خُصّصت له ندوة بالمكتبة الوطنية

دعوة لترجمة أدب كالفينو إلى اللغة العربية

دعوة لترجمة أدب كالفينو إلى اللغة العربية
  • القراءات: 866
لطيفة داريب لطيفة داريب

دعا المشاركون في ندوة "كالفينو.. بين الضفتين" التي نُظمت أول أمس بالمكتبة الوطنية، إلى ترجمة المتخصصين الجزائريين أعمال الأديب الإيطالي إيتالو كالفينو، إلى اللغة العربية، خصوصا أنه كتب نصوصا ناهض فيها المستعمر الفرنسي بالجزائر، وشبّه ممارسته التعذيبَ بالإرهاب. 

تتويجا للإقامة الأدبية التي نظمتها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي بالجزائر لصالح الباحثة الإيطالية لاتيني جينيفرا حول الكاتب الإيطالي الكبير إيتالو كالفينو وعلاقته بالجزائر، احتضنت المكتبة الوطنية ندوة نشطها جينيفرا وعمارة لخوص ومحمد ساري وحميد عبد القادر وأمير نباش وصبرينة ستروبا. كما قرأ الفنان حسان كشاش، بالمناسبة، مقتطفات من كتب كاليفينو، بمرافقة موسيقية على آلة البيانو لجينيفرا.

البداية كانت مع مسؤول قطاع الكتاب والتوثيق بوكالة الإشعاع الثقافي نور الدين عابد، الذي تحدّث عن احتفال العالم، وبالأخصّ إيطاليا، بمئوية ميلاد كالفينو (1923- 1985)، مضيفا أن هذا الأديب يستحق التفاتة منا، ودراسة عميقة لأعماله، فيما تطرق حسام حرز الله مدير الوكالة، لتفاصيل الإقامة الأدبية التي نشطتها الباحثة الإيطالية جينيفرا لاتيني.

ومثلت بداية تعاون بين الوكالة والمعهد الإيطالي بالجزائر، في انتظار تنظيم نشاطات أدبية وفنية أخرى، في حين نوّهت أنتونيا غراندي مديرة المعهد الإيطالي، بمخرجات اتفاقية التعاون الثقافي بين الجزائر وإيطاليا، مشيرة إلى أن هذه الإقامة الإبداعية التي نشطتها جينيفرا هي الأولى ضمن سلسة من الإقامات، ستنظَّم في دول أخرى بتمويل من وزارة الخارجية الإيطالية، بينما اعتبر منشط الجلسة الكاتب نور الدين عزوز، أن كالفينو كاتب متميّز؛ فقد كان روائيا، وكاتب سيناريو أفلام، والشريط المرسوم، والدراسات، وشاعرا ومنظرا. كما حارب الفاشية كتابةً ونضالا.

من جهتها، قدّمت الباحثة جينيفرا لاتيني عصارة بحثها الذي أنجزته في إطار الإقامة، فقالت إن كالفينو حينما شاهد فيلما عن القصبة، شبّه أزقتها بأزقة مدينة سان ريمو الإيطالية التي عاش فيها. كما انخرط في الحزب الشيوعي، وندّد بممارسات المحتل الفرنسي ضد الجزائريين. وشبّهها بالإرهاب، وهذا خلال كتابته مقالات صحفية ورسائل، علاوة على تأكيده حق الشعب الجزائري في القيام بثورة لنيل الاستقلال.

وأضافت أن كالفينو تبنّى أفكار فرانس فانون. وطالب دار نشر إيطالية بنشر كتبه. كما ساند الكاتب الفرنسي نوال فافريليار حينما تم مصادرة كتابه "فجر الصحراء" ؛ بسبب مساندته نضال الجزائر ضد الاستعمار، لكنه لم يتمكن من إقناع الناشر الايطالي بنشر هذا الكتاب.

وتأسفت جينيفرا لغياب كتب كالفينو في المكتبات الجزائرية ما عدا المكتبات الجامعية لأقسام اللغة الإيطالية، لتدعو المترجمين الجزائريين إلى ترجمة أعمال كالفينو إلى اللغة العربية مباشرة، خاصة أن ترجماته إلى لغة الضاد تتم من خلال الترجمة الإنجليزية وليس من الإيطالية مباشرة. كما إن أغلبها تم من طرف غير مختصين. 

وبالمقابل، تحدَّث الكاتب عمارة لخوص عبر تسجيل فيديو، عن دور المثقف كالفينو في تطوير الأدب المعاصر في إيطاليا؛ من خلال كتاباته وعمله مستشارا في دار النشر "إينودي" ؛ من خلال مناقشاته القضايا الهامة؛ مثل مقاومة الفاشية، ودور المثقفين في الحياة السياسية، والحفاظ على التقاليد الأدبية الشفهية والعمران في القرن العشرين، مشيرا إلى تخلي كالفينو عن السياسة عام 1957، وتحوّله إلى مثقف عضوي.

أما الكاتب المترجم محمد ساري فقد قدّم دراسة نقدية لرواية "لو أنّ مسافرا في ليلة شتاء" لكالفينو، فقال إنها رواية حداثية بامتياز؛ بسبب مزجها أنواعا أدبية مختلفة (تاريخية، بوليسية، إثارة…)، علاوة على مفهومها للزمن المجزأ، الذي يفكّك البنية الزمنية للرواية الكلاسيكية، وكذا من خلال كون القارئ الشخصية الرئيسة للعمل، والذي يخاطبه المؤلف بضمير المخاطَب.

من جهتها، تناولت الأستاذة صبرينة ستروبا في مداخلتها، أحداث رواية "البارون ساكن الأشجار" لكالفينو. ويحكي فيها إيتالو قصة طفل امتنع عن أكل طبق الحلزون الذي أعدته أخته بعد جهد كبير، فيتلقى الملامة من العائلة برمّتها، ليقرر الصعود إلى شجرة؛ خوفا من العقاب.

أبعد من ذلك، فقد صمم على عدم النزول منها. وأضافت أن كلمة "لا" فتحت الأبواب لحياة جديدة، بذكريات خاصة بنا وليس كما قصّها علينا من هم أكبر منا. كما إن هذا العمل يحكي فيه كالفينو عن عصيان سلطة الأب، ومن ثم عصيان الساسة في حال ظلمهم.

بدوره، تحدّث الروائي حميد عبد القادر عن شغفه بأدب كالفينو، فذكر أن هذا الأخير قارئ جيّد. وقد اعترف بحبه لعالم النشر أكثر من الكتابة بفعل احتكاكه بكُتّاب آخرين، بالإضافة إلى إيمانه بمساهمة الأدب في تطوير المجتمعات، وتخصصه في كتابة مختلف الأصناف الأدبية.

وأضاف أن روايات إيتالو كالفينو رائعة، لكنها، أيضا، مجازية، ورمزية. كما ظل جاثما في عالم الأدب؛ لأنه الشيء الذي كان يؤمن به دائما أكثر من غيره، وهذا من أجل فهم حياة الناس بشكل أفضل. وبينما كان جاثما في هذا العالم الرائع والسحري الذي هو الأدب، ظل منتبها لكل ما حوله، مهتما بالعالم كما يهتم بأدق التفاصيل.

وفي الأخير، شبّه السينمائي أمير نباش، أدب كالفينو بأدب محمد ديب من حيث العمق في الكتابة. وتناول مواضيع تمسّ الهوية المحلية، معتبرا أن صدق كالفينو ظهر في كتبه وسيناريوهاته، بالإضافة إلى مطالبته بالحرية، وحياة أفضل.