الترفيه بأقل تكلفة
حدائق الجزائر تنبض بالحياة

- 125

تزخر الجزائر بجمالها الطبيعي الأخاذ، وشريطها الساحلي الساحر، وتاريخها ممتد الجذور، حيث يلتقي التاريخ بالحداثة في الكثير من الأماكن، لتشكل فسيفساء تسافر بالمشاهد عبر الزمن، وجد سكانها في حدائقها الغناء والمركبات السياحية، أماكن للترفيه واحتضان القادم بكل شوق، إذ تمتد مساحاتها الخضراء لتمنح سكان المدينة وزوارها فسحة من الهدوء والانتعاش، الذي يزداد عليه الطلب زمن العطلة، فالحدائق العمومية أصبحت اليوم، وجهات رئيسية للترفيه في كامل ولايات الوطن، لاسيما مع ازدياد الوعي بأهمية الطبيعة في تجديد طاقة الجسد والروح، إذ نجد لكل ولاية مساحاتها التي تعانق الحضور، وجمالها الذي يريح النفس.
تُعتبر الحديقة النباتية بالحامة، جوهرة العاصمة، من أشهر المعالم السياحية والبيئية بالجزائر، فهي من أجمل الحدائق في العالم، كانت ولا تزال تسحر كل من وطئت قدامه أرضها الجميلة، تضم آلاف الأنواع من النباتات، كما تعد مساحتها الواسعة مسارات للمشي، وفن استنشاق الهواء النقي والتخلص من ضغوط الحياة، يوجد بها العديد من المناطق المظللة، التي تعد مثالية للنزهات العائلية. تسجل حضورا قويا للآلاف، بل للملايين خلال السنة. وقد أكدت السيدة حميدة، خمسينية، جاءت رفقة بناتها وأحفادها، أنها من عشاق الحديقة، ولا يمر شهر إلا وزارتها، لاسيما أنها من سكان حي بلكور، غير أن زيارتها لها تتكرر مع حلول عطلة الصيف، مع قدوم ابنتها المغتربة، وأخرى قاطنة بولاية داخلية، وأردفت بالقول: "استنشاق الهواء النقي بالحامة ومشاهدة أشجارها الباسقة وجمالها الأخاذ، يجعلني أشعر بسعادة لا أحصل عليها في سواها من الأماكن، ولو خيروني بين وليمة في أبهى الفنادق، والجلوس على تراب الحديقة، لاخترتها".
حديقة "الحرية".. لمسة حضرية
تقع حديقة "الحرية" في شارع ديدوش مراد، بالجزائر العاصمة، تمنح زوارها فسحة من الراحة، بعيدًا عن ضجيج الشوارع. فهي المكان المفضل للطلاب، العائلات والمصورين الذين يبحثون عن مشاهد زهور موسمية، ومناظر خضراء أنيقة، ومميزة، كونها بُنيت في منحدر، على مساحة 3 هكتارات. تقدم هذه الحديقة الروح الإبداعية، إذ يتوزع الزوار على الكراسي المبعثرة هنا وهناك، إلى جانب الراحة النفسية التي تعطيها للجالس بين أحضانها، فإنها تساهم في التدفق الإبداعي لدى الزوار، لاسيما من المصورين، إذ تقابلك صخرة كبيرة، حولها حوض ينساب منه الماء كشلال صغير من الجهتين اليمنى واليسرى، ويوجد بها الكثير من الأشجار والنباتات الخضراء التي توزعت في كل أركانها، مثل الصنوبر والزان التي تعبق الأجواء برائحتها الزكية، وتزينها العصافير المزقزقة هنا وهناك في تناغم جذاب، حيث يجد المشاهد في تفاصيلها مئات اللوحات الفوتوغرافية الساحرة.
"الربوة الجميلة" بتيبازة.. سمر لأوقات متأخرة
تعد حديقة "الربوة الجميلة" المتربعة على مدخل ولاية تيبازة، من أجمل المواقع، استطاعت أن تجمع بين المؤهلات السياحية والمرافق، إذ يجد الصغار ضالتهم في اللعب في فضائهم الخاص، حيث توزعت فيه ألعاب كثيرة، على غرار الباخرة والأرجوحة السريعة، وكذا سباق السيارات وركوب الخيل، كما يجد الكبار راحتهم في الجلوس تحت ظل الأشجار الكثيفة شديدة الاخضرار، التي تعطي راحة نفسية عميقة للمشاهد، إذ يتم افتراش الأرض لتناول وجبة الغذاء، أو العشاء لمن أراد أن يستمتع بزرقة البحر، أو مشاهدة جمال النجوم وتلألئها ليلا، أو الاستمتاع بقهوة العصر، من خلال الالتفاف حول المائدة الخشبية المعدة لاحتضان العائلات القادمة إلى الحديقة.
فضاءات خاصة ساحرة
إلى جانب الحدائق العمومية، ظهرت في السنوات الأخيرة، حدائق خاصة ومراكز ترفيهية توفر خدمات إضافية، على غرار المقاهي والمطاعم وسط المساحات الخضراء. وكذا مناطق لعب للأطفال بأمان، وفضاءات للرياضة في الهواء الطلق، كاليوغا والجري. وحتى التزحلق بالحبال بين المسافات الطويلة، كما هو الحال في حديقة خاصة بتيبازة، حيث تزينت بمختلف النباتات، إلى جانب مكان خاص للحيوانات الجميلة، على غرار الغزلان، القردة الصغيرة وكذا الطيور، بمختلف أشكالها وأنواعها، كما تقدم خدماتها المختلفة من طعام وشراب وقهوة وشاي.
مركب "ألما" بودواد البحري وجهة حالمة
توفر الكثير من الأماكن السياحية تجربة أكثر خصوصية وهدوءً، وهي مثالية للمناسبات الصغيرة أو الاحتفاليات العائلية بأعياد الميلاد، حيث صادفنا التفاف الكثيرين حول الكعكعة، وسط ديكور جميل وخاص، لاسيما في الأماكن التي عمد أصحابها إلى تخصيص مكان لهذا النوع من الاحتفالات، مثل المركب السياحي "الما"، الواقع ببودواو البحري، الذي يقدم لزواره ترفيها مميزا للأطفال في الألعاب المائية، في المسبح الخاص بالصغار، كما تحتضن أطراف المسبح والحديقة المحاذية له العائلات والأطفال، الذين يسهرون بها لساعات متأخرة من الليل، في وجود الحراسة والأمن والطمأنينة، الحفلات والترفيه للأطفال مبرمجة هناك، بحضور مختصين في عالم الطفولة، من مهرجين ومختصين في ألعاب الخفة، استطاعوا أن يزرعوا القهقهة الظريفة في ربوع المكان، لتختبئ في صندوق الذكريات أيضا لدى كل طفل، إذ يجمع المكان بين جمال الطبيعة وزرقة البحر الهادئة، كما يستمتع زواره اليومين أو المقيمين، بمشاهدة أجمل أنواع الورود مختلفة الألوان، والموزعة حول الشاليهات، على امتداد البصر، كما تشكل حديقته الغناء مصدر راحة نفسية عميقة للزوار، لاسيما أرجوحتها العملاقة التي تشهد استقطابا منقطع النظير.