المخرج شرقي خروبي في ورشة تكوينية:

حدود مبهمة بين الأفلام الروائية والوثائقية

حدود مبهمة بين الأفلام الروائية والوثائقية
المخرج شرقي خروبي
  • القراءات: 598
لطيفة داريب لطيفة داريب

قال المخرج شرقي خروبي إن الحدود التي تفصل بين الفيلمين الروائي والوثائقي ليست واضحة. كما إن هذين النوعين من الأفلام يكمّلان بعضهما البعض، ويلتقيان في نقاط عديدة، من بينها الهدف من صناعة الفيلم، وكذا سرد حكاية ما. نشط المخرج الجزائري شرقي خروبي، ماستر كلاس بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، في إطار فعاليات الطبعة الحادية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم الملتزم، قدّم في بعضها أمثلة، تؤكد فرضيته في أن الحدود بين الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية، مبهمة، حتى إن هناك من اتجه صراحة، إلى صنع ما يسمى الفيلم الوثائقي الروائي.

وفي هذا السياق، تحدّث مخرج الأفلام الوثائقية عن ريمون دوباردون، الذي صوّر فيلمه الوثائقي داخل المحاكم الفرنسية؛ حيث حاول بكل قوة، أن يكون واقعيا؛ من خلال عدم إضافة أي تعليق صوتي، وكذا عدم تحريك الكاميرا، واستعمال إضاءة واحدة؛ سواء حينما يتم تصوير القاضي أم المتهمين، ومع ذلك اعتبر هذا المخرج أن فيلمه ذاتي، ولا يخبرنا بالحقيقة الكاملة؛ لأنه اختار 12 متهما من بين 120 تم تصويرهم. كما قام، بالطبع، بعملية التركيب، علاوة على أن الإنسان لا يتصرف بعفوية كاملة بوجود الكاميرا.

ثم انتقل شرقي إلى فيلم وثائقي آخر، عرض على الجمهور بعض لقطاته، وهو فيلم لفلايرتي، الذي صوره عام 1922، حول الإسكيمو الذين عاش معهم عشر سنوات كاملة. وقد صوّر مشاهد من حياة هذه القبيلة؛ بغية حفظ ثقافتهم من الاندثار، إلا أنه لم يصورها بشكل عفوي، بل قام بصنع مشاهد تصويرية، ليقول إن كل وثائقي هو كذبة. أما فيلم مشية الإمبراطور الذي حاز على جوائز كثيرة، فقال عنه شرقي إن مخرجه لوك جاكي صوّر عائلة من البطريق، واختار أن يكون لأبطال شخصياته أصوات حتى تصل رسالة الفيلم بشكل أفضل.

وفي ما يتعلق بفيلم مايكل مور "بولينغ لكولومبين"، فقال عنه شرقي إن مخرجه يميل إلى الذاتية المفرطة. وقد أعلن في فيلمه هذا، عن رفضه قانون التسلح في أمريكا. وبالمقابل، تطرق شرقي لأفلام معيّنة، اعتمد فيها المخرج على خصوصيات الفيلم الروائي من جهة، وعلى قواعد الفيلم الوثائقي من جهة أخرى. كما مَثل بفيلمه "ابن خلدون"، الذي اعتمد فيه على معلومات تاريخية، وشهادات خبراء، وفي نفس الوقت صوّر مشاهد لابن خلدون حتى بين عائلته.

وواصل شرقي تقديم العديد من الأمثلة، التي تؤكد صعوبة الفصل بين الفيلمين الروائي والوثائقي، وهذه المرة مع الفيلم الروائي أنا دانيال بلايك لكاين لوتش، الذي اعتمد فيه على ممثلين هواة، أو الذين عاشوا معاناة أبطال العمل؛ حتى يكون لعمله هذا مصداقية أكبر. وأبعد من ذلك، يمكن هؤلاء الممثلين تحريف السيناريو، وقول ما يرونه مناسبا لأحداث الفيلم. أما فيلم "حدث قريب منك" الذي لعب فيه الممثل البلجيكي المعروف بونوا بولفور دور البطولة، فلم يُخف فيه المخرج الكاميرات وملتقط الصوت، حتى إن أبطال الفيلم كانوا يوجهون الكلام للجمهور.

واعتبر شرقي أن فيلم "معركة الجزائر"، روائيٌّ، لكنه قد يظهر للبعض بلباس وثائقي؛ فقبل تصوير الفيلم اعتمد المخرج على وقائع كُتبت، وذاكرة لم تُمح بعد، وأرشيف حاضر، يعلن فيه عن ضيم المستعمر الفرنسي، وكفاح الجزائريين من أجل نيل الحرية. للإشارة، شرقي خروبي مخرج أفلام وثائقية، ومخرج برامج لصالح التلفزيون البلجيكي. له العديد من الأفلام، من بينها "ابن خلدون"، و"لأحبائنا"، و"بلجيكية في غزة".