ملتقى"راهن الشعرية الجزائرية، جماليات الكتابة الجديدة"
إعادة التموقع في زمن التحوّلات الكبرى

- 109

ينظم بيت الشعر الجزائري في الفترة الممتدة من 7 إلى 10 جويلية المقبل برئاسة جامعة الجزائر 2 ملتقاه العلمي الثالث عن "راهن الشعرية الجزائرية، جماليات الكتابة الشعرية الجديدة"، وذلك بالتعاون مع مخبر تحليل الخطاب بجامعة "مولود معمري" بتيزي وزو ، ومخبر الخطاب الصوفي في الأدب واللغة بجامعة الجزائر 2. ويطرح الملتقى راهن الشعر في زمن التحولات الكبرى حيث تراجعت السرديات، وتغيرت المعاني والانتماءات، ليصرّ الشعر على البقاء، وعلى إعادة تموقعه بوصفه مساحة للجمال وللمقاومة الرمزية.
يطرح الملتقى إشكالات عميقة تتعلّق بموقع الشعر في الثقافة الجزائرية المعاصرة، وبتغيّر أشكاله وتعبيراته، وبكيفية تلقيه في الأوساط النقدية والأكاديمية والإعلامية.
جاء في ديباجة الملتقى أنّ العالم يتغيّر بسرعة ويفقد ملامحه الإنسانية المألوفة وتتراجع فيه السرديات الكبرى بقيمها وحدودها وقضاياها وتنشأ سرديات جديدة لم تحقّق بعد إجماعا عليها، يضطلع الشعر بمهامه وهو ينوء ببقايا عداء مستحكم في الثقافات الاستهلاكية والاتصالية المستعجلة لتحقيق متطلبات المردودية السياسية والاجتماعية.
الشعر خزّان لقيم الحق والخير والجمال
جاء أيضا أنّ الشعر يختزن طاقات خلاقة للبقاء وترسيخ قيمة الإنسان والدفاع عن القيم الجمالية الخالدة والعابرة لكلّ الفلسفات والذاهب: قيم الحق والخير والجمال.
في ظلّ هذه التحوّلات يشهد العالم تغيّرات، بطيئة لكنّها ثابتة، في خرائطه الثقافية وانحيازاته الإيديولوجية ومعها تتغيّر الخرائط الجمالية، والجزائر تشهد ملامح تغيّر عميق في موقع الشعر في الثقافة الوطنية وفي اهتمامات المعنيين به والمتابعين لتطوّر الساحة الإبداعية، وهكذا تتعايش في الخريطة الشعرية الجزائرية أشكال وتعبيرات شعرية لم يتسن لها ذلك في ثقافات أخرى، وفي نفس الوقت نشهد تحوّلات في الكتابة الشعرية بكلّ أشكالها مع توالد أشكال وتسميات جديدة شاعت لدى الباحثين والمبدعين بما يشي بوجود عوامل موضوعية تحكم هذه التحوّلات وتدفعها نحو النضج ما يستدعي رصدها وطرحها للبحث الأكاديمي والمساءلة المنهجية بروية وتبصر دون إقصاء لشكل من الأشكال أو التحيز لنوع دون آخر.
زحف التجديد والتجريب نحو الأشكال التقليدية
تم التأكيد أيضا من خلال ذلك أنّ ظاهرة "الجِدّة" تشمل التجديد والتجريب في الأشكال التقليدية (القصيدة العمودية والتفعيلة والنثرية) بقدر ما تشمل الأشكال والتسميات الجديدة (الومضة، الهايكو، الشذريات ...) وتلك هي الخلفية التي تقف وراء العنوان العام للملتقى "جماليات الكتابة الشعرية الجديدة في الجزائر".
تتضمّن الديباجة عدّة تساؤلات تطرح خلال هذه الفعالية العلمية منها "ما هي أشكال الكتابة الجديدة؟" و"ما الدلالات الثقافية والإبداعية لظهورها؟" و"ما هي الخلفيات الجمالية والفلسفية التي تقف وراء تعايش هذه الأشكال؟" و"ما هو موقعها في خريطة الإبداع الثقافي الوطني؟" و"ما موقعها من تحولات خرائط الشعرية في العالم ؟".
إبداع ونقد انطلاقا من الواقع الجزائري
يتأكّد أنّ هذه الهواجس التي تبدو نقدية بقدر ما هي إبداعية لجديرة بالبحث من خلال طرح رصين ينطلق من واقع الإبداع الشعري الجزائري في راهنه وعبر تاريخه القديم والحديث دون أن يفرض عليه خطاطه تطوّر مستجلبة من آفاق ثقافية بعيدة عنه ويستدعي تطوير رؤية نقدية جديرة بهذا الواقع الإبداعي بآفاق نظرية وأدوات منهجية قادرة على استجماع عناصر الظاهرة وتشريحها بكفاءة.
انطلاقا من هذه الانشغالات يطرح الملتقى عدة محاور الأول منها خاص بـ "جماليات الأشكال الشعرية: القصيدة العمودية، قصيدة النثر، قصيدة الهايكو، الشذريات والومضة والنص المفتوح." أما المحور الثاني فيتناول "إشكاليات تلقي الكتابة الشعرية الجديد، :تلقي الكتابة الشعرية الجديدة في الوسط النقدي الأكاديمي وحضور الكتابة الجديدة في النشر والإعلام والوسائط الاجتماعية". في المحور الثالث هناك "الخصائص الموضوعاتية للكتابة الشعرية الجديدة: الوطن و الطبيعة والذات والآخر والحياة والموت والعبث". فيما يخصّ المحور الرابع "آفاق الكتابة الشعرية الجديدة في ظل التحولات الراهنة:موقع الشعر والشاعر في الجبهة الثقافية وشبكات التأثير العالمية، والترجمة سبيلا للانتشار والعالمية و الهويات الشعرية."
وقفة تعرف على الأشكال الشعرية الجديدة
للإشارة، يرمي الملتقى إلى الوقوف على التجليات المختلفة للكتابة الشعرية الجزائرية الجديدة وخاصة من خلال التعرف على الأشكال الشعرية الجديدة ،والوقوف على خلفياتها الجمالية واشتراطاتها الإبداعية، وفهم التحولات الشكلية باعتبارها حاملا لتحولات في الرؤية الثقافية والإبداعية،والتعرف على المبدعين وانشغالاتهم وهواجسهم الإبداعية،والوقوف على دور الشعر في التحولات الراهنة، والوقوف على تجارب الترجمة ومنابر التواصل عبر العالم، ومواكبة التحولات الثقافية والإبداعية من طرف المبدعين أنفسهم والباحثين والإعلام.
كما يتضمّن الملتقى مهرجانا شعريا يشارك فيه الشعراء وورشات للباحثين والمترجمين ومعرضا للمؤلفات الشعرية والنقدية، في محاولة لربط النص بسياقه، وتفعيل العلاقة بين المبدع والباحث والجمهور، وكسر العزلة التي قد يعيشها الشعر في زمن الوسائط السريعة.
يمثل الملتقى، كما يؤكّد رئيسه عبد القادر مكاريا، منصة لتشريح المشهد الشعري الجزائري الحديث، واستكشاف تحولات القصيدة من العمودية والتفعيلة إلى النثرية، ومن النص الكلاسيكي إلى الهايكو، والومضة، والشذريات، بوصفها تجليات لتغيرات جمالية وفلسفية أعمق، تواكب تشظي الذات وتبدل الرؤى في العصر الرقمي والمضطرب.
تسهر على تأطير هذا اللقاء لجنة علمية مرموقة يترأسها الأستاذ الدكتور عبد القادر رابحي، وتضم أسماء وازنة في الحقل الأكاديمي والنقدي منها الدكاترة عاشور فني وأمينة يعلى وعلي ملاحي وعبد الله العشي وآخرون، ما يمنح للملتقى وزنا معرفيا معتبرا، ويعد بنقاشات ثرية تنطلق من الواقع الثقافي المحلي نحو أفق أرحب من التفاعل العالمي. من جهتها، تعد لجنة مهرجان الشعر فضاءً مكمّلاً للنقاش الأكاديمي، من خلال قراءات شعرية حية وأمسيات تتيح تلاقي التجارب الشعرية المختلفة، في سياق تفاعلي بين الأجيال والمدارس والأساليب.
أكدت اللجنة العلمية للملتقى على أن 15ماي 2025 آخر اجل لاستلام الملخصات، ترسل الملخصات والمداخلات في الآجال المحددة إلى العنوان التالي:عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.