقوق الإنسان وكرامة المهاجرين. كما سعت إلى حماية مصالحها الوطنية والحفاظ على علاقات بناءة ومحترمة مع دول الجوار، إدراكا منها بأن التنسيق والتعاون هما السبيل الأنجع لمواجهة التحديات المشتركة. وأشار الوزير إلى أن الجزائر لم تُغفل البُعد الإنساني في تعاملها مع هذه الظاهرة، حيث اعتمدت على إجراءات عملية تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان، من خلال تسخير موارد بشرية ومالية ومادية معتبرة، قصد ضمان التكفل بالمهاجرين غير الشرعيين في ظروف تحفظ كرامتهم، موضحا أن هذه الإجراءات تشمل تقديم خدمات صحية، وتنظيم حملات تلقيح لفائدة الأطفال، خاصة وأن عددا كبيرا من هؤلاء الوافدين يصلون إلى التراب الوطني في ظروف صحية حرجة. وأكد أن هذا التوجه يعكس التزام الجزائر بثقافة حسن الجوار، وقيم الأخوة والتضامن مع شعوب المنطقة.

وبخصوص الجانب التنموي، قال الوزير، إنّ الجزائر، وبإدراك عميق لأسباب الهجرة غير الشرعية، خصوصا في الدول الإفريقية المجاورة، لم تدّخر جهدا في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الدول، إيمانا منها بأن التنمية المستدامة تمثل الحلّ الجذري وبعيد المدى للهجرة، مشيرا إلى أن هذا الدعم تجسّد من خلال برامج خاصة لإقامة مشاريع تنموية لصالح هذه البلدان، وفتح شراكات بنّاءة في مجالات حيوية، منها فكّ العزلة عبر مشاريع البنية التحتية، على غرار طريق الوحدة الإفريقية وشبكات السكك الحديدية وتوسيع الكهرباء، وربط المناطق بخدمات الإنترنت وأنابيب الطاقة. 

واعتبر الوزير مشروع الشراكة بين الجزائر والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، من أجل تعزيز القدرات في مجال حوكمة هذه الظاهرة، يجسّد صورة من صور هذا التوجّه الذي يهدف إلى تعزيز مهارات العاملين في مجال الهجرة في الجزائر، وإنشاء نظام تدريبي يتّسم بالاستدامة والجودة العالية، ويتيح للإطارات المختصة في هذا المجال الاستفادة من تدريبات معتمدة وفق المعايير الدولية، بما يلبي احتياجات الجزائر لمجابهة التحديات المرتبطة بظاهرة الهجرة، ومواكبة التطوّرات الإقليمية والدولية المتسارعة في هذا المجال. كما أشار إلى أن تنفيذ هذا المشروع يستند على حوكمة مشتركة بين الجزائر والمركز الدولي التطوير سياسات الهجرة، تقوم على الحوار والشفافية، بمشاركة فريق متخصّص من المركز وبدعم من الدول الممولة له، وهي الدانمارك وهولندا وسويسرا. وأوضح أن الجزائر عرفت تطوّرات مقلقة لظاهرة الهجرة، ميّزتها موجات المهاجرين القادمين من دول الساحل الإفريقي والسالكين لمسارات خطيرة، لأسباب متعددة، على رأسها الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الخاصة والخطيرة التي تميز هذه الدول، فضلا عن الموقع الجيو-استراتيجي للجزائر والذي يعرف امتدادا جغرافيا ضاربا جنوبا في عمق الصحراء الإفريقية والشريط الساحلي الكبير المطل على البحر الأبيض المتوسط، ما ترتب عنها تحديات متزايدة منذ سنوات، تطورت بشكل متسارع ومعقد، وحملت معها تهديدات ومخاطر متنوعة.

من جانبه، قال السفير رشيد مداح، المدير العام للشؤون القنصلية والجالية الوطنية بالخارج، بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، إنّ الجزائر تدين كل محاولات استغلال قضية الهجرة لأغراض الضغط أو الابتزاز السياسي، مثلما دأبت عليه بعض البلدان وفي الجوار، معتبرا أن الجزائر تنتهج مقاربة شاملة ومتكاملة ومنسقة وتضامنية ترتكز على احترام القوانين الدولية والإقليمية، وصون كرامة الإنسان وحماية حقوق المهاجرين. بدوره أكد المدير العام للمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة مايكل سبينديلغير، أنّ الجزائر تعتبر شريكا مهما لطالما اضطلعت بدور هام يتجاوز الهجرة. وأشار إلى أنها بلد رئيسي للتدفق والعبور، مبرزا أهمية انخراط الجميع لإنجاح هذه الشراكة في مجال حوكمة الهجرة. أما فيكتور كريمير، نائب المدير العام للهجرة الدولية، (قسم طلب اللجوء والهجرة بوزارة اللجوء والهجرة في هولندا)، فقد اعتبر  المشروع خطوة مهمة لتعزيز الشراكة مع الجزائر، مشيرا إلى أن التعاون معها سيتعزز أكثر من خلال تبادل المهارات وبناء القدرات في مجال الهجرة.