قانونيون يطالبون بدسترته كمصدر رسمي للقانون ويقترحون

تدوين العرف ضمن آليات حل النزاعات

تدوين العرف ضمن آليات حل النزاعات
  • القراءات: 511
زولا سومر زولا سومر

ألحت السيدة سمية بهلول، أستاذة في الحقوق بجامعة سطيف خلال الملتقى الذي نظّمه مركز البحوث القانونية والقضائية، أمس، حول موضوع “العرف وأثره في تطوير التشريع” بإقامة القضاة بالجزائر، على ضرورة دسترة العرف بنص صريح، ليستعيد مكانته كمصدر رسمي للقانون، تعبيرا عن متطلبات الحياة اليومية للناس. وركّزت الأستاذة على أهمية إقناع الدولة بالقواعد العرفية كونها أقرب للأفراد في حل النزاعات، داعية إلى تعزيز مكانة العرف في الدستور لتعزيز مكانته، مع مراعاة مختلف الإشكاليات التي من شأنها أن تحول دون التطبيق السليم لهذا التوجه، خاصة تلك المتعلقة بترتيب الأعراف القانونية في مواجهة النصوص التشريعية.

من جهته، أكد المدير العام لمركز البحوث القانونية والقضائية، رشيد فارح، أن مسألة تدوين العرف باتت ضرورية، باعتباره أصل ومنشأ القاعدة القانونية، وكونه ميراثا مشتركا للمجتمع، مشيرا إلى أن هذه العملية يجب أن تكون مدروسة منطقيا لتفادي التحريف، وتجسّد بأسلوب علمي من طرف باحثين متعدّدي الاختصاص. كما أشار إلى أن الملتقى شكّل لجنة تعمل للمطالبة بتدوين الأعراف الجزائرية في شكل موسوعة إلكترونية ومطبوعة، مع التفكير في تنظيم ملتقيات موضوعاتية متخصّصة في عدة قضايا يمكن اللجوء من خلالها إلى تطبيق العرف مثل قضايا الأسرة، والقانون التجاري الذي بُني في بدايته على الأعراف.

ويعد العرف مصدرا رسميا للقانون، إذ بمقتضى المادة الأولى من القانون المدني، فإن القاضي، إن لم يجد نصا تشريعيا يحكم المسألة المعروضة عليه، فإنه يبحث عن الحل في مبادئ الشريعة الإسلامية، ثم العرف. وفي قانون الأسرة، أيضا، يحيل المشرّع بنصوص صريحة إلى تطبيق الأعراف في عدة مسائل منها حقوق الزوجين، والنزاع حول متاع البيت، وعرف المنطقة في صداق المثل وغيرها، وكذا في القانون التجاري حيث تنص المادة 1 مكرر منه، على الإحالة على الأعراف التجارية في المسائل التي لا يوجد فيها نص تشريعي.

وأضاف السيد فارح أن العرف يعد مصدرا احتياطيا ومصدرا تفسيريا أو مكمّلا لعدة نصوص قانونية تجد أصلها المادي في الأعراف، حتى إذا دعت الحاجة إلى تفسيرها أو تكملتها، فإن القاضي يجد نفسه ملزما باللجوء للعرف لتفسير أو تكملة النص القانوني الغامض أو لسد القصور التشريعي.

وذكر المتحدث أنه حتى إذا تقرر تطبيق العرف في الحالات التي يسمح فيها المشرّع، تثور عندها إشكالية إثباته، مشيرا إلى أنه طالما تم اعتباره بمثابة القانون، فلا يكلف الخصوم بإثباته، بل يقع على القضاء الإثبات من وجوده، ومن ثمّ، حسن تطبيقه، وهو في هذه المهمة يخضع لرقابة المحكمة العليا بخلاف العادات الاتفاقية التي يعاملها المشرّع معاملة الواقعة ويعتبر تطبيقها مسألة موضوع لا رقابة للمحكمة العليا عليها.

بدوره، أكد السيد سعيد بويزري، أستاذ في الحقوق، أهمية العرف، باعتبار أن التشريع لا يستطيع أن يشمل كل التفاصيل المرتبطة بحياة الناس، الأمر الذي جعل الشريعة الإسلامية، كما قال، تفتح الأحكام للأعراف وتدعو للتعامل بما يتعارف عليه الناس.

وأضاف الأستاذ في الحقوق أن العرف بحاجة الى ضبط وتدوين، كونه يمثل الجانب التاريخي والتنوع الكبير الذي تمتاز به الجزائر، وهو قائم وحاضر في حياة الناس في جميع المجالات، مؤكدا أن الأعراف تحتاج الى ضبط، باعتبار أن بعض الأعراف تصطدم ببعض النصوص القطعية، “ولهذا، فهي بحاجة الى معالجة ذكية بفطنة لأن العرف، الذي امتد عبر الزمان، لا يمكن تعديله في لحظات أو بكلمات”.

وذكر السيد بويزري بأنه حتى من الناحية الشرعية، هناك قاعدة ذهبية وهي أن “الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأعراف والعادات”، وهو ما يثبت أهمية الأعراف في الفصل في قضايا المجتمع.

وأشار المتدخلون في اللقاء الى أن العرف في الجزائر يحتل المركز الثالث في مصادر التشريع في المواد المدنية والتجارية ومركزا ثانيا في الحالات التي تحال إليها النصوص التشريعية، لذا، فإن تطبيقه يثير مسائل جديرة بالبحث.