الكسكسي بالسمك

طبق متجذر بسكيكدة يأبى التراجع

طبق متجذر بسكيكدة يأبى التراجع
  • 203
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

ما تزال العديد من العائلات القلية، الواقعة غرب سكيكدة، تحافظ على عدد من الأطباق التقليدية، التي تأبى الاندثار، إذ تبقى تتصدر موائدهم إلى يومنا هذا، خاصة في المواسم والأعياد والمناسبات الدينية، كشهر رمضان وعاشوراء والمولد النبوي الشريف، حتى في الولائم العائلية. من بين تلك الأطباق التي تشتهر بها مدينة القل الساحلية وما جاورها، طبق الكسكس بالسمك الأبيض، الذي يعد طبقا قليا بامتياز، حسب العديد من الروايات.

للكسكسى القلي بالسمك الأبيض، قصة حب أبدية مع أهالي المنطقة، لأنه الطبق الأول وبامتياز، حيث تتفنن النسوة القليات في إعداده بنكهته الخاصة، وما يميز الكسكسي القلي عن غيره، أنه طبق يتم إعداده بالسمك الأبيض، حتى وإن كانت بعض العائلات تحضره بالسمك الأزرق كـ"الميرو"، أو كما يعرف بالهامر وأيضا بسمك "البونيط"، وعلى الرغم من الغلاء الذي يميز سوق السمك في الفترة الأخيرة، إلا أن العائلات القلية تبقى وفية لهذا الطبق.

وما يميز الكسكسي القلي أيضا، طريقة إعداده، حيث يتم بطريقة تقليدية على عادة الأجداد، بداية من فتله ونشره على أفرشة في الهواء الطلق، إلى طهيه تماما كما يطهى الكسكس العادي، وكذا استعمال السمك الجديد فيه، كونه يضفي للكسكس نكهة خاصة لا نجدها في السمك المجمد.

وعن أصل طبق الكسكسي بالحوت، وحسب المصادر التي جمعناها من هنا وهناك، أشارت إلى أن أصله عثماني، جاء مع الأتراك الذين حلوا في بلادنا، حاملين معهم عاداتهم وتقاليدهم، منها الأكلات الشعبية، التي تكاد تكون نفسها في المناطق التي تواجد فيها العثمانيون، كما هو الحال بجيجل وما جاورها من المناطق الحدودية مع ولاية سكيكدة، وتؤكد الروايات، أن طبق الكسكس بشكل عام، له أصول أمازيغية في شمال إفريقيا، إلا أن طريقة تقديمه بالسمك في القل، يعود الفضل في إدخاله إلى الأتراك.

الأطباق التقليدية جزء من ذاكرة القل

وفي كل هذا، تبقى للأكلات الشعبية التقليدية الموروثة عن الأجداد، مكانة خاصة عند القليين، الذين ورثوها عن الأجداد، ويعملون على الحفاظ عليها، لأنها أضحت جزءا من ذاكرة هذه المنطقة، كطبق "الثريدة" التي تحضر باليد، وأيضا "شربة الفداوش"، أو كما يعرف بشربة لسان الطير، وشربة السمك أو كما تعرف أيضا بشربة الحوت المطهية بـ"الدويدة"، وكذا صناعة "الكسرة" بزيت الزيتون، أو كما تعرف عند عوام الأهالي بـ(الرخسيس)، والفتات الذي يطهى في المرق، أو الذي يعسل، و"شخشوخة الظفر"، وطبق السردين سواء المقلي أو المشوي على الفحم، أو المطبوخ في الفرن، وغيرها من الأطباق.