ضمن التقرير السنوي لمجلس المحاسبة

39 توصية لتعزيز الرقابة وضمان تسيير فعّال للمال العام

39 توصية لتعزيز الرقابة وضمان تسيير فعّال للمال العام
  • القراءات: 488
حنان. ح حنان. ح

❊ قصور إدارات يعيق تنفيذ بعض برامج وتدابير السلطات العمومية

دعا مجلس المحاسبة، إلى تعزيز آليات الرقابة الداخلية وإرساء تسيير سليم وفعّال للأموال والممتلكات العمومية، ضمن 39 توصية أصدرها في تقريره السنوي لعام 2022، مشيرا إلى عجز في ضمان التحكم في المعلومات الاقتصادية والمالية ومتابعة الأموال العمومية المستثمرة من طرف الدولة، ووضع الاستراتيجيات المتعلقة بها.

نشر مجلس المحاسبة، مضمون تقريره السنوي الذي يرفعه سنويا إلى رئيس الجمهورية، طبقا للمادة 199 من الدستور، حيث تضمن 14 مذكرة احتوت على أهم النتائج المستخلصة من أشغال التدقيقات المنجزة تنفيذا لبرنامجه السنوي لسنة 2020.

وأوضحت المذكرات التي تضمنها التقرير بحوزة "المساء"، معاينات وتقييمات خاصة بشروط تسيير الموارد المالية والأموال العمومية من قبل الجهات التي خضعت للرقابة إلى جانب توصيات اعتبر المجلس ضرورة تقديمها للسلطات العمومية، بالإضافة إلى ردود المسؤولين والممثلين القانونيين وسلطات الوصاية المعنية التي أرسلت اليها مذكرات الإدراج، في ظل احترام الإجراء الحضوري مع إدراج الردود كما وردت من المسيرين أو ممثلي الهيئات المعنية.

واحتوى التقرير أربعة فصول، خصّصت ثلاثة منها، لإدارات الدولة والجماعات المحلية والمرافق والمؤسسات العمومية بينما خصّص الفصل الرابع لعرض الوسائل المالية والموارد البشرية والنشاطات الدولية لمجلس المحاسبة.

وانصبت رقابة مجلس المحاسبة بخصوص إدارات الدولة، على أنظمة التسيير والإشراف المطبقة على القطاع العمومي التجاري، التي أبرزت "عديد أوجه القصور التي تعيق تنفيذ بعض البرامج والتدابير التي بادرت بها السلطات العمومية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية".

وينطبق هذا الوضع على برنامج استحداث الشبكة اللوجستيكية وشبكة التبريد العمومية الموجّه لضبط سوق المنتجات الفلاحية الواسعة الاستهلاك "وزارة الفلاحة والتنمية الريفية"، وعلى الإعانات المالية الممنوحة من طرف الدولة لترقية الصادرات "وزارة التجارة وترقية الاستثمارات" والبرنامج الوطني لفترة ما حول الولادة الهادف إلى تقليل بعض المشاكل التي تؤثر على صحة الأم والجنين.

وتم التركيز في القسم الخاص بالجماعات المحلية، على شروط تسيير المطاعم المدرسية من طرف البلديات، حيث بينت التدقيقات التي شملت عينة متنوّعة من مطاعم موزعة على 48 بلدية تابعة لـ16 ولاية واقعة بالمناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية، "عجز البلديات على توفير وجبة غذائية مطابقة للمعايير المطلوبة للتلاميذ المتمدرسين، بسبب صعوبات مرتبطة بتنظيم وتسيير وتمويل هذه المطاعم".

كما أولت الرقابة اهتماما لبرامج تجهيز البلديات، حيث لاحظت "ضخامة حجم المشاريع المتعثرة"، رغم الاعتمادات المالية، سواء تلك المتأتية من مواردها الخاصة، كما هو الحال بالنسبة لبلدية حاسي مسعود بولاية ورقلة، أو تلك الممنوحة من طرف الدولة عن طريق صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية كما هو حال بلديات بولاية البليدة.

كما بينت الرقابة المنجزة على ولايتي وهران وسيدي بلعباس بوضوح أن "تسيير الميزانية اللامركزية والممتلكات لا يراعي مبادئ الرقابة الداخلية وتعليمات السلطات العمومية المتعلقة ترشيد النفقات العمومية"، وهو الأمر الذي كان مصدرا لعديد "الخروقات ووضعيات التبذير في استعمال الموارد المالية ووسائل هذه الجماعات المحلية".

وفي القسم المخصص للمرافق والمؤسسات العمومية، أظهرت الرقابة التي استهدفت مؤسسة عمومية ذات طابع إداري "صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية" وهيئة إدارية مستقلة "لجنة ضبط الكهرباء والغاز" ومؤسستين عموميتين ذات طابع صناعي وتجاري هما "الوكالة الوطنية للنفايات" و"المركز الوطني للتكوين والتعليم المهنيين عن بعد"، "ضعف أداء هذه الهيئات، مقارنة بالوسائل المالية المسخرة من طرف الدولة لضمان سيرها". وأكد معدو تقرير مجلس المحاسبة أن الاختلالات والنقائص التي ميزت تنظيم ونمط تسيير الجماعات المحلية، "تشكل عوائق حقيقية"، حالت دون تحقيق المهام المنوطة بها.

صندوق الصادرات خارج المحروقات تحت المجهر

وأسفرت عملية الرقابة التي خصت شروط استعمال الموارد المالية المخصّصة لصندوق الصادرات خارج المحروقات بعنوان الفترة الممتدة من 2017 إلى 2020 أنه "لم يساهم بصورة محسوسة في تطوير الصادرات"، وأوضح تقرير مجلس المحاسبة أن الموارد المتاحة إلى غاية سنة2020 والمقدرة بـ49 مليار دينار، لم تستعمل إلا في حدود 3%.

وعلاوة على التأخيرات الكبيرة المسجلة في معالجة طلبات التعويض المستحقة للمصدرين، فإن المؤسسات المستفيدة من الإعانات المالية الموجهة لترقية الصادرات يبقى عددها "ضئيلا".

ورغم تنوع النفقات المؤهلة للدعم، فإن الإعانات المقدمة تقتصر أساسا على "تكاليف المشاركة في المظاهرات والمعارض التجارية التي تلتزم بها الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير "صافكس" أو تعويض جزء من مصاريف النقل التي يتحملها المصدرون".

وأرجع التقرير هذه الوضعية أساسا إلى "غياب برامج عمل سنوية تحدد من خلالها التدابير الواجب اتخاذها وكذا الأهداف المراد بلوغها وآجال إنجازها، إلى جانب غياب حصائل مادية ومالية مدعمة بمعلومات كافية وتستوفي الشروط المطلوبة في مجال تقييم النتائج".

وسمحت عملية التدقيق المنجزة بوزارة التجارة وترقية الصادرات، على أساس البيانات المستقاة، باستنتاج ملاحظات أهمها، أن المبالغ المخصّصة لدعم الصادرات ضئيلة مقارنة بالاعتمادات المخصّصة سنويا للصندوق، تأخيرات كبيرة في معالجة طلبات التعويضات المستحقة للمصدرين تتجاوز أحيانا ثماني سنوات وغياب برامج حقيقية لترقية الصادرات لتشجيع تصدير منتجات متطورة ومتنوعة.

وأضاف التقرير أن هذه الوضعية المستمرة منذ سنوات مردها "ممارسة غير ملائمة في تسيير ملفات التعويض بما لا يشجع المتعاملين المعنيين، وكان له تأثير سلبي على أنشطة التصدير"، مشيرا إلى أن الإعانات المالية التي يدفعها الصندوق منذ عدة سنوات لترقية الصادرات، تُمنح غالبا لصالح الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير.

ولمواجهة هذه الوضعية، دعا مجلس المحاسبة في توصياته المتعلقة بهذا الملف، إلى اتخاذ إجراءات لتحسين فعالية آلية الدعم لترقية الصادرات، سواء من حيث التنظيم والتسيير الإداري أومن حيث إجراءات المتابعة والتقييم للإعانات المالية الموجهة لترقية الصادرات ووضع برنامج دعم لصالح المؤسسات ذات إمكانيات تصدير قوية، بشكل يضمن لها الوصول إلى الأسواق الخارجية.

وفي محور المؤسسات الصناعية والتجارية العمومية، أوصى المجلس بـ"إنشاء هيئة وطنية لتسيير مساهمات الدولة خلفا لمجلس مساهمات الدولة، لممارسة صفة مساهم لحساب الدولة، مدعومة بصلاحيات والوسائل اللازمة" إلى جانب "تحديد علاقات القطاعات الوزارية بالمجمعات الصناعية والمؤسسات العمومية الاقتصادية غير المنتمية، بغرض ضمان استقلالية القرار العملي لمسيري المجمّعات والمؤسسات العمومية الاقتصادية وكذا ترقية سياسة الشراكة مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي لضمان أفضل حوكمة للمؤسسة والسماح من جهة أخرى للدولة بالتفرغ للمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تعتبرها استراتيجية".