فضاء "غزة" يستحضر التغريبة الفلسطينية
حديث عن الرواية.. الوجع والإنسانية
- 559
نوال جاوت
أكد الأستاذ عز الدين جلاوجي، أن الشعب الجزائري له علاقة وطيدة مع فلسطين. ويتجلى ذلك في شخص أبوشعيب الأنصاري، الذي له الوقفات الجبارة في الدفاع عن فلسطين، وأسس ما يسمى بباب المغاربة، وآثار وقفه لاتزال موجودة، مشيرا إلى أن السردية بين الجزائر وفلسطين لها وجهان؛ سرد الواقع، وسرد التخيّلي.
كما تحدّث الأستاذ جلاوجي في ندوة "الرواية الجزائرية والتغريبة الفلسطينية" التي احتضنها فضاء" غزة"، أول أمس الإثنين، ضمن البرنامج الثقافي لصالون الجزائر الدولي السادس والعشرين، عما كتبه الشيخ البشير الإبراهيمي من تضحيات الجزائريين؛ دفاعا عن فلسطين، وما حمله ديوان "اللهب المقدّس" من قصيدة لفلسطين. كما استحضر عشرات الجزائريين الذين قدّموا أنفسهم كمقاومين في فلسطين، والتحقوا بالحركة الشعبية لتحرير فلسطين لبوشحيط؛ محمد بودية وغيرهم ممن تخلوا عن مقاعد الدراسة في سوريا، والتحقوا بالكفاح المسلح من أجل فلسطين. أما في ما يتعلق بالسرد التخيلي، فقال المحاضر إن الكثيرين كتبوا عن الجرح الفلسطيني. وهناك صوتان؛ صوت مؤيّد للقضية وواقف معها كرواية عز الدين ميهوبي "سيرة الأفعى ". ونص آخر هو "الصدمة" لياسمينة خضرة، الذي كانت له رؤية مختلفة عن فلسطينية، تفجّر نفسها، فيقدم الإسرائيليين على أنهم "ملائكة" ومثال للتمدن، ويصور الفلسطينيين بشكل قذر، و"لا همَّ لهم سوى المال".
ومن جهته، تقاسم الروائي واسيني الأعرج التجربة التي عاشها عند تلبيته دعوة رسمية من دولة فلسطين، لنشاط نظمته "مؤسسة محمود درويش ". وأشار إلى أنه بغض النظر عن الخوف الذي تملَّكه وهو يقبل الدعوة رغم الدعم الذي لقيه من قنصل فرنسا بالقدس آنذاك المتعاطف مع القضية الفلسطينية واختياره المرور عبر المعابر الأمنية، إلا أن ما أثاره عند زيارة فلسطين، الجمهور الرائع، الذي من المستحيل أن يضيّع لحظات الجمال والفرح رغم الأسى والألم.
واستعرض الأعرج أهم ما جاء في روايته "سوناتا لأشباح القدس"، التي تحكي قصة "مي" الفنانة التشكيلية الفلسطينية التي غادرت فلسطين وكانت في الثامنة من العمر، نحو أميركا؛ حيث أصيبت في نهاية حياتها، بالسرطان، فأوصت قبل وفاتها بأن تُحرَق، وأن يُذَرَّ رمادها فوق نهر الأردن، وفي حارات القدس. ويؤكد لعرج أن "ما تقوله شخصية مي في الرواية هو أن الإنسان الذي يطرَد خارج بلده، يظل يحلم بالعودة إليها. وكل شخص في فلسطين لديه قصة ما يحكيها".. موضحا أن الأدب يمنح فرصة للحياة. وقال إن الرواية مفادها: "هل ننسى عندما نريد أم ننسى عندما تريد الذاكرة ذلك".
وأكد الروائي بومدين بلكبير أن الروائي لا بد أن يكون له موقف من الأحداث " من باب الاحترام لذاته ". وقال إن "الروائي يبحث عن إنسانيته ولا يتجرد منها"، مستحضرا ما حدث للروائية عدنية شبلي، التي تراجع معرض فرانكفورت عن تنظيم جلسة لمنحها جائزة بعد انحياز المعرض الفاضح للكيان الصهيوني. وقال: "هناك فاصل بين الموضوعي والذاتي ". وتوقف عند الرسالة التي وقّعها مثقفو وكتاب العالم الأحرار؛ نصرةً لفلسطين".
وتطرق المتحدث للرواية من الداخل الفلسطيني؛ كإبراهيم نصر الله، وغسان كنفاني، وإميل حبيبي، وسحر خليفة، وأيضا إلياس خوري، وأميمة الخميس، وإبراهيم صنع الله الذي كتب "الملهاة الفلسطينية" كمشروع سردي كبير، ونذر حياته للكتابة عن فلسطين، وعن الجرح الفلسطيني كتجربة رائدة. وأكد أن الرواية أكثر قدرة من الأجناس الأدبية الأخرى، على التعبير عن القضايا الإنسانية، وأن الموضوعات لا تنظر للكمّ ولكن للنوع.
كما توقف عند القضية الفلسطينية في المنجز الجزائري. وأشار إلى كاتب ياسين ونصه المسرحي "فلسطين المغدورة" عام 1978، الذي عُرض فوق الخشبة لأكثر من 400 مرة. واستحضر أيضا التجربة التي خاضها الروائي رشيد بوجدرة في "أيام فلسطينية" عام 1971؛ حيث رافق جورج حبش إلى الداخل الفلسطيني وفي الشتات، في رحلة دامت أكثر من عامين. وعاد للحديث عن "سوناتا لأشباح القدس"، وأيضا "سيرة الأفعى لعز الدين ميهوبي، و«نساء في الجحيم" لعائشة بنور، ليختم بالقول: "علينا أن ننتقل من العاطفة إلى الفعل في التعامل مع القضية الفلسطينية".
وبعرض تجربة الروائي الشاب عبد المنعم بن السايح الحائز على عدة جوائز وطنية وعربية، اختُتمت الندوة بفضاء "غزة"، حيث تحدّث عن رواياته "المتحرر من سلطة السواد"، و " بقايا أوجاع سماهر "، و«لنرقص الترانتيلا ثم نموت "، وهي أعمال تناول فيها القضية الفلسطينية من وجهة نظر خاصة به، وطرح سؤال "هل الفلسطيني يؤمن بعودة أرضه، وبالحرية؟".