رئيس الجمهورية يوجّه رسالة واضحة لـ"خاين الدار"
لا مكان لأذناب العصابة والثورة المضادة

- 150

لا يفتأ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يدعو في كل مرة إلى تقوية الجبهة الوطنية من أجل التصدي للمتربصين بأمن واستقرار البلاد، في سياق الثورة المضادة التي تستهدف الجهود التنموية، حيث اغتنم هذه المرة فرصة لقائه بممثلي الصحافة الوطنية لتوجيه رسالة هامة للشعب الجزائري للتحلي بالمزيد من اليقظة عندما قال "نتعاونوا على خاين الدار فهو أخطر من العدو الخارجي". حملت الجملة الأخيرة التي ختم بها الرئيس تبون لقائه الإعلامي الكثير من المعاني، خاصة في الظرف الحالي المتسم بالمحاولات الفاشلة لزعزعة استقرار البلاد من قبل أطراف خارجية ولكن أيضا داخلية، تخدم أجندات مناوئة للجهود المتنامية التي تشهدها القطاعات الحيوية. وليس هذه المرة الأولى التي يحذر فيها رئيس الجمهورية من بقايا العصابة التي تحاول عرقلة مشاريع التنمية والعبث بقوت الشعب واحتياجاته اليومية عن طريق المضاربة والتلاعب بالأسعار وخلق ندرة بعض المواد الأساسية بين الفينة والأخرى، حيث سبق أن نبّه لذلك في بداية عهدته الأولى عندما دعا المسؤولين من وزراء وولاة إلى التجند للتصدي لهذه الممارسات التي تعود إلى نظام الحكم البائد. ويبدو أن كلام رئيس الجمهورية لم يأت من فراغ، بل استند إلى تقارير مغلوطة حول واقع بعض القطاعات التي أوكل مهمة الإشراف عليها لمسؤولين منحهم ثقته، وبدل أن يطبقوا برنامجه الرئاسي من أجل خدمة الشعب، حادوا عن المهمة عبر تضخيم الأرقام وتقديم معلومات خاطئة لا تخدم الصالح العام.
وفي عبارة "خاين الدار" دلالة على أن عدو الداخل أخطر بكثير من عدو الخارج، حيث ينطبق عليه المثل الجزائري "يأكل الغلة ويسبّ الملة"، مما يعني أن حجم الأذى يكون أكثر إيلاما لأنه يعيش وسط عائلة كبيرة وينهب خيراتها دون رقيب أو حسيب ويطعن في الثقة الممنوحة له. فقد وضع رئيس الجمهورية محاربة العصابة في صلب أولوياته منذ انتخابه رئيسا للبلاد وهو الذي لم يتوان في انتقاد ممارساتها عندما عين في منصب الهيئة التنفيذية سنة 2017 . وتمثلت أول مهمة للرئيس تبون بعد أدائه اليمين الدستورية في اطلاق تحقيقات واسعة ضد رموز الفساد الذين نهبوا المال العام، حيث تمت محاكمة العديد منهم مع استرجاع أملاك وأموال منهوبة، فضلا عن اتخاذ اجراءات صارمة ضد شبكات تهريب المواد الأساسية التي كانت تهدف للمساس بقوت الجزائريين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حرص الرئيس تبون على اعتماد اصلاحات وقوانين لتشديد الرقابة على الصفقات العمومية، وإعطاء أجهزة الرقابة والعدالة صلاحيات أكبر حتى لا يفلت المفسدون من العقاب، حيث يشكل ذلك رسالة لأي مسؤول عين لخدمة الشعب للالتزام بالمهمة الموكلة له وكذا ضرورة التحلي بالنزاهة والصرامة في تطبيق البرنامج الرئاسي والاستجابة لاحتياجات المواطنين.
ولا تنطلق رؤية رئيس الجمهورية من فراغ، بل إن حديثه عن ضرورة التصدي لـ"خاين الدار" تعكس مدى الخطورة التي يشكلها هذا الصنف الذي لا يتورع عن ضرب مصالح البلاد، الأمر الذي يتطلب خوض هذه المعركة بوعي كامل من خلال ملاحقة اذناب العصابة والكشف عنهم وتجفيف منابع الفساد. كما لا ينطبق الأمر على الطراف التي تقاوم التغيير أو ما اصطلح على تسميتهم بـ"الثورة المضادة"، بل الأمر يشمل هؤلاء الخونة العملاء المنفذين للأجندات الخارجية، الذي باعوا شرفهم ووطنهم لمستخدميهم الذي لا يهمهم سوى زرع السك في نقوس الجزائريين من خلال يبثونه عبر الوسائط الاعلامية من سموم تستهدف ضرب رموز الدولة في محاولات متكررة يائسة لزعزعة استقرار الجزائر، متناسين أن تاريخها المجيد، سجل لثوارها الأبطال تخطيطهم العبقري إبان الكفاح المسلح، والذي لم يستثن التعامل المناسب مع "الخونة" و"الحركى".