استكشفوا مسارات السياحية
عنابة تسحر البولونيين

- 69

استقبلت ولاية عنابة، هذا الأسبوع، فوجا سياحيا يضم 37 سائحا أجنبيا من جنسية بولونية، في خطوة جديدة، تُجسد المساعي الحثيثة التي تبذلها مديرية السياحة والصناعة التقليدية، في إطار البرنامج الترقوي السياحي الرامي إلى تثمين المقومات السياحية الهائلة، التي تزخر بها الولاية. هذه الزيارة، التي نُظمت بإشراف مصالح السياحة، لم تكن مجرد جولة عابرة، بل رحلة استكشافية غنية بالمعاني، فتحت أعين الزوار على كنوز طبيعية وتراثية فريدة، جعلت من "بونة" قبلة لعشاق الأصالة والاختلاف.
وقد تنقل السياح البولونيون بين محطات متعددة، شملت مختلف المسارات السياحية التي تميز عنابة، بداية من المسار التاريخي الذي قادهم إلى معالم تعود إلى حقب رومانية وإسلامية وعثمانية، تُروى فيها فصول من الحضارات التي تعاقبت على المدينة، وصولا إلى المسار الثقافي الذي مكنهم من الاحتكاك بالعادات والتقاليد المحلية، مرورا بالمسار الديني الذي عكس عمق الروحانية والتسامح في هذه الأرض العريقة، من خلال زيارة مواقع دينية رمزية، تُجسد التعايش والبعد الحضاري للمنطقة.
وتُعد هذه الخطوة، امتدادا لسلسلة من الزيارات المبرمجة في إطار خطة سياحية طموحة، تركز على إبراز الهوية السياحية المتكاملة لعنابة، والتي تجمع بين جمال الطبيعة البحرية والساحلية، من جهة، وسحر العمارة القديمة والمواقع الأثرية، من جهة أخرى، فضلا عن تنوع المنتوجات التقليدية والأنشطة الثقافية التي تجعل من التجربة السياحية رحلة متعددة الأبعاد.
كما كشفت مديرية السياحة، أن ولاية عنابة باتت تستقبل طلبات متزايدة من وكالات سياحية أجنبية، خصوصا من أوروبا الشرقية، مما يعكس صورة إيجابية بدأت تتشكل في أذهان المسافرين، حول الوجهة العنابية. ولم يأتِ هذا الاهتمام من فراغ، بل هو نتيجة جهود ميدانية، وورشات ترويجية، وتنسيق دائم مع الشركاء المحليين والوطنيين في القطاع، بهدف إعادة بعث النشاط السياحي بعد سنوات من الجمود.
وعن الانطباعات الأولية للفوج البولوني، عبر العديد من أفراده عن إعجابهم العميق بجمالية المدينة ونقاء جوها، وانبهارهم بالاستقبال الحار الذي حظوا به من طرف سكانها، فضلا عن انبهارهم بالتنوع الثقافي والمزيج الفريد بين الحداثة والتراث. كما التقطوا صورا تذكارية في أماكن متعددة، بدءا من "بازيليك القديس أوغسطين" التاريخية، إلى أزقة المدينة القديمة، وصولا إلى الكورنيش البحري، حيث اختلطت نسمات المتوسط برائحة التاريخ.
وفي هذا السياق، أكد والي عنابة، عبد القادر جلاوي، أن العمل جار على تطوير المزيد من المسارات السياحية، مع توسيع قاعدة الشراكات وتكوين المرشدين السياحيين، وكذا تحسين البنية التحتية المرتبطة بالاستقبال والإيواء، بما يضمن توفير ظروف مثالية للسياح، سواء من داخل الوطن أو خارجه. كما يجري الإعداد لحملات ترويج رقمية، تستهدف أسواقا جديدة في أوروبا وآسيا، لتعزيز مكانة عنابة كعلامة سياحية ذات خصوصية.
عنابة اليوم، في ضوء هذه الديناميكية، لا تكتفي بتقديم نفسها كوجهة صيفية فحسب، بل تُعيد رسم معالمها كمدينة سياحية ذات طابع سنوي، تستقطب الزوار على مدار العام، بفضل ما تملكه من مؤهلات طبيعية وثقافية وروحية. هي مدينة تتحدث بلغة الجمال والتاريخ، وتُرحب بالآخر بابتسامة المتوسط، وهي تمضي بثبات نحو ترسيخ اسمها على خارطة السياحة المتوسطية والدولية. عنابة وجهةٌ تنبض بالحياة، وتعدُ بالكثير لمن يختارها ملاذا لاكتشاف الذات، وسحر التفاصيل، وروح الانتماء.