معرض كمال بلطرش وماريا والتسوفا برواق راسم
حين يصدح اللون بالفن والأصالة

- 218

في مثل هذا الجو الحارق، جولة في رواق محمد راسم للانتعاش بالألوان الزاهية التي تتراقص في لوحات الفنانَين كمال بلطرش وماريا والتسوفا، مستحبة جدا، خاصة اللون الأزرق بكل تدرجاته، والذي يدفع بالزائر الى تخيّل نفسه يسبح في البحر بكل رشاقة، بعد أن جال وصال في القصبة، ووقف طويلا أمام أبواب دويراتها المتميزة.
يتواصل برواق محمد راسم معرض الفنانين الزوجين كمال بلطرش وماريا والتسوفا تحت عنوان: " يتحدث اللون كل اللغات" . ويضم العديد من اللوحات الجديدة التي تشترك جميعها في قوة اللون الفارض لنفسه، والمعبر بكل صدق عن موضوع العمل.
وبالمناسبة، تحدّث الفنان كمال إلى "المساء" ، عن حيثيات هذا المعرض، فقال إنه أراد في بعضه تكريم المخرج جمال بن ددوش من خلال عرض 19 لوحة من ضمن 150 لستوري بورد فيلمه "أزرقي الأنديجان" ، أنجزها بصفته سينوغراف.
وقال كمال إن السينوغراف يسهل من مهمة المخرج من خلال رسم مشاهد الفيلم، ومن ثم تقديمها له جاهزة، وهو ما فعله بالنسبة لفيلم " أزرقي أنديجان" وكذا فيلم "جبل باية" للمخرج عز الدين مدور، ليقوم بعرض اللوحات الخاصة بفيلم ددوش في هذا المعرض؛ تكريما له، علما أنه رسمها بالقلم بعد زيارته لبسكرة، والتعرف عليها عن قرب.
وفي هذا السياق، رسم كمال بتقنية ستوري بورد، مشاهد من فيلم بن ددوش مثل قنطرة بسكرة، ومشهدا عن تخريب المجاهدين لكوابل ومقبرة مسيحية، والسوق وغيرها.
أما عن اللوحات الجديدة التي يعرضها كمال فهي عنوان مشروع طالما حمله في قلبه، ليجسده أخيرا، ويقدمه للجمهور، والمتمثل في رسم بعض أبواب دور القصبة الجميلة والعتيقة والملونة، والتي تحمل تفاصيل مميزة باستعمال تقنية الفن المائي.
وأشار كمال الى جمال هذه الأبواب التي لا تشبه بعضها البعض، مضيفا أنه رسمها بكل وفاء، وأدخل عليها روحا يخيل لزائر المعرض أنها حقيقة، وأنه يمكن الولوج إليها بكل حب.
وعبّر الفنان عن سعادته بتحقيق مشروعه هذا بعد أن رسم القصبة أكثر من مرة، لكنه قرر مؤخرا، أن يتخصص في رسم أبوابها الشامخة، التي تحمل كل واحدة منها، قصة وسيرة.
وبالمقابل، تعرض الفنانة ماريا والتسوفا مجموعة من اللوحات الجديدة، رسمتها بعد أن انبرهت بجمال مسمكة الجزائر، ومناظرها التي تسحر الألباب فعلا. ففي أحد الأيام زارت المسمكة عند مطلع النهار رفقة زوجها كمال، وشدّها لون الماء والسماء خاصة بعد مرور يوم ممطر، فقررت أن تجسد هذا الإعجاب الشديد بلوحات رسمت فيها المسمكة في أوقات مختلفة من اليوم، ومعها تدرجات الأزرق التي زادت من اللوحات جمالا. ورسمت ماريا البواخر الراسية في المسمكة، وبعض البنايات المجاورة لها، علاوة على المناظر الطبيعية من زرقة للسماء يخالطها شيء من اللون البرتقالي رمز لغروب الشمس. أما لون البحر فهو، أيضا، أزرق، لكنه مختلف، وأحيانا يتقاطع مع
لون السماء؛ في مشاهد أقل ما يقال عنها رائعة.
وتعرض ماريا لوحات عن غرداية التي أعجبت بها أيضا، من بينها لوحة أعادت رسمها ولكن هذه المرة بحجم كبير، تظهر فيها البنايات بشكل متراص، لكل منها لونها الخاص، بالإضافة الى لوحات أخرى مثل تلك التي رسمتها عن قلعة الجزائر وبجاية. كما تستعمل ماريا في رسوماتها تقنية الأكوارال (الفن المائي) تحديدا، التي تعتمد على العسل. وهي تقنية روسية تُمكّن من الحفاظ على "حياة اللوحة" ؛ أي أنها تساهم في استمراريتها، وعدم تعرضها للتلف بفعل الزمن.
للإشارة، زوّد الفنانان كمال وماريا لوحاتهما بقصاصات تحمل أقوال وحكم أدباء وفنانين؛ مثل مقولة بيكاسو: "الفن ينظف روحنا من غبار الحياة اليومية" ، ومقولة ليوناردو دافينتشي: "اجعل من لوحتك نافذة مفتوحة دائما للعالم" ، وأخرى لياسمينة خضرا: "حينما نمر عبر الجزائر العاصمة فإننا نمر عبر المرآة. نصل بروحنا، ونذهب بروح أخرى جديدة، رائعة".