للمخرج مولود أويحيى

"المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية

"المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية
مولود أويحي
  • 159
لطيفة داريب لطيفة داريب

اختير الفيلم الروائي الطويل "المادة" للمخرج مولود أويحي للمشاركة في إقامة لوكارنو لهذا العام ضمن فعاليات مهرجان لوكارنو السينمائي التي تنطلق في السادس أوت المقبل وتستمر إلى غاية 16 منه، بغية دعم المخرجين الواعدين في تنفيذ أولى تجاربهم الطويلة، عبر مراحل توجيه فني ولقاءات مهنية تمتد على مدى عام.

تم اختيار فيلم "المادة" للمخرج الجزائري مولود أويحيى ضمن عشرة مشاريع فقط من جميع أنحاء العالم، للمشاركة في المرحلة الأولى من إقامة لوكارنو، التي تُعقد خلال الدورة الـ78 من المهرجان بين 6 و16 أوت المقبل. ومن بين هذه المشاريع، ستُختار ثلاثة (اثنان دوليان وواحد سويسري) للانتقال إلى المرحلة الثانية التي تستمر لمدة عام كامل وتشمل تنظيم ورشات مهنية عبر الإنترنت وأخرى شخصية، إلى جانب إقامات إبداعية في كلّ من البندقية وآرل.

الفيلم الذي لا يزال في مرحلة المعالجة الأولية، هو تجربة سينمائية تمزج بين الخيال العلمي والدراما الاجتماعية، وتطرح تساؤلات أخلاقية وجودية حول معنى التقدّم وحدوده، وسياقه. تدور القصة حول شخصية مهدي، عالم فيزياء جزائري شاب يعود إلى وطنه بعد سنوات قضاها في فرنسا في مجال أبحاث المواد، مسكونًا بحلم علمي يتمثّل في اكتشاف "مادة لا تفقد الطاقة". يُرافقه في هذه المغامرة صديق طفولته محمد، الرجل العملي المتجذر في بيئته المحلية، لينطلق الاثنان في رحلة أشبه بالحفر تحت جلد الأرض – حرفيًا ومجازيًا – نحو جبل عيسى، في عمق الصحراء الجزائرية.

وصف المخرج مولود أويحي مشروعه بأنّه تأمّل في العلاقة بين اللغة والواقع، مضيفا أنه انطلق من فرضية أن التقدم هو نتيجة لتغيير الطبيعة بواسطة التكنولوجيا، وتغيير المادة بواسطة العلم. ومن هنا تنشأ مشكلة تتعلق بالحدود الأخلاقية لهذا التقدم.

وأضاف أن الفيلم لا يكتفي بطرح هذه الإشكالية ، بل يُجسدها دراميًا من خلال الشخصيتين: مهدي، الذي يُجسد المنظور الحداثي الحالم، المؤمن بحتمية التغيير، ولو على حساب الواقع؛ ومحمد، الذي يُقاوم هذا التغيير باسم الاستقرار والمعنى العملي للحياة. 

رغم أن الفيلم لا يزال في مرحلة التطوير، إلا أن مشاركة "المادة" في إقامة لوكارنو تفتح أمامه آفاقًا واسعة، سواء على مستوى الدعم الفني أو الاحتكاك المهني. وفي هذا يقول المخرج: "آمل في لقاء منتجين مشاركين محتملين مهتمين بالمشروع، وكذلك موزعين يمكنهم مرافقة الفيلم لاحقًا. ما زلت في مرحلة المعالجة، وأرحب بأي تعليقات نقدية قد تثري المشروع. بالطبع، أتمنى أن أصل إلى المرحلة الثانية من الإقامة، لما تحمله من فرص تطوير حقيقية."

للإشارة، تتكفل إقامة لوكارنو بتغطية تكاليف السفر والإقامة، إضافة إلى دعم جزئي لتكاليف المعيشة خلال فترات الورشات، ما يمنح المشاركين فضاءً للإبداع والتفكير دون أعباء لوجستية.

بالمقابل، يُعدّ هذا المشروع ثمرة مسار شخصي وفني طويل للمخرج مولود أويحي الذي نشأ في الجزائر قبل أن ينتقل إلى فرنسا في سنّ مبكرة، حيث درس السينما والفلسفة، ثم اشتغل في مجال تطوير الأفلام الوثائقية. حظي فيلمه الأوّل الموسوم بـ "البيت يحترق فمن الأفضل تدفئة أنفسنا" بعرض أول خلال مهرجان "كان السينمائي"، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان "إنديليزبوا" ما أكّد موهبته اللافتة في المزج بين العمق الفلسفي والحس السينمائي البصري.

وأسّس مولود أويحي شركة إنتاج "لوي فيف" التي يشرف من خلالها على مشاريع ذات حس تجريبي وإنساني، بالتعاون مع منتجين مثل جول دافيد، الذي يشارك في إنتاج "المادة".