تهيئة وعصرنة 8 خطوط كبرى ضمن البرنامج الوطني

السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية

السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية
  • 165
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

❊ إعادة توزيع الثقل الاقتصادي وتوسيع نطاق التنمية خارج المراكز التقليدية

❊ ربط الشمال الصناعي بالجنوب الثري بالموارد

❊ ترسيخ حضور الدولة بالفضاءات البعيدة وتعميق الاندماج الوطني بين الأقاليم

❊الخط الشمالي الجزائر- تلمسان.. تجسيد مفهوم المحور الاقتصادي المندمج

❊خط الهضاب العليا.. رافعة للتكامل الجهوي وواجهة لديناميكيات الاستثمار

❊ كسر العزلة عن مدن الهضاب وتمكينها من أداء دورها الاقتصادي

❊ الخطوط المنجمية لاستغلال أمثل للموارد الباطنية 

❊الخطوط الاختراقية.. فك العزلة عن الجنوب وربطه بالنسيج الوطني

❊ مخطط مستقبلي للجنوب الشرقي والغربي 

❊ ارتفاع طول الشبكة إلى 4887 كلم في 2024 وتسليم 275 كلم مطلع 2025

تعكف السلطات العمومية على إنجاز وتحديث وعصرنة 8 خطوط كبرى للسكة الحديدية ضمن البرنامج الوطني الخاص بالقطاع، كبنية تحتية استراتيجية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في ظل التحولات الاقتصادية والتقلبات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، متجاوزا كونه مجرد مشروع بنية تحتية للنقل إلى أداة لإعادة هندسة الخريطة التنموية للبلاد.

يجسد البرنامج الوطني لتطوير شبكة السكة الحديدية بالجزائر رؤية شاملة لإعادة توزيع الثقل الاقتصادي وتوسيع نطاق التنمية خارج المراكز التقليدية، عبر ربط الشمال الصناعي بالجنوب الثري بالموارد.

ومن خلال مد الخطوط إلى أعماق الصحراء، تعمل الدولة على ترسيخ حضورها السيادي في الفضاءات البعيدة وتعميق الاندماج الوطني بين مختلف الأقاليم، حسب وثيقة البرنامج، الذي تحصلت عليه "المساء" من الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية. ويخص هذا البرنامج 8 خطوط سككية كبرى بين تحديث وعصرنة وتثنية وإنجاز، منها ما دخلت حيز الخدمة جزئيا وتتواصل الأشغال لاستكمالها، منها مخطط إنجازها.

يتعلق الأمر بالخط المالخط الشمالي على مسافة 1250 كلم وملحقات بطول 572 كلم، الذي يعد الشريان الحيوي للشبكة الوطنية من عنابة شرقا إلى تلمسان غربا، ويربط كبريات المدن والمراكز السكانية التي تضم أكثر من 20 مليون نسمة، ويمثل همزة وصل استراتيجية مع 9 موانئ كبرى تشكل ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني. ومع اكتمال أشغال التحديث والعصرنة والتثنية على طوله، يتجه هذا الخط نحو أداء دور جديد يتجاوز النقل الكلاسيكي إلى تجسيد مفهوم "المحور الاقتصادي المندمج"، من خلال تحسين انسيابية البضائع وتيسير تنقل الأفراد، وربط مختلف البنى التحتية الصناعية والتجارية بمرافئ التصدير والاستيراد.

أما خط الهضاب العليا، فيمثل رواقا سككيا جديدا يعزز الديناميكية الداخلية من تبسة أقصى الشرق إلى سيدي بلعباس في الغرب، ويمتد على مسافة 1162 كلم عابرا أغلب المدن الداخلية ومخترقا 12ولاية يقطنها أكثر من 8 ملايين نسمة، ويعد هذا الخط الذي تم إنجازه حديثا، وفق الوثيقة، رواقا سككيا ثانيا يربط بين الشرق والغرب، ويهدف إلى كسر العزلة عن مدن الهضاب وتمكينها من أداء دورها الاقتصادي، خاصة بعد أن دخل الجزء الأكبر منه حيز الخدمة، حيث تستغل حاليا 973 كلم من الخطوط، في حين تتواصل الأشغال في آخر مقاطعه، استعدادا لخلق تقاطع استراتيجي مع الخط الشمالي عبر محور تيارت-غليزان. وبهذا الربط المنتظر يتحول خط الهضاب إلى رافعة حقيقية للتكامل الجهوي وواجهة جديدة لديناميكيات الاستثمار والإنتاج خارج المناطق التقليدية الشمالية.

في ذات السياق، سيشكل الخطان المنجميان الشرقي والغربي عند تجسيدهما حجر الزاوية في دعم الاقتصاد الوطني، القائم على استغلال الموارد الطبيعية، حيث الخط الشرقي يربط عنابة بمناجم جبل العنق وبلاد الحدبة بمشروع الفوسفات المدمج، إذ سيلعب عند انتهاء أشغال إنجازه دورا بارزا کشریان حيوي لنقل هذا المورد الاستراتيجي إلى المناطق الصناعية والموانئ. مما يعزز من تموقع الجزائر في الأسواق العالمية للمواد الفوسفاتية. ومن جانبه، يعد الخط الغربي الذي يمتد من بشار إلى غار جبيلات أحد المحاور الأساسية لاستغلال وتثمين مناجم الحديد في غار جبيلات، في إطار تعزيز مكانة الجزائر كقوة اقتصادية إقليمية وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني.

الخطوط الاختراقية.. فك العزلة عن الجنوب وربطه بالنسيج الوطني

تشكل الخطوط "الاختراقية" لاسيما الخط الشرقي والخط العابر للصحراء مسارات لفك العزلة عن الجنوب وربطه بالنسيج الوطني، حيث يمر كل منهما عبر مناطق حيوية ذات أهمية استراتيجية، إذ يمتد الخط الاختراقي الشرقي من قسنطينة إلى حاسي مسعود على مسافة 572 كلم، ويربط بين الشمال الصناعي والجنوب الغني بالموارد الطبيعية، أما الخط الاختراقي الأوسط الممتد من الجزائر العاصمة إلى تمنراست على مسافة أكثر من 2000 كلم، فينتظر أن يساهم في تنمية المناطق الصحراوية، بما يعزز قدرات التنقل والنقل بين المدن الكبرى في الشمال والمناطق الغنية بالموارد في الجنوب وتحسين جاذبية هذه المناطق للاستثمارات.

وتوضح الوثيقة، أن المخططات المستقبلية تتضمن حلقتين هامتين في الجنوب، الأولى تتعلق بالجنوب الشرقي بخط يمتد من الأغواط إلى حاسي مسعود على مسافة 425 كلم، بهدف ربط مدن الجنوب بالشبكة الوطنية وتعزيز الروابط التجارية بين وسط وشرق الجزائر، والأخرى تخص الجنوب الغربي بخط سككي على مسافة 1500 كلم بين غرداية وبرج باجي مختار، للمساهمة في تسهيل التنقل وتعزيز التبادل التجاري بين مدن وسط الصحراء ومواصلة الاندماج في المحيط القاري بما يعزز مكانة الجزائر كمركز تجاري إقليمي. وقد ارتفع طول الشبكة الوطنية للسكة الحديدية المستغلة إلى 4887 كلم خلال 2024. كما استطاعت وكالة "أنسريف" مطلع 2025 تسليم 275 كلم من خطوط السكة الحديدية.