80 ألف دركي وشرطي لقمع المحتجّين واعتقالات بالجملة في يوم الغضب العارم
"لنغلق كل شيء".. فرنسا على صفيح ساخن

- 138

❊ ماكرون يعين وزير القوات المسلّحة في منصب رئيس للوزراء
❊ أعمال شغب وغلق للطرق ومواجهات بين المحتجّين وقوات الأمن في شوارع فرنسا
❊ فرنسا تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة
❊ المحتجّون استعملوا تكتيكات جديدة أكثر إرباكا بعيدا عن المسيرات التقليدية
لم يشفع حجب الثقة عن حكومة الوزير الأول المستقيل فرانسوا بايرو، للرئيس ايمانويل ماكرون الذي وجد نفسه مرة أخرى في مواجهة الشارع الفرنسي، رغم مسارعته لسد فراغ السلطة التنفيذية بتعيين وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو، اليميني في المنصب كسابع رئيس للوزراء في عهده والخامس منذ بداية ولايته الثانية في عام 2022، ما يعد أمرا غير مسبوق في نظام الجمهورية الخامسة الذي أُعلن في 1958 والذي عرف لفترة طويلة باستقراره.
عاشت فرنسا أمس، يوما استثنائيا من التعبئة الشعبية بعد أن دعت حركة "لنغلق كل شيء" إلى شل المرافق الحيوية، في خطوة تتجاوز مجرد الاحتجاج على الموازنة لتتحول إلى اختبار حقيقي لشرعية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
ولمواجهة السيل العارم من المحتجّين نشرت وزارة الداخلية الفرنسية حوالي 80 ألف شرطي ودركي لحماية المواقع الحسّاسة والتدخل السريع عند أي تجاوز، في الوقت الذي اعتمدت الدعوات الاحتجاجية تكتيكات جديدة أكثر إرباكا بعيدا عن المسيرات التقليدية على غرار تعطيل الطرق الدائرية والمطارات والموانئ، فتح بوابات الطرق السريعة مجانا، تعطيل أنظمة الدفع الإلكترونية، وحتى دعوات إلى ما يسمى بـ"التسوق المجاني" في المتاجر الكبرى، في الوقت الذي تركز الاهتمام من جهة أخرى على مواقع استراتيجية مثل مرفأ لوهافر ومصفاة النّفط في مرسيليا، لمواجهة أي خطر محتمل.
ويقف خلف الحراك خليط من القوى اليسارية الراديكالية بدعم من "فرنسا الأبية" والخضر والشيوعيين، فيما ترفض أحزاب اليمين واليمين المتطرّف الانخراط في التعبئة. و ذلك في الوقت الذي أظهر فيه استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "تولونا هاريس انتيراكتيف" أن 63 بالمائة من الفرنسيين يتعاطفون مع الحركة، رغم أن معظمهم يفضلون التظاهر السلمي على أساليب التعطيل.
غير أن كل المعطيات تعكس حالة الغليان الاجتماعي المتزايد الذي تعرفه البلاد، فضلا عن اتساع الهوة بين الشارع والسلطة، ما يزيد من هشاشة المشهد السياسي، موازاة مع تدهور الاداء الاقتصادي ومخاوف عن ما سيسفر عنه تقييم وكالة "فيتش" للديون الفرنسية المقرر غدا الجمعة، خاصة ما تعلق بخفض جديد قد يضاعف منسوب التوتر في الأسواق ويقوض ثقة المستثمرين. ويشكل يوم أمس، منعطفا مفصليا كون فرض التعبئة القوية يعد بمثابة رسالة سياسية صريحة برفض نهج حكومة ماكرون، التي حاولت في السابق كسب وقت اضافي لترتيب الأوراق غير أن ذلك لم يعزز مصداقيتها.
بل أن حراك أمس، قد كان بمثابة اختبار حقيقي للسلطات الفرنسية على مواجهة غضب شعبي متجدد يتغذّى من الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتشابكة، والذي تزامن مع تعيين ماكرون وزير القوات المسلّحة على رأس "ماتنيون" وكأنه رسالة عن عدم تورع الدولة في الضرب من حديد ضد أي تجاوز خلال هذه المسيرات التي خرجت عن السيطرة. ولم تتردد قوات الأمن الفرنسية في هذا الصدد في استعمال القوة ضد المتظاهرين، في سيناريو يذكّرنا بحراك السترات الصفراء الذي انطلق عام 2018.
وانتشرت قوات الأمن بكثافة في جميع أنحاء البلاد، في حين أقامت مجموعات من المتظاهرين في باريس، حواجز باستخدام حاويات نفايات ورشقوا الشرطة بالقمامة، كما أغلق متظاهرون في مدينة ليون طريقا سريعا يمر عبر المدينة، وأشعلوا النّار في حاويات قمامة في حين استخدمت الشرطة في مدينة نانت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وفي تولوز، تسبب حريق كابل في تعطيل حركة المرور بين تولوز وأوش في جنوب غربي فرنسا. وفي أماكن أخرى أبلغت شركة فينسي المشغلة للطرق السريعة، عن احتجاجات وتعطيل حركة المرور على الطرق السريعة في جميع أنحاء فرنسا، بما فيها مرسيليا ومونبلييه ونانت وليون، في حين أشارت شرطة باريس إلى اعتقال مئات المحتجّين في المرحلة الأولى.