بشأن توصيل المساعدات إلى غزة
رفض أممي ودولي لخطة الاحتلال الصهيوني

- 26

قوبل مخطط حكومة الاحتلال للسيطرة على المساعدات الإنسانية الموجّهة لقطاع غزة برفض أممي وفلسطيني واسع لما يتضمنه من نوايا مبيتة للتحكّم في مقومات الحياة ضمن مسعى آخر لفرض مزيد من الضغط الرهيب على السكان والمقاومة على السواء.
ورفضت الأمم المتحدة اقتراح الكيان الصهيوني استئناف توصيل المساعدات إلى غزة تحت سيطرة قواته وبموجب شروط يحدّدها جيش الاحتلال، مؤكّدة أن الاستراتيجية المقترحة "ستنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية". وأفاد فريق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة بأن خطة الكيان الصهيوني "ستنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية، حيث تهدف إلى تعزيز السيطرة على المواد الضرورية للحياة كتكتيك للضغط في إطار استراتيجية عسكرية".
وحذّر من أن الاستراتيجية المقترحة "ستجبر المدنيين على دخول مناطق عسكرية لجمع الحصص بما يعرضهم وعمال الإغاثة للخطر ومن المرجح أن تسهم الخطة في المزيد من النزوح القسري"، مشيرا إلى أن المنظمة الأممية "لا تستطيع سوى دعم الخطط التي تحترم المبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والاستقلالية والنزاهة".
ونفس التحذير أطلقه أمس، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "اوتشا"، الذي أكد أن خطة الكيان الصهيوني بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر مراكز خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال، وبشروط أمنية تعسفية "تتناقض مع المبادئ الإنسانية الأساسية".
وأشار المكتب، في بيان علق فيه على الخطة الصهيونية المقترحة، أن هذه الأخيرة تعرّض حياة المدنيين وجهود المساعدات الإنسانية للخطر وتعزّز التهجير القسري، محذّرا من أن محاولة توجيه المدنيين إلى مناطق الصراع لتلقي المساعدات الغذائية تعني أن "أجزاء كبيرة من غزة ستظل بلا غذاء". ووضع المكتب الأممي الكيان الصهيوني أمام مسؤولياته، حيث قال "لدينا كمية كبيرة من المخزون جاهزة للتوزيع فور رفع الحصار...ندعو قادة العالم إلى استخدام نفوذهم لتحقيق ذلك، الآن هو الوقت المناسب لرفع الحصار".
وكان المكتب الإعلامي في غزة أعرب عن رفضه القاطع لمخطط الكيان الصهيوني "الخطير" الذي يسعى لفرض آلية جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية عبر مراكز خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال وبشروط أمنية تعسفية تحوّل المساعدات من عمل إنساني محايد إلى أداة للابتزاز السياسي والعقاب الجماعي.
وأوضح المكتب في بيان له إلى أن "ما يحاول الاحتلال فرضه ليس مجرد آلية توزيع، بل هو تكريس لسياسة الحصار والتجويع واستخدام خبيث للمساعدات كأداة ضغط عسكرية وسياسية تضع أرواح المدنيين ولا سيما الأطفال والنساء وكبار السنّ في مواجهة الخطر المباشر وتقحم العمل الإنساني في أجندة الاحتلال وتعمّق من معاناة النازحين قسرا والمحرومين من أدنى مقوّمات الحياة".
وحذّر من أن "ما يجري يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي الإنساني ويؤسّس لسابقة خطيرة في توظيف العمل الإغاثي لأغراض الاحتلال. وهو ما أكدته المنظمات الدولية بصريح العبارة في بياناتها عندما عبرت عن رفضها المطلق الانخراط في أي مخطط لا يلتزم بالمبادئ الإنسانية العالمية".
وبينما ثمّن جميع المواقف المسؤولة التي عبرت عن رفض هذا المخطط الخبيث، شدّد على أن أي آلية لتوزيع المساعدات يجب أن تتم عبر المؤسّسات الدولية المحايدة ووفق نظام يضمن الوصول العادل والآمن لكل المحتاجين بعيدا عن أي تدخل من الاحتلال أو شروطه المجحفة". من جانبها ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، موقف الأمم المتحدة الرافض لأي ترتيبات لا تحترم المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، معربة عن رفضها تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي.
وفي بيان لها، تعقيبا على البيان الصادر عن عدد من المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة، وتصريحات مسؤولي الأمم المتحدة التي كشفت زيف مزاعم الاحتلال الصهيوني حول خطط توزيع المساعدات، أكدت الحركة على "رفضها بشدة تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال". وشدّدت على أن الآلية المطروحة تمثل "خرقا للقانون الدولي وتنصّلا من التزامات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف" وامتدادا لسياسة التجويع والتشتيت التي تمنح الاحتلال وقتا إضافيا لارتكاب جرائم الإبادة بما يتطلب موقفا حازما.
وثمّنت الحركة "موقف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الرافض لأي ترتيبات لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية وعلى رأسها الحياد والاستقلال والإنسانية وعدم الانحياز"، مؤكّدة أن الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة وتوزيع المساعدات هي المؤسّسات الدولية والحكومية المختصة وليس الاحتلال أو وكلاؤه.
ودعت في السياق المجتمع الدولي إلى "عدم الانخداع بروايات الاحتلال الكاذبة والعمل فورا على كسر الحصار بشكل كامل وفتح المعابر أمام تدفق المساعدات الغذائية والطبية تحت إشراف الأمم المتحدة وبعيدا عن أي تدخلات عسكرية أو سياسية".
وأبرزت "حماس" بأن "استمرار الاحتلال في منع إدخال المساعدات وتعطيل نظام التوزيع الإنساني، يكشف بوضوح تعمده صناعة المجاعة ويحمله المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة". وستتطلب آلية التسليم المقترحة موافقة الأمم المتحدة لتوزيع الإمدادات عبر نقاط التفتيش الصهيونية بموجب شروط يحدّدها جيش الاحتلال الصهيوني.
"العفو الدولية" تدعو إلى اتخاذ خطوات جادة
دعت منظمة "العفو الدولية"، امس، جميع الجهات الدولية الفاعلة إلى اتخاذ "خطوات جادة" لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين في قطاع غزة سواء باستخدام الأسلحة العسكرية أو سياسات التجويع التي جعلت القطاع "خاليا تماما من الطعام".
وفي تصريح صحفي، طالبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، هذه الجهات بالضغط على الكيان الصهيوني من أجل إدخال المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى قطاع غزة والعمل على محاسبة المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
وأشارت كالامار إلى الوضع الإنساني المتدهور في غزة والذي تفاقمت حدّته مع فرض الكيان الصهيوني حصارا مطبقا على القطاع الفلسطيني منذ الثاني مارس الماضي، وحذّرت نفس المسؤولة من خطورة الوضع في قطاع غزة بسبب نفاد الغذاء وكافة مقومات الحياة، خاصة بعد استئناف الكيان الصهيوني حرب الإبادة في مارس الماضي.ووصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية الأوضاع في عموم القطاع الفلسطيني بأنها "مرعبة للغاية"، مؤكدة أن ما يجري في غزة هو "إبادة جماعية على مسمع ومرأى الجميع".