أرضية لإسماع صوت الدول الساعية لاستغلال ثرواتها الطبيعية

”قمّة الجزائر” مرحلة جديدة في التعامل مع أسواق الغاز

”قمّة الجزائر” مرحلة جديدة في التعامل مع أسواق الغاز
”قمّة الجزائر” مرحلة جديدة في التعامل مع أسواق الغاز
  • القراءات: 673
حنان حيمر حنان حيمر

خرجت قمّة الجزائر السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز التي اختتمت أشغالها، أول أمس، بإصدار “إعلان الجزائر” الذي تضمن قرارات قوية وشجاعة، تعكس دون شكّ الدور الذي سيلعبه أعضاء المنتدى خلال السنوات المقبلة في سوق الغاز، التي يتوقع أن تعرف نموا متزايدا في العقود الثلاثة المقبلة.

أجمعت التحاليل التي أعقبت اختتام قمة الجزائر، على نجاحها الذي ظهر خصوصا في قدرتها على جمع عدد معتبر من رؤساء الدول الذين شاركوا فيها، وتوحيد الرؤى حول مسائل جد حسّاسة واستراتيجية، لاسيما وأنها تتعلق بقطاع حيوي هو الطاقة بكل ما يحمله من رهانات وتحديات مستقبلية، في ظل أزمات متتالية تسبّبت في خلق “جو مشحون” بين المنتجين والمستهلكين.

المتمعّن في مضمون “إعلان الجزائر” لقمّة منتدى الدول المصدرة للغاز التي عرفت انضمام أعضاء جدد للمنتدى، يتأكد بأن هذه القمة فارقة في مسار هذا المنتدى الحديث النشأة، لاعتبارات عديدة، أهمها أن الغاز سيكون من دون منازع طاقة المستقبل، ولا يمكن التخلي عنه أو تهميشه في المرحلة القادمة من الانتقال الطاقوي، وهو ما يدركه المستهلكون قبل المنتجين.

لعل ذلك ما دفع بوزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب والأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز محمد حامل، إلى الجزم خلال الندوة الصحفية التي عقداها في ختام القمة، بأن لغة “الحوار” هي السبيل الوحيد أمام كل الأطراف المعنية بسوق الغاز، للوصول إلى حلول تخدم مصالح الجميع.

ورغم أن البعض قرأ في “لاءات” “إعلان الجزائر” نوعا من “التصعيد”، فإن البعض الآخر اعتبرها “رسائل تنبيهية” حريصة على ضمان الأمن الطاقوي للجميع، كونها ترفض استخدام التغير المناخي كمبرر لتنفيذ إجراءات تعيق الاستثمارات واستحداث أي وسائل للتمييز الاعتباطي، وكذا أي تدخلات مصطنعة في أسواق الغاز الطبيعي، بما فيها محاولات التأثير على آليات وضع الأسعار وتسقيفها بدوافع سياسية، وترفض كذلك التطبيق أحادي الجانب للإجراءات الجبائية غير المسبوقة وإدانة جميع القيود الاقتصادية أحادية الجانب المتخذة دون الموافقة المسبقة لمجلس الأمن ولأي تطبيق للقوانين والتنظيمات الوطنية خارج الحدود ضد الدول الأعضاء في المنتدى، والتي تؤثر سلبا على تطوير الغاز الطبيعي وتشكل تهديدا على أمن الإمدادات.

كلها مسائل جوهرية، فضل المجتمعون الخوض فيها بطريقة مباشرة، لتكون أرضية لحوار واضح مع المستهلكين يتم من خلاله التنبيه بخطورة بعض الإجراءات المتخذة خارج أطر التشاور بين الطرفين.

في هذا الصدد، أوضح الأمين العام للمنتدى محمد حامل، أن رفض هذه الإجراءات والتأكيد على الحوار بين المنتجين والمستهلكين ليس “تناقضا”، فيما قال وزير الطاقة بأن فضائل الحوار تجلت ثمارها في تجربة الجزائر مع الاتحاد الاوروبي، شريكها الرئيسي في سوق الغاز والتي تجسّدت مؤخرا في الاجتماع رفيع المستوى حول الطاقة.

وأكد أن الحوار المستمر بين الجانبين توج بالتوافق بشأن عدة مسائل، لاسيما وعي الجانب الأوروبي بأهمية دور الغاز في الانتقال الطاقوي وأهمية النظر إليه كـ"جزء من الحل” وليس كمشكلة بالنسبة للتغيرات المناخية، مشدّدا على أن وقف الاستثمارات في هذا القطاع يعني دون شك عدم القدرة على تلبية الطلب المتزايد في السنوات العشر المقبلة، ما يهدّد بارتفاع الأسعار والعودة إلى استخدام الفحم. ولمس الوزير إدراكا كبيرا لهذه المسائل لدى الشركاء الأوروبيين، ما جعله يثني على الحوار كطريقة مثلى لحلّ الإشكالات المطروحة، حفاظا على مصلحة الجميع ومصلحة البيئة والتنمية المستدامة التي تخدم شعوب العالم.

في هذا الإطار، جاء حرص الجزائر والمنتدى على مسألة حماية البنى التحتية للغاز، لاسيما العابرة للحدود، تجنبا للإضرار بالأمن الطاقوي ولتشجيع إنجازها للتزوّد بالطاقة سواء الأحفورية أو المتجدّدة.

إجمالا يمكن القول، بأن قمّة الجزائر التي استطاعت استقطاب عدد هام من الإعلاميين من الداخل والخارج، هي بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع مستجدات السوق الطاقوية، وفي زرع بذور “ثورة تنموية”، خاصة في إفريقيا التي انضمت 3 بلدان منها للمنتدى، وأجمع ممثلوها على أهمية السماح للقارة باستغلال مواردها الطبيعية لصالح شعوبها وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية.

وليس غريبا أن ينبعث هذا النداء من الجزائر التي ألهمت إفريقيا بثورتها التحريرية لتلهمها اليوم بثورة التنمية والبحث العلمي عبر معهد البحوث الذي يفتح أبوابه أمام كل المنضوين تحت لواء المنتدى لتطوير تكنولوجيا صناعة الغاز.