ثمّنوا اتفاق الشراكة الإستراتيجية المعمقة .. خبراء لـ"المساء":

زيارة الرئيس تبون إلى موسكو سيخلّدها التاريخ وتفتخر بها الأجيال

زيارة الرئيس تبون إلى موسكو سيخلّدها التاريخ وتفتخر بها الأجيال
رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون-رئيس فيدرالية روسيا، السيد فلاديمير بوتين
  • القراءات: 404
شريفة عابد شريفة عابد

* ترحيب روسيا بالوساطة الجزائرية مرده مكانتها الدولية

* موسكو تعتبر الجزائر شريكا موثوقا يتمتع بسيادة مواقفه

* زيارة الرئيس ستعجل انضمام الجزائر إلى "بريكس"

يجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن الاستقبال المهيب الذي خصّ به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بقصر الكرملين، وترحيب روسيا بوساطة الجزائر لحل النزاع الروسي الاوكراني، مرده المكانة المحترمة التي تحتلها الجزائر في المجتمع الدولي على عدة أصعدة وحيادها الإيجابي، فضلا عن دورها المحوري إقليميا ودوليا والذي تعزز بعضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، متوقعين أن تعطي زيارة الدولة إلى موسكو دفعا قويا في مسار انضمام الجزائر لمجموعة "بريكس".

وضمن هذا الإطار، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبد القادر السوفي، في تصريح لـ"المساء"، أن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى فدرالية روسيا، جاءت لترفع في سقف العلاقات التاريخية بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المعمّقة، في ظل التحوّلات العديدة التي يشهدها العالم وبروز معالم نظام دولي جديد متعدد الأقطاب. وقال إن إشادة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدور الوساطة الذي ينتظر أن تلعبه الجزائر لحل الأزمة الأوكرانية، يعكس في المقام الأول الثقة التي تضعها موسكو في الجزائر والمتجذرة منذ 60 سنة ولم تتغير، حتى في أحلك الظروف التي مرت بها بلادنا.

وكذا مكانة الجزائر بالمجتمع الدولي، حيث تحظى بالكثير من الاحترام نظير مواقفها المتوازنة المبنية على دعم قضايا السلم والأمن العالميين. يضاف إلى هذا، حسب محدثنا، موقف الحياد الايجابي الذي تبنته الجزائر حيال الأزمة الروسية - الأوكرانية، حيث بقيت على نفس المسافة من الطرفين، ودعمت حلول التسوية السلمية للأزمة ولم تصوّت لصالح العقوبات الغربية في 5 مرات متتالية. كما أن الجزائر، يضيف محدثنا، تحظى بالاحترام التام من قبل كييف وموسكو على حد السواء. ويرى الأستاذ أن روسيا تعتبر الجزائر شريك موثوق به يتمتع بالسيادة في مواقفه السياسية، وهو ما عبر عنه الرئيس تبون خلال المنتدى الدولي الاقتصادي بسان بطراسبوغ، عندما أكد أن الجزائر حرة في قراراتها وستبقى كذلك.

وما سيخدم موقف الجزائر في الوساطة، أيضا حسب الدكتور السوفي، هو أن مكانتها تعززت كفاعل دولي وليس إقليميا فقط، مع انتخابها عضوا في مجلس الأمن، متوقعا أن تكون عهدة حافلة بالنشاط للجزائر، التي لديها أجندة تحمل عدة قضايا منها الأزمة الأوكرانية، وذلك بالتنسيق مع منظمات دولية، مبرزا الدعم الذي عبر عنه الرئيس الروسي، للجزائر، فيما يتصل بالتنسيق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخصّ بالذكر الأزمة الليبية والنزاع في السودان والوضع بالساحل الإفريقي وغرب إفريقيا. وهي قضايا يضيف محدثنا، ستكون محل تعاون بين الجزائر وحلفائها بمجلس الأمن الدولي، ومن ضمنهم روسيا التي تتمتع بحق النقض، لدعم الأجندة الجزائرية.

وحول أثر الزيارة على حظوظ انضمام الجزائر إلى منظمة بريكس، أشار الدكتور، إلى أنها عزّزت فرص التواجد ضمن المجموعة، على ضوء التفاهم حول التعاون الاقتصادي مع روسيا، لاسيما وأن الرئيس تبون عرض جهود الجزائر لتحسين مناخها الاقتصادي بترسانة قانونية تشجع الاستثمار الأجنبي.

كما أشار محدثنا إلى أن دول المجموعة تحتاج إلى الجزائر التي تتمتع بعدة مزايا كموقعها الاستراتيجي والمحوري بين إفريقيا وأوروبا، وتحررها من المديونية الخارجية وهي ميزة نادرة لدى الكثير من الدول الإفريقية.

من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عبد الحق بن سعدي، لـ«المساء، أن المشاورات السياسية بين الرئيسين تبون وبوتين، سمحت بتعزيز سبل التعاون السياسي وتعميق العلاقات الثنائية التي ترجمت باتفاقية الشراكة الاستراتيجية المعمقة، أما بالنسبة للوساطة التي ينتظر أن تلعبها الجزائر بشأن الأزمة بين كييف وموسكو، فأدرجها محدثنا في إطار تقاليد الدبلوماسية الجزائرية، التي سبق وأن قادت عدة وساطات توجت بالنجاح، ما أعطى لجهودها في هذا المجال المصداقية والقبول الدولي، بدليل ان بوتين وصف الجزائر بالشريك المحوري في إفريقيا والعالم.

لافتا إلى أن عرض الوساطة كان قد أعلنه منذ بضعة أسابيع الرئيس تبون في حديثه لوسائل الإعلام الوطنية، مع قرار إعادة فتح السفارة الجزائرية بكييف، قال الدكتور بن سعدي أن المبادرة تأتي في ظل وجود مبادرات وساطة كثيرة، منها الصينية والإفريقية والعربية والسعودية.

كما يعزز قبول روسيا لوساطة الجزائر، حسب محدثنا، تواجدها العام القادم بمجلس الأمن الدولي ومواقفها التي يمكن أن تدعم روسيا سياسيا ودبلوماسيا، على اعتبار تطابق المواقف في الكثير من القضايا الدولية، ولهذا سيكون الدعم متبادلا.

وبشأن أثر الزيارة على الانضمام لمجموعة بريكس، قال محدثنا إن محادثات الرئيسين هيئت الأرضية لذلك، وعزّزت فرص الدعم الروسي لتسريع عضوية الجزائر، مستشهدا بإعلان الرئيس تبون عن جملة من النوايا والقرارات الحساسة، كالسعي لتقليص التعامل بالدولار والأورو والانخراط في بريكس والتعاون العسكري، ورفض دعم أوكرانيا وفق المنظور الذي يدافع عنه الغرب. وتوقع المتحدث أن تسهم أرضية التوافق بين البلدين في دعم حظوظ الجزائر للانضمام لـ«بريكس كملاحظ في القمة القادمة المنتظر عقدها في جنوب إفريقيا، خاصة وأن الطلب الذي تقدّمت به الجزائر حظي بدعم أغلب أطراف المجموعة.

من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية رضوان بوهيدل في تصريح لـ«المساء قبول الرئيس الروسي، الوساطة الجزائرية سابقة تاريخية تترجم السمعة الجيدة للجزائر دوليا، في وقت رفضت فيه عروض أخرى.

وأرجع المتحدث الموافقة الروسية لوساطة الجزائر لصفات الوسيط الدولي التي تتمتع بها الجزائر والمنصوص عليها في الفصلين السادس والسابع لميثاق الأمم المتحدة، ورصيدها الدبلوماسي وخبرتها في فك نزاعات مستعصية، مثل النزاع العراقي - الإيراني والنزاع الإثيوبي - الإريتيري، مع جهودها المتواصلة من أجل جمع شمل الليبيين واقتراح حلول سلمية، وقبلها توصلها لإبرام اتفاقية السلام بين الفرقاء الماليين. وأشار بوهيدل إلى أن بوتين لما وصف الجزائر بالشريك المحوري في إفريقيا، ففي ذلك اعتراف بحقيقة أن الرئيس الروسي لا يجامل..

وأضاف محدثنا، أن روسيا والجزائر ستنسقان عملهما بمجلس الأمن الدولي، لدعم عديد القضايا التي تشكل نقاط توافق وتمثل أولوية لدى الجزائر وهي القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية.

بناء على ما سبق، سيعمل الرئيس الروسي، حسب محدثنا، على تعجيل انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس، خاصة بعد التقدّم الاقتصادي الكبير الذي حققته الجزائر.