استُحدثت لمرافقة الأبناء المتدرسين

مهن جديدة ترسخ مفهوم الأم البديلة

مهن جديدة ترسخ مفهوم الأم البديلة
  • 203
رشيدة بلال رشيدة بلال

تشرع عديد الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع حلول موعد الدخول المدرسي، في الترويج لمهن جديدة أصبحت مطلوبة بشكل لافت، وارتبطت مباشرة بخروج المرأة إلى العمل. هذه الخدمات تتمثل أساساً في مرافقة الأطفال وتوفير مكان آمن لهم أو إيصالهم إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام، مقابل أسعار تختلف باختلاف عدد الأيام والساعات، وبين هذا وذاك، تجد المرأة العاملة نفسها مضطرة إلى الاستعانة بمثل هذه الخدمات أمام الارتفاع المستمر لتكاليف الروضات.

في الوقت الذي اختار فيه العديد من الأولياء إلحاق أبنائهم بالروضات، التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى رفيق ضروري لكل الأمهات العاملات وحتى غير العاملات، فضّل آخرون الاستنجاد بالعائلة، حيث لا تزال الجدة في كثير من الأحيان تساند ابنتها أو ابنها وتتكفل بالأحفاد. بينما دفع الحظر الأخير المفروض على الجمعيات بعدم ممارسة أي نشاطات خارج ما هو مصرح به، بعض الأولياء إلى البحث عن بدائل أخرى، وهو ما لفت انتباه "المساء"، عبر صفحات على الفايسبوك، التي راحت بالتزامن مع الدخول الاجتماعي تروج لخدمات جديدة، فرضتها التحولات الاجتماعية التي جعلت العمل ضرورياً لكلا الزوجين لمواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها.

من بين هذه المهن الجديدة، أن بعض الأمهات اللواتي كبر أبناؤهن فتحن أبواب منازلهن لاستضافة أطفال من الطور الابتدائي. إحدى المواطنات أوضحت أنها تواصلت مع سيدة عبر إعلان منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، وزارتها للتعرف على كيفية تعاملها مع الأطفال. تقول: "العرض المقدم يتمثل في استضافة خمسة تلاميذ فقط، بحكم قرب منزلها من المؤسسة التعليمية، دون تقديم خدمات إضافية، على أن ترافقهم عند موعد العودة حتى لا يظلوا في الشارع". المواطنة أكدت أن هذا الحل كان مناسباً لها لأن ابنها غير قادر على التنقل بمفرده إلى المنزل والبقاء فيه إلى حين عودتها من العمل.

عروض أخرى ركزت على مرافقة التلاميذ من المدرسة إلى المنزل، حيث أكدت صاحبة أحد الإعلانات أن الكثير من الأمهات العاملات يحتجن من يوصل أبناءهن في الفترة المسائية، خاصة أن بعض الروضات تحدد مواقيت صارمة ولا تسمح ببقاء الأطفال بعد الرابعة أو الخامسة إلا في حالات استثنائية. الفكرة تقوم على مرافقة الطفل إلى بيته، ثم الاتصال بوالدته لتطمئن على وصوله وتوصيه بالبقاء إلى حين عودتها. وهناك أيضاً عروض تشمل إلى جانب الاستضافة توفير وجبة فطور للتلاميذ، وهو ما يرفع تكلفة الخدمة.

والسؤال المطروح هل يسير المجتمع الجزائري لترسيخ مفهوم الأم البديلة؟...يرى المختص في علم الاجتماع، حسين زوبيري، أن هذه المهن الجديدة مرتبطة بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع الجزائري، موضحاً أن خروج المرأة إلى العمل جعلها تتخلى أو بعبارة اصح تنسحب جزئياً عن دورها التقليدي في رعاية الأبناء، ما خلق فراغاً استغلته بعض النساء الماكثات في البيت لاقتراح خدمات تحولت مع الوقت إلى مهن قائمة بذاتها. ويضيف أن هذه الخدمات لا تحتاج إلى شهادات أو بروتوكولات إدارية بقدر ما تتطلب الثقة، وهو العامل الأساسي الذي تبحث عنه كل أم.

ومن بين أبرز هذه المهن: مرافقة الطفل من وإلى المدرسة، استضافته في المنزل إلى حين عودة والدته، أو حتى توفير وجبة ساخنة له في أيام البرد. وهي حلول تبدو في الظاهر عملية وتساعد الأم على التفرغ لعملها، لكنها بحسب المختص ليست بديلاً حقيقياً عن دور الأم البيولوجية، بل قد تخلق إشكالات تربوية نتيجة تعدد المرجعيات التي يتلقى منها الطفل التربية والتوجيه.

ويخلص زوبيري إلى أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية فرضت وجود ما يمكن وصفه بـ«الأم البديلة"، غير أن ذلك لا يعني أن تنسحب الأم كلياً من دورها الكلاسيكي في التربية، بل يجب أن تبقى حاضرة في حياة أبنائها حتى لا تلقي بمسؤولياتها كاملة على الآخرين.