افتتاح المهرجان المحلي 13 للمسرح المحترف بسيدي بلعباس

الجمعيات الفنية في صلب النقاش

الجمعيات الفنية في صلب النقاش
  • القراءات: 604
 مبعوثة "المساء"  إلى سيدي بلعباس: دليلة مالك مبعوثة "المساء" إلى سيدي بلعباس: دليلة مالك

افتُتح، بالمسرح الجهوي في سيدي بلعباس، مساء أول أمس الخميس، المهرجان المحلي 13 للمسرح المحترف، ضمن حفل وقف عرفانا لجهود عدد من الأسماء المسرحية التي منحت الكثير للمشهد الثقافي. وتميّز الحفل بتعابير المساندة والتضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته. وكان عرض مسرحية "أزقة الأبطال" حاملا لرمزية عالية لمفهوم المقاومة؛ من خلال إسقاط فكرة المقاومة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي، على ما تعيشه غزة من صمود شامخ.

وحلّ محمد يحياوي مدير المسرح الوطني الجزائري، ممثلا عن وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي بسيدي بلعباس. وقرأ خطابها بمناسبة افتتاح الدورة الثالثة عشر للمهرجان؛ إذ قالت إنها تقام في ظرف استثنائي يعرفه العالم، ويتمثل في العدوان الهمجي على غزة الجريحة. وأكدت مولوجي حرص وزارة الثقافة والفنون على أن يكون هذا المهرجان والمهرجانات الأخرى إضافة نوعية للمشهد الثقافي والمسرحي في الجزائر، مشيرة إلى أن هذه الدورة تزامنت مع لحظة تاريخية وفارقة، تتعلق بصدور المرسوم الرئاسي رقم 23-1376 المؤرّخ في 22 أكتوبر سنة 2023 الخاص بقانون الفنان.

وفي هذا الشأن، أوضحت الوزيرة أن هذا القانون الأساسي يمنح الفنان المسرحي حصانة واستفادة، وبالتالي فإنه، يقيناً، سيمنح الكثير من عرقه وصدقه على الارتقاء بالممارسة المسرحية والفنية، وعليه تكون النتيجة مشجعة.

وثمّنت مولوجي اقتراح إقامة ندوة فكرية خاصة بالمهرجان المحلي للمسرح المحترف لسيدي بلعباس. وهي وقفة مع إنجازات الفرق والجمعيات والتعاونيات، وإذ تعتبره امتدادا لورشة العمل التي نُظمت بتاريخ 27 نوفمبر 2023 بوزارة الثقافة والفنون، وهو الأول من نوعه حول إعداد النص التطبيقي والتنظيمي للتعاونيات الفنية؛ ذلك أن المهرجان يستقبل ست فرق مسرحية مشاركة في المنافسة، وهي عن تعاونيات مسرحية، وسيكون الأمر في صلب اهتمامهم.

وأشارت المسؤولة الأولى عن القطاع إلى أن مدينة سيدي بلعباس توحي بأسماء كبيرة مبدعة، مسكونة بالفرجة، وبجمر المسرح، على حد تعبيرها. وأضافت: "عندما نقول بكل افتخار كاتب ياسين، نقول فلسطين المخدوعة، ونقول غزة المقاومة، ومسرح المواجهة، وهذا أكبر هدف؛ إذ يمنح الجمهور مساحة للتساؤل، للتأمّل، للمحبة". 

على صعيد آخر، هنّأت وزيرة الثقافة مسرح سيدي بلعباس الجهوي، على انتقاء مسرحية "ثورة" لمخرجها عبد القادر جريو، لمهرجان الهيئة العربية للمسرح التي ستقام في جانفي المقبل ببغداد العراق، ضمن المسار الأول. ومسرحية "تراب الجنون" للمسرح الجهوي بشار، للمخرج مختار حسين، والمشاركة، حاليا، في أيام قرطاج المسرحية بتونس.

ومن جهته، أكد رشيد جرورو محافظ المهرجان المحلي للمسرح المحترف لسيدي بلعباس، أن الدورة الجديدة تحمل العديد من البرامج والمحطات الثرية. ولعل أهمها ما سيتم إضاءته خلال الندوة الفكرية في مسيرة المهرجان، ومناقشة أهم محاوره وأبعاده خلال اثنتي عشرة دورة سابقة. وأشاد المحافظ بمساعي الوزارة الوصية، وما توليه من أهمية قصوى في سبيل إنعاش المشهد الفني والإبداعي في أكثر من مجال، آخذين بعين الاعتبار تشديدها على دعم الشباب، وتشجيعهم.

وأضاف جرورو أن دورة 2023 الهدف من خلالها تحقيق التواصل والتلاقح الفكري والإبداعي الذي يجمع بين كل ما هو فني وتقني؛ خدمةً للمنجز المسرحي على وجه الخصوص. وأيّ مشهد ثقافي وفني لا بد أن يكون مُعزِّزا لقيم الحرية والسلام، ونشر مبادرات المحبة ونبذ الاستغلال والاضطهاد، وهذا ما حققه ويحققه المسرح مذ رأى النور.

وكانت الفرصة ليعبّر المحافظ نيابة عن كل الفاعلين والمسرحيين، عن التضامن الكبير مع الشعب الفلسطيني وأهالي غزة في مصيبتهم. وقال: "غزة شامخة، وفلسطين أبيّة..المجد كل المجد للمقاومة الفلسطينية. ولا عزاء للغزاة. وتحيا فلسطين كريمة، عزيزة وحرّة".

وأعلن والي سيدي بلعباس سمير شيباني، عن بداية المهرجان، مرحبا بضيوف المدينة. وقد أشار في كلمته إلى خصوصية هذه الولاية؛ باعتبارها قطبا ثقافيا ومسرحيا بامتياز، معرّجا على ما تكتسيه هذه التظاهرة من أهمية بالغة، على أمل أن تكون في مستوى المكانة الطبيعية للمسرح، الذي يُعدّ أبا الفنون، ومهدها، والفضاء المفضل للأشكال التعبيرية المباشرة والهادفة.

وأشرف الوالي بمعية محمد يحياوي ورشيد جرورو، على تكريم مجموعة من الأسماء التي صنعت مكانة لها في تاريخ المسرح الجزائري. ويرتبط الأمر بكل من الممثلة المسرحية سعاد سبكي، التي عبّرت عن سعادتها بهذه الالتفاتة الطيبة، لا سيما أنها غابت عن المشهد المسرحي منذ حوالي أربع سنوات.

كما وقفت محافظة المهرجان وقفة عرفان للممثل عبد الرحمان إيكاريوان، الذي سارعت دموعه ولسانه للتعبير عن فرحته بهذا التكريم. وقد استرجع مع الحاضرين وقوفه على الركح في تمثيليات كاتب ياسين.

وكرّم المهرجان أيضا الممثل المسرحي عبد الله جلاب نظير مشواره الحافل، بأداء احترافي، في كل الأعمال المسرحية التي شارك فيها، وإلى جانبه الممثلة المسرحية سعاد جناتي؛ إذ احتفى المهرجان بمشوارها الجيد. والتفت المنظمون للفنان الراحل سيد أحمد قرزيب؛ لتكريمه. وقد تسلمت التكريم نجلته من لدن الوالي والممثلة المسرحية فضيلة حشماوي.

وخُتمت السهرة بعرض مسرحية "أزقة الأبطال" للفرقة المسرحية "مثلث الحياة" التابعة للوحدة الوطنية للتدريب والتدخل بالمديرية العامة للحماية المدنية، والتي أخرجها محمد بلقيصرية عن نص "أبناء القصبة" للراحل عبد الحليم رايس، وسينوغرافيا حليم رحموني.

وتروي المسرحية قصة معاناة أسرة جزائرية من ظلم المحتل الفرنسي، انخرط أبناؤها في العمل الثوري بدون أن يعلم أيّ واحد منهم بالآخر، بل يصل الأمر بهم إلى اتهام بعضهم البعض بالتهاون في أداء الواجب الوطني، لتنشب صراعات بينهم، لكن في كل مرة كانت صلة الأخوة هي المنتصرة؛ إذ كان الوالدان يحرصان على تقديم النصح لهم، ولمّ الشمل إلى أن يُكتشف السر، ويعلم كل واحد أن أخاه فدائي أو مسؤول في الثورة، فتتوطّد العلاقة بينهم أكثر.