"تشبشاق مريكان" لأمال بليدي

أسى الإرهاب بعيون الطفولة

أسى الإرهاب بعيون الطفولة
  • القراءات: 471
نوال جاوت نوال جاوت

ضمن عروض مهرجان الجزائر الدولي للسينما "فيكا"، قدمت المخرجة الجزائرية أمال بليدي، في قاعة "ابن زيدون" برياض الفتح، فيلمها القصير "تشبشاق ماريكان" (إنتاج 2021)، وعادت من خلاله إلى ما طبع العشرية السوداء من خوف وآلام بعيون الطفلتين سامية ونوارة، فأعادت بذلك في 26 دقيقة، إحياء أحاسيس وأوجاع عاشها الكثير من الجزائريين وميزت يومياتهم العصيبة في تسعينيات القرن الماضي.

"تشبشاق ماريكان" هو انعكاس لسياق غير مفهوم في نظر أطفال وجدوا أنفسهم شهودا على "جنون الكبار"، فلم يعوا خطورته، لكن رأوا الخوف في عيون أمهاتهم، ولمسوا القهر في أصواتهن، ومثلما انتقت "تشبشاق ماريكان" عنوانا لفيلمها، اختارت المخرجة أمال بليدي الأغنية التي يحفظها الجزائريون عن ظهر قلب وتناقلوها جيلا بعد جيل "يا حجنجن يا مجنجن"، لتعود في كل مرة تنتقل فيها سامية (بطلة الفيلم) بين الطفولة والكبر، فكلما نظرت إلى ابنتها تسترجع ذكريات طفولتها مع أقرانها، مع إيحاءات بالمد الأصوليسامية سُلب منها الحق في أن تكبر في أحضان والدها الصحفي، بعد أن ترك البيت لتلقيه تهديدات بالتصفية، مثلما حُرمت نوارة من دفء والدها الذي اغتيل أمامها، فتحاول البنتان تجاوز الوضع غير العادي، فهما لا تعيان حقيقة ما يحدث ولا تستوعبان ضخامته، لأن براءتهما كفيلة بتخفيف الواقع، لكن ذلك لا يمنعهما من طرح الأسئلة والبحث عن تفسيرات بريئة، وما "تشبشاق ماريكان" سوى إحالة للصغر والبراءة وكل ما يدور في فلكهما.                                  

حتى وإن كانت سامية الطفلة لم تعِ حقيقة ما كان يحدث، لكن نظرات سامية الأم تحمل الكثير من الحزن والحسرة، حيث أن المشهد الذي بدأ به الفيلم لأم تجمع الكتب في علب كرتونية وابنتها التي تغني "يا حجنجن"، يحمل الكثير من المعاني والتأويلات، ويعود بالذاكرة إلى 20 سنة خلت، وتبدو غارقة في التفكير، وكأنها تحاول استجماع شظايا ذاكرتها، وفي مشهد آخر، تتهرب من سؤال ابنتها عن ماهية "السلم"، وهي تتابع تقريرا متلفزا عن "إجراءات المصالحة الوطنية"، وكأنها تداري جروحها وألمها.وبمناسبة عرض فيلمها القصير ضمن مسابقة "فيكا"، أوضحت أمال بليدي أنها أرادت تقديم ولو جزء مما عاشه الجزائريون خلال الأزمة الأمنية، بعيون الأطفال، بطريقة سلسة للغاية، وقالت "لم نعرف كيف نتحدث عن هذه الفترة"، وأضافت "عندما تغيب الكلمات نترك الصور تتحدث مكاننا".حرصت بليدي على استحضار مدير التصوير الراحل ناصر مجقان، الذي ترك بصمته الإبداعية في "تشبشاق ماريكان"، فحمل التصوير شيئا من الحميمية والكثير من رائحة الطفولة، كما أرادت تخليد ذكرى كل الذين اغتالهم الإرهاب، من الصحفي إلى المواطن البسيط، وتحدثت بليدي خلال النقاش، عن اللقطة الذاتية الوحيدة في الفيلم، عندما علم والد سامية باغتيال "بن يحي" وصرخ "عبد القادر"، وهنا تذكرت بليدي ردة فعل والدها عندما نقلت له خبر اغتيال "عبد القادر علولة" .