في مسعى لتعزيز الدور الأمريكي بالقارة
كاميلا هاريس في أول جولة إفريقية

- 491

تحولت القارة الافريقية إلى محطة لأنظار قادة العالم وسط تصاعد المنافسة بين قوى عالمية على غرار الولايات المتحدة والصين وروسيا، باحثة عن موطئ قدم لها متين في قارة لا تزال عذراء وغنية بثرواتها وخيرتها الطبيعية التي تبقى تسيل لعاب مختلف القوى الدولية.
في الوقت الذي شهدت فيه القوى الاستعمارية التقليدية وعلى رأسها فرنسا تراجعا رهيبا لدورها وتأثيرها على مستعمراتها السابقة في القارة السمراء، تعمل قوى أخرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا والصين على ملئ الفراغ الذي تركه هذا التراجع.
ضمن هذا المسعى تندرج زيارة نائبة الرئيس الأمريكي، كاميلا هاريس، التي شرعت أمس في أول جولة افريقية لها تدوم الى غاية الثاني أفريل القادم وتشمل عدة محطات بداية بغانا مرورا بتنزانيا وصولا الى زامبيا.
وبهذه الزيارة ستكون هاريس أكبر مسؤول أمريكي يزور القارة بعد وزير الخارجية أنطوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين، حيث يسعى البيت الأبيض إلى تعزيز علاقاته مع القارة ومواجهة استثمارات الصين وروسيا.
وكثفت الإدارة الأمريكية من زيارات مسؤوليها الى افريقيا منذ عقد ثاني قمة بين الولايات المتحدة وافريقيا شهر ديسمبر الماضي بعد طبعة أولى كان نظمها الرئيس الأمريكي الأسبق براك أوباما عام 2004، ليتراجع بعدها الدور الأمريكي خاصة في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي وضع هذه القارة خارج دائرة اهتماماته.
ويؤكد متتبعون أن الاهتمام الأمريكي المتزايد بأفريقيا يأتي وسط مخاوف أعرب عنها مؤخرا العديد من مسؤولي ادارة بادين بمن فيهم كبار قادة الدفاع من أن التغييرات في المشهد السياسي في إفريقيا قد تحولت لصالح الصين وروسيا.
لذلك ستؤكد هاريس خلال جولتها التي استهلتها بمحطة غانا أن الولايات المتحدة تشترك في نفس المبادئ مع الدول الأفريقية الباحثة عن الانعتاق من السيطرة الخارجية والتعامل مع شركائها الأجانب بمنطق الندية وفق مبدأ رابح ـ رابح. وهو ما كشفه أولى تصريحات هاريس لدى وصولها أمس الى العاصمة أكرا عندما دعت إلى مزيد من الاستثمار في الابتكار في إفريقيا التي وصفتها بأنها "مستقبل العالم".
وسلطت هاريس الضوء على العديد من المجالات التي تعتقد الولايات المتحدة أنها يمكن أن تستفيد من المزيد من الاستثمار على غرار تمكين المرأة والاقتصاد الرقمي والحكم الرشيد والديمقراطية.
وحتى وإن اثارت العديد من التحديات في المنطقة بما في ذلك انعدام الأمن وتغير المناخ والعقبات التي تعترض النمو الاقتصادي، الا أن نائبة الرئيس الأمريكي أكدت أن الولايات المتحدة ستظل "شريكا لا يتزعزع لتقدم" القارة.
وهو ما جعل محللين يؤكدن بأن هاريس وخلال زيارتها ستقاوم تعهدات موسكو بالوفاء بالتزامها بتصدير الغذاء إلى أفقر المناطق في إفريقيا من خلال الإشارة إلى الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الصراع في أوكرانيا. كما أنها ستثير "مخاوف" الولايات المتحدة بشأن مشاركة الصين مع الدول الأفريقية، خاصة في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والعسكرية والحوكمة العالمية، رغم أن البيت الابيض وخلال القمة التي عقدها مع افريقيا شدد على أن علاقة واشنطن بأفريقيا "لا يمكن ولا ينبغي أن تحدد من خلال المنافسة مع الصين". وهي القمة التي بدى وأن ادارة بايدن كانت تسعى من خلالها لإعادة تجديد التزاماتها تجاه القارة، خاصة فيما يتعلق باستعادة ثقة دولها واعادة هيكلة الدور الأمريكي فيها واقامة منطقة تجارة حرة.