إسدال ستار الألعاب الإفريقيـة المدرسيـة
الجزائر تصنع مجد القارة السمراء

- 170

شهدت منافسات الطبعة الأولى للألعاب الإفريقية المدرسية التي أُسدل الستار على فعالياتها أمس، بأربع مدن جزائرية؛ سطيف، وقسنطينة، وسكيكدة وعنابة، تنظيما محكما، وتهيئة ميدانية محترفة، حيث ساد الانضباط الفني، ووفرت اللجنة المنظمة كل الشروط الضرورية لضمان نجاح هذه الطبعة الأولى من الألعاب المدرسية القارية. كما عرفت التظاهرة حضورا جماهيريا لافتا، خاصة من العائلات المحلية، ما أضفى طابعا احتفاليا، عزّز الروح التنافسية بين الوفود المشاركة.
اختُتمت التظاهرة الرياضية المدرسية وسط تحد كبير رفعته الجزائر لأجل إنجاح هذا الحدث. وراهنت على اكتشاف مواهب رياضية صاعدة في مختلف التخصصات الرياضية الفردية منها والجماعية. ورسّخت صورة إيجابية عن قدرة التلاميذ الرياضيين على التمثيل المشرف في المحافل الدولية، متى توفرت لهم الرعاية والتأطير.
وبهذا التنظيم المحكم والإشادة بحسن الاستقبال والإقامة ستكون الجزائر بلغت الرهان المسطر من استضافة الألعاب المدرسية الإفريقية، التي جاءت تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والمتمثل في تجسيد شعار النسخة الأولى من التظاهرة الرياضية القارية، لأن تكون: "رافعة لتطوير الرياضة المدرسية في إفريقيا" أولا. وثانيا أن تشكل فرصة لبناء جيل من الرياضيين يعمل على تحقيق الإنجازات، وتجسيد "انطلاقة حقيقية لأبطال الغد".
وقد فتحت هذه المشاركة الباب أمام الهيئات الرياضية الإفريقية لمزيد من الاستثمار في الفئات الشابة، والعمل على تطوير برامج التكوين، وتوسيع القاعدة السفلى التي تجمع بين القوة والانضباط، وعليه كان أبطال الجزائر في الموعد، وفي مستوى الحدث القاري. ورفعوا التحدي بتحقيق إنجازات كبرى، واعتلاء منصات التتويج في مختلف المنافسات والتخصصات. وأهدوا الجزائر ميداليات نفيسة، جعلتها تحتل الصدارة في جدول ترتيب الميداليات، بمجموع 223 موزعة على 97 ذهبية، و73 فضية و53 برونزية، متقدمة على مصر التي جمعت 110 ميدالية (58 ذهبية، و30 فضية و22 برونزية)، ثم تونس بمجموع 141 ميدالية (28 ذهبية، و64 فضية و49 برونزية)، حسب الجدول الرسمي الصادر عن اللجنة المنظمة.
نتائج واعدة في قادم الاستحقاقات
تألقُ رياضيّي "الخضر" كان نتيجة حتمية لعمل مشترك ومتواصل، بداية بالسلطات العليا للبلاد التي لم تدخر جهدا في توفير الظروف الملائمة لهذه التظاهرة الرياضية الإفريقية، وعلى رأسها البنية التحتية الرياضية، التي باتت تمتلكها الجزائر، وأهّلتها لاحتضان المنافسات القارية الكبرى عن جدارة، وجاهزية مرافقها لاستقبال الوفود المشاركة، إلى جانب المدربين والرياضيين، الذين كانوا، بدورهم، في الموعد لتحقيق الفوز، وتسطير مشوار بارز نحو مسيرة احترافية في مجال الرياضة، من خلال المرافقة، ومواصلة التكوين؛ استعدادا لمنافسات دولية أخرى.
وفي هذا الشأن، أكد مصطفى براف، رئيس اللجان الأولمبية الإفريقية، أن: ‘’هذه المنافسة القارية هي خطوة نحو تكريس الريادة الإفريقية، ومكمن مواجهة التحديات التي تصب في اتجاه إعلاء الراية الرياضية المدرسية في إفريقيا’’، موجها الشكر إلى مسؤولي الحكومة الجزائرية وولاتها في عنابة، وقسنطينة، وسطيف وسكيكدة، على توفير الإمكانات اللازمة لإنجاح هذا العرس الإفريقي. وتمثل هذه الألعاب القارية الأولى من نوعها، على حد قوله، منطلقا للقيم النبيلة التي توحد شعوب إفريقيا، وتؤسس للّبنة الأولى للوحدة، مبرزا في الوقت نفسه، أن الرياضة المدرسية هي الأساس لتطوير الرياضيين الشباب الذين سيكونون أبطال المستقبل.
وبالنظر إلى النتائج المحققة في دورة الجزائر 2025، أكد مصطفى براف أن لألعاب دورة الجزائر 2025 تُعد نقطة تحول في تاريخ الرياضة الإفريقية، من خلال مساعدة الأطفال عبر الرياضة، ليصبحوا مواطنين أكفاء في المستقبل، قائلا: " نسخة الجزائر تُعد تأكيدا على الالتزام العميق بأن تكوين الفرد يبدأ من المدرسة كحاضنة للمواهب، وخزان للطاقات الرياضية".
بروز ملحوظ للمشاركين الجزائريّين
عرفت الطبعة الأولى للألعاب الإفريقية المدرسية بروزا ملحوظا للمنتخبات الجزائرية للشباب خلال المنافسات، التي شاركت لأول مرة، في العديد من الاختصاصات، وهو ما عدّه المتتبعون ملفتا للانتباه، ومشجعا لتلك العناصر التي بسطت سيطرتها، ولأول مرة، على الرياضات التي شاركوا فيها. وتعلق الأمر برياضات المصارعة، والجيدو، والملاكمة، وألعاب القوى، والتجذيف الشاطئي، والكانوي كياك، والدراجات والمبارزة.
وفي تقييمه للمستوى الفني للمنتخبات الجزائرية المشاركة في هذا الحدث، قال رئيس اللجنة التقنية للتنظيم الرياضي، إدريس حواس: " هذه الطبعة الأولى من الألعاب التي رفعت فيها الجزائر تحديا كبيرا في تنظيمها، عرفت تألقا ملفتا، وسيطرة كلية لرياضييها في أغلب الاختصاصات"، مضيفا: "المستوى كان جيدا في بعض التخصصات كالمصارعة، والجيدو، وألعاب القوى والملاكمة. وهي تؤكد التكوين القاعدي الجيد الذي يحظى به الجيل الجديد من الرياضيين المتمدرسين". وتابع في هذا الشأن: "هذه الدورة سمحت ببروز أسماء جديدة، أبانت عن إمكانيات فنية وبدنية معتبرة. وقد سجل فيها الجزائريون أرقاما مشرفة في ألعاب القوى مثلا، وهو ما يعكس عمق العمل التحضيري والجاهزية النفسية والبدنية لهؤلاء الشباب، قبل مواعيد رياضية دولية هامة؛ كالألعاب الأولمبية للشباب بالسنغال 2026".
ومن جهته، ذكر نائب رئيس لجنة الإعلام والاتصال للألعاب المدرسية الإفريقية، ياسين مبروكي، أن الرياضيين الجزائريين "تمكنوا من فرض أنفسهم في العديد من التخصصات الرياضية. ونافسوا، بقوة، نظراءهم من الدول الإفريقية. وقد عرفت المشاركة الجزائرية تألقا ملحوظا على المستويين الفني والتكتيكي، حيث أظهر المتبارون قدرات واعدة، تؤكد جودة التكوين". وختم بالقول: "بشكل عام، قدّم ممثلو الجزائر أداء فنيا مشرفا في هذه الدورة.
وأثبتوا أن هناك قاعدة شبانية واعدة، قادرة على حمل مشعل الرياضة الوطنية في المستقبل القريب إذا تم دعمها بالتكوين المستمر، والمشاركة المنتظمة في المنافسات والدورات الدولية، من أجل الاحتكاك بنظرائهم الأجانب، وكسب الخبرة". يُذكر أن مسابقات هذه الدورة كانت فرصة للأطقم الفنية لمختلف الدول المشاركة لاكتشاف مواهب رياضية شابة، وتأطيرها، ومرافقتها مستقبلا، لتمثيل الألوان الوطنية في قادم الاستحقاقات الدولية.