محطّتان حاسمتان سياسيا وعسكريا في مسار الثورة.. مؤرّخون:

هجمات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام جدّدا أسس العمل الثوري

هجمات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام جدّدا أسس العمل الثوري
  • 269
ز . ز ز . ز

❊ السد: انتقال الكفاح المسلّح إلى ثورة منظّمة بأفق استراتيجي شامل

❊ عاشور: تمكين القضية الجزائرية من تصدّر أجندات المحافل الدولية

❊ تواتي: مؤتمر الصومام وسّع مجال العمل الثوري وأحبط مخطّطات المستعمر

شكّلت هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 وانعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956، محطتين حاسمتين في مسار الثورة التحريرية على المستويين السياسي والعسكري، حسبما أكده أساتذة وباحثون في التاريخ.

أوضح المختص في التاريخ، نورالدين السد، في تصريح لـ«وأج" أن هذه الذكرى المزدوجة تحمل "دلالة رمزية وتاريخية عميقة" في الذاكرة الوطنية، إذ جمعت بين هجومات الشمال القسنطيني سنة 1955 وانعقاد مؤتمر الصومام سنة 1956، باعتبارهما "منعطفين فارقين" في مسار ثورة أول نوفمبر المجيدة، حيث رسخا انتقال الكفاح المسلّح إلى "ثورة منظمة ذات أفق استراتيجي شامل على المستويين السياسي والعسكري".

ونفذت هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 بقيادة الشهيد الرمز زيغود يوسف، لاستهداف مواقع عسكرية وإدارية فرنسية في منطقة الشمال القسنطيني، لا سيما سكيكدة، الحروش والقل، وذلك بعد تسعة أشهر من اندلاع الثورة التي كانت قبل هذا التاريخ محصورة نسبيا في مناطق الأوراس.

وتابع المتحدث أنّ تلك الهجومات النوعية مكّنت من كسر الحصار الإعلامي والدعائي الفرنسي وأثبتت أنّ الثورة مشروع تحرّري شعبي واسع يتم تنفيذه وتجسيده بانخراط الشعب الجزائري، مما يترجم، حسبه، عمق الارتباط بين الشعب والثورة، الأمر الذي أربك الإدارة الاستعمارية ودفعها إلى القيام بردة فعل وتصعيد وحشي ضد المدنيين العزل، مشيرا إلى أن هجومات الشمال القسنطيني ساهمت في إعادة الثقة إلى صفوف المجاهدين بالمناطق الأخرى وإعطاء دفع معنوي قوي لجيش التحرير الوطني.

أما المحطة الحاسمة الأخرى التي ارتبطت بتاريخ 20 أوت من سنة 1956، فتمثلت في مؤتمر الصومام الذي انعقد بقرية "إيفري أوزلاقن" ببجاية بالرغم من الحصار الشديد الذي فرضه الاحتلال على المنطقة، حيث تمكن قادة الثورة من تنظيم هذا المؤتمر الذي شكّل بدوره تحديا للاستعمار وانتصارا للثورة، مثلما أكده أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة البليدة 2، محفوظ عاشور.

وأوضح عاشور أن مؤتمر الصومام شكل محطة لتنظيم ثوري شامل أرسى فيه قادة الثورة أسسا جديدة للعمل الثوري، حيث أعيد تنظيم جيش التحرير على نمط الجيوش العسكرية من خلال استحداث الرتب وتحديد المسؤوليات وإنشاء الوحدات من الفوج إلى الفيلق، كما تمّ توسيع النشاط الثوري باستحداث الولايات الثورية وإضافة الولاية التاريخية السادسة، وهي منطقة الصحراء. وأبرز أن المؤتمر مكّن من استحداث أدوار ومهام ثورية تسمح لكل عناصر الشعب الجزائري المشاركة في الثورة، (المجاهد، المناضل، الفدائي والمسبل)، علاوة على إشراك كل التنظيمات في العمل الثوري. ويرى المؤرّخ أن هذه الخطوات أفشلت كل محاولات الاستعمار الفرنسي للقضاء على الثورة ومكّنت القضية الجزائرية من تصدر أجندات مختلف المحافل الدولية، وفي مقدمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

من جهته، أشار أستاذ التاريخ بالمركز الجامعي بتيبازة، دحمان تواتي، إلى أن المتتبع لأحداث ثورة التحرير لا يمكنه تجاوز هذين الحدثين الهامين، لما يمثلانه من أهمية بالنسبة للبعد العسكري الذي مكّن من توسيع لهيب الثورة وكذا لأهميتهما التنظيمية والاستراتيجية. وخلص إلى القول إنه بفضل النتائج التي أفضى إليها مؤتمر الصومام، اتسع مجال العمل الثوري وتمّ إحباط المخططات الاستعمارية، مبرزا أن صمود الشعب الجزائري واستبسال جيش التحرير الوطني مكّنا من انتصار الثورة التحريرية التي توّجت بالاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.