"أونروا" تعتبر ما يحدث في القطاع يفوق وصف الكارثة
170 منظمة إنسانية تطالب بوقف عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"

- 212

طالبت أكثر من 170 منظمة إنسانية غير حكومية، أمس، بوضع حد لنظام توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة والذي يشرف عليه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، بعد تحوله إلى مصيدة للموت، راح ضحيتها قرابة 600 فلسطيني من الباحثين عن لقمة العيش.
طالبت هذه المنظمات بالعودة إلى الآلية التي كانت معتمدة إلى غاية شهر مارس الماضي عندما كان توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يتم بالتنسيق بين عدة منظمات غير حكومية ووكالات الأمم المتحدة، قبل أن تفرض إسرائيل بدعم مفضوح من واشنطن آلية مساعدة جديدة تحت اسم "مؤسسة غزة الانسانية".
وأنشأت هذه المؤسسة "المصيدة" مراكز توزيع الغذاء في مناطق متفرقة في القطاع تستقطب الجوعى من السكان المحاصرين ثم بعدها يتم إطلاق الرصاص الحي عليهم من قبل جنود الاحتلال في مشاهد مروعة تتكرر يوميا منذ شهر ماي الماضي.
وهو ما جعل هذه المنظمات تطالب، في بيان مشترك، بتحرك فوري لوضع حد لهذه الآلية الاسرائيلية التي عارضتها الأمم المتحدة وغالبية المنظمات الإنسانية الناشطة في غزة بشدة ورفضت التعامل معها مشككة في تمويلها واهدافها. كما دعت أيضا لرفع الحصار الصهيوني المفروض على القطاع وازداد حدة في العشرين شهرا الاخيرة مع استمرار العدوان الصهيوني الجائر على هذا الجزء المنكوب من الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ويأتي هذا البيان المشترك بعد إقرار جنود الاحتلال بانهم تلقوا أوامر من قادتهم بإطلاق النار على الفلسطينيين المتكدسين في طوابير طويلة أمام مراكز توزيع الغذاء التابعة لـ"مؤسسة غزة الانسانية" رغم أنهم لم يكونوا مسلحين ولا يشكلون أي خطر أو تهديد.
ومن بين الموقعين على البيان منظمات انسانية غير حكومية اوروبية ومن الولايات المتحدة وحتى من قلب الكيان نفسه ناشطة في مجال المساعدة الطبية والغذائية والتنمية وحماية حقوق الإنسان.
وتقاطع البيان مع التحذير الذي اطلقه أمس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان ابو حسنة، الذي حذر من ان هذه المؤسسة، التي تسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" ستفشل، وأن ما تقوم به ليس له علاقة بالعمل الإنساني، مستدلا في ذلك بنسبة الذين قتلوا او جرحوا في غزة التي تعادل 10 بالمئة من الكسان، والتي ابدى مخاوف من ارتفاعها في امر اكد هذا المسؤول الاممي انه "لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن". وقال ابو حسنة ان "ما يحدث في غزة لا يمكن وصفه بالكارثة... يجب اختراع اسم آخر لوصفه، لأن ما يحدث في غزة، هو ما بعد الكارثة".
مدير الصحة في غزة يطلق صرخة ألم
أطلق المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، صرخة ألم وصف فيها الواقع الصحي بأنه مشهد مفتوح للموت، محملا المؤسسات الدولية مسؤولية التواطؤ والصمت على ما وصفه بـ"الذبح على الهواء مباشرة". وأوضح في تصريحات صحافية أمس، أن ما يجري في القطاع تجاوز كل حدود المعاناة، مشيرا إلى أن السكان يواجهون "كل أشكال الموت الممكنة" بدءا من المجازر اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال وصولا إلى الأمراض القاتلة التي تتفشى في ظل انعدام مقومات الرعاية الصحية. وتحدث عن المجزرة المروعة التي وقعت أول أمس، في ميناء غزة وراح ضحيتها عشرات المدنيين، واصفا المشهد بأنه "صادم" وقد تناثرت جثث الضحايا في المياه بعد استهدافهم بشكل مباشر، مؤكدا أن عدد الشهداء ارتفع ليصل لـ44 إلى جانب عشرات الجرحى والمفقودين.
وكشف بأن الاحتلال ضيق الخناق على وزارة الصحة، وبدلا من تزويدها بالوقود أسبوعيا، أصبح يسمح بتسليمه يوما بيوم. وهو ما أدى إلى تعطيل خدمات حيوية كغسل الكلى. الأمر الذي وصفه بـ"المفاضلة بين موتين"، إذ يضطر الأطباء إلى تحديد من يموت أولا. وشرح البرش خطورة نفاد الوقود، مؤكدا أنه يتسبب في إطفاء غرف العمليات والعنايات المركزة ويهدد حياة كل مريض يحتاج إلى جهاز إنعاش أو تبريد أدوية أو لقاحات. وقال إن الدقيقة الواحدة من التأخير قد تكلّف حياة إنسان، خصوصا في ظل ارتفاع أعداد الإصابات والمرضى بشكل يومي، محذرا في نفس السياق من تفشي مرض التهاب السحايا بين الأطفال بصورة مقلقة في ظل بيئة صحية منهارة.
مستوى المعاناة والوحشية في القطاع لا يطاق
أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، أن مستوى المعاناة والوحشية في قطاع غزة لا يطاق جراء تواصل العدوان الصهيوني واستهدافه للمدنيين والمرافق الصحية.
وفي إحاطته أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي، مساء أول أمس، التي خصصت لمناقشة التقرير الربع سنوي للأمين العام الأممي بشأن تنفيذ القرار 2334، جدد خياري إدانة الأمين العام للأمم المتحدة عمليات القتل والإصابة واسعة النطاق التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين في غزة بمن فيهم الأطفال والنساء وتدمير المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد، لافتا إلى أن "استمرار العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني أمر لا يمكن تبريره". وأعرب المسؤول الأممي عن قلقه بشأن العلميات العسكرية للاحتلال الصهيوني بالقطاع، الذي تحولت مساحات واسعة منه إلى مناطق غير صالحة للسكن، مؤكدا رفضه التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة والذي يشكل "خرقا لالتزامات القانون الدولي". وأدان خيارين، استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين جراء العدوان الصهيوني أثناء انتظارهم الحصول على المساعدات، داعيا إلى ضرورة "إجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الأحداث ومحاسبة الجناة".
وحذر المسؤول الاممي من أن تصاعد العنف بالضفة الغربية المحتلة "أمر مقلق"، مشيرا إلى أن العمليات التي شنتها قوات الاحتلال أدت إلى ارتفاع عدد الشهداء بمن فيهم نساء وأطفال ونزوح أعداد كبيرة من السكان وتدمير المنازل والبنية التحتية، خاصة في مخيمات اللاجئين.
وأعرب في الختام عن "قلقه البالغ" إزاء التوسع الاستيطاني الصهيوني المتواصل في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن "اتساع الرقعة الاستيطانية يسهم في عنف المستوطنين ويرسخ الاحتلال ويعيق حرية تنقل السكان ويقوض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".