معرض محمد ياسين حسيني بـ “دار عبد اللطيف”

لوحات واقعية

لوحات واقعية
  • القراءات: 694
لطيفة داريب لطيفة داريب

رحلة ممتعة يقترحها الفنان محمد ياسين حسيني، من خلال لوحات يعرضها في "دار عبد اللطيف"، إلى غاية 17 نوفمبر الجاري، حيث يأخذنا في جولته هذه، إلى مناظر طبيعية خلابة، ومعالم تاريخية عريقة، وكذا شيء من الطبيعة الصامتة. يعتبر الفنان محمد ياسين حسيني، أن الفن التشكيلي وسيلة جادة للتعبير عن تراثنا المتنوع والثري، وثقافتنا الغناء، من خلال لوحات اعتمد في معظمها، على الأسلوب الواقعي، إلا أنه أضفى عليها لمسات ساحرة، جعلتها تبدو كأنها تحمل، أيضا في طياتها، أسرارا قد لا يمكن الكشف عنها إلا من خلال الخوض في أعماقها، أو ربما عبر التكهن بما تخفيه عنا.

شغف حسيني بالتراث وكذا بالبحر والطبيعة، دفعه إلى عرض لوحاته لأول مرة، بعد أن غاص في هذا الفن لأزيد من 25 سنة، حيث تعود ممارسته الفنَّ التشكيلي إلى عهد الطفولة. وحينما تحصّل على شهادة البكالوريا أراد بلوغ مقاعد مدرسة الفنون الجميلة، إلا أنه لظروف معيّنة، وجد نفسه في كلية العلوم السياسية، وهكذا رغم اشتغاله، حاليا، مديرا لمؤسسة عمومية، إلا أنه لم يتخلّ، أبدا، عن حبه الأول؛ الرسم، ليعرض لوحاته في "دار عبد اللطيف". ويرسم التشكيلي هروبا من الحياة العملية، والضغوطات التي تحوم حولنا من كل حدب وصوب. ورغم صعوبة التعبير عن خوالجنا في لوحات فنية، إلا أن حسيني قاد هذه المعركة بنجاح، وقرر، لأول مرة، تقاسم هذا الوله مع الجمهور الذواق لمثل هذه الأعمال.

وفي هذا السياق، قسّم معرضه إلى ثلاثة أجنحة، شمل الأول لوحات رسمها الفنان عن البحر، فنجد، مثلا، لوحة البداية، التي رسم فيها جانبا من شاطئ تغزو سماءه الطيور. ولوحة "البحر الهائج"، التي تظهر لنا، مثل ما جاء في عنوانها، بحرا تلتطم فيه الأمواج ببعضها البعض، وهي نفس حال لوحة أخرى، حملت عنوان رائحة سبتمبر. كما رسم الفنان لوحات المسمكة، و"سيدي فرج، و"العائد، و"خليج الجزائر، وغيرها.

وفي الجناح الثاني من المعرض نجد لوحات عن المعالم التاريخية العتيقة، مثل جامع كتشاوة، و"البريد المركزي، و"كاتدرائية السيدة الإفريقية، و"ساحة الأمير عبد القادر، و"عين بير شبالة"، و"الجامع الكبير"، و"القصبة"، و"سيدي عبد الرحمن". ورسم الفنان كل هذه المعالم بدقة كبيرة، ووفق الكثير من التفاصيل. كما رسم عن ولعه بفن الفانتازيا، لوحتين، يظهر فيهما تفاصيل هذه الهواية أو الفن العريق.

أما الجناح الثالث فشمل عدة لوحات في فن الطبيعة الصامتة، حيث رسم العديد من الفواكه بدقة كبيرة، مثل الكمثرى والليمون. كما رسم باقة من الأزهار. ورسم حقلا من الأزهار، بالكاد تظهر للعيان؛ نظرا لكثافة الضباب، بينما يعرض في هذا المعرض الذي تنظمه الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، لوحة، رسم فيها غابة مخضرة، يقسم طرفيها جدول رقراق. أما لوحة غروب الشمس، فتظهر فيها سفينة ترسو في ميناء في وقت غروب الشمس.

وبالمقابل، ورغم أن معظم أعمال الفنان محمد ياسين حسيني واقعية، إلا أنه اختار في لوحة أن يرسم الفن التجريدي، ومنحها عنوان الحنين"؛ حيث تتقاطع الأشكال والألوان مثلما تتقاطع ذكرياتنا ونحن نتجرع قسوة الحنين. كما أراد الفنان، من خلال أعماله هذه، تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على البيئة؛ مثل حماية الشواطئ من التلوث، وعدم الاستخدام التعسفي للمبيدات بالنسبة للفواكه والخضر، لذلك اعتمد رسم هذه المواضيع باحترافية كبيرة، لإبراز جمالها حينما لا تكون بعيدة عن حماقات الإنسان.