تتوافد عليها العائلات على مدار السنة

الحمّامات المعدنية قِبلة للسياحة والعلاج

الحمّامات المعدنية قِبلة للسياحة والعلاج
  • القراءات: 3696
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

زاد توافد العائلات والأفراد منذ دخول فصل الخريف، على الحمّامات المعدنية بمختلف ولايات الوطن، على غرار تلك المنتشرة عبر ولايات البليدة وعين الدفلى والجلفة، لتتحول المراكز الحموية إلى قِبلة مفضلة بعد انقضاء فصل الصيف، للتنزه، واكتشاف المناظر الخلابة التي تحيط بمختلف المراكز السياحية، إضافة إلى التداوي من مختلف الأمراض المستعصية؛ على اعتبار أن مياه الحمامات المعدنية يُنصح بها لعلاج أمراض المفاصل، وأمراض العظام، ومختلف الآلام المفصلية، وكذا أمراض الكبد، والبنكرياس، والكلى، والقولون وأمراض الدم. كانت لـ "المساء" جولة استطلاعية إلى مختلف الحمّامات المعدنية، على غرار حمام ملوان بالبليدة، و«حمام ريغة" بعين الدفلى، و«حمام الشارف" بالجلفة، حيث لاحظت إقبالا كبيرا من المواطنين من مختلف ولايات الوطن، الذين اختاروا هذه المقاصد، كوجهة لهم خلال عطلة الخريف.

حمام ملوان.. قِبلة مفضلة على مدار السنة

كان وجهتَنا الأولى حمام ملوان بالبليدة. وفي طريقنا إلى هذا الفضاء السياحي، تجاوزنا بنايات "عدل" بالمدينة الجديدة "بوينان"، حيث تنحسر مناظر التوسع العمراني تدريجيا، فاسحة المجال لنظرة شاملة على مرتفعات سيدي سرحان وتباينات، حيث يمكن القادمَ من ولاية الجزائر (40 كلم جنوب العاصمة) أن يتمتع، بعدها، بجمالية أفق مرتفعات "الأطلس "البليدي"، في انتظار الوصول إلى الوجهة النهائية وادي حمام ملوان"، أو مواصلة السير إلى غاية المقطع الأزرق.

وصولنا إلى المنطقة الحموية جعلنا نلاحظ الإقبال الكبير للسياح من مختلف ربوع الوطن، حيث أكد لنا البعض في حديثهم إلى "المساء"، أن اختيار هذه المنطقة راجع إلى كونها قطبا سياحيا يقصده العديد من المواطنين؛ هروبا من الضغوطات، وللتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تهدّئ الأعصاب، وتبعث السكينة في قلوب الزوار، الذين يفضلون حمّاماتها المعدنية، والاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة للتنزه، والترويح عن النفس. كما لاحظنا أن أكثر مرتادي الحمّام يقصدونه للتداوي من الأمراض المستعصية؛ كداء المفاصل بجميع أنواعه، وأمراض العظام، والآلام العصبية المفصلية، وكذا أمراض الكبد، والبنكرياس، والكلى، والقولون ومختلف أمراض الدم.

وتضم بناية المركّب الحموي حمّاما جماعيا، وحمامات فردية. وهناك جهات خاصة بالنساء، وأخرى للرجال، بالإضافة إلى أن مياه المحطة تخضع للدراسة والتحليل مرة كل أسبوع، على مستوى مخبر التحليل الكائن بولاية البليدة؛ حرصا على فوائدها الصحية والعلاجية، يقول أحد عمال هذا المركّب السياحي. ونحن نتجول بالمنطقة السياحية، وبالتحديد بالطريق المؤدي إلى ضفاف الوادي، جلب انتباهنا العائلات التي تقف أمام باعة الجبن التقليدي و"خبز المطلوع" والعديد من الفواكه الموسمية. قال "رضا. م" الذي جاء من البليدة، إنه يسترجع باقتناء الخبز المطهو في الفرن التقليدي من قبل سيدات حمام ملوان، ذكرى والدته المتوفاة، التي كانت تحضّر لهم خبزا مشابها. وكانت زيارتنا الثانية باتجاه "حمام ريغة" المعروف منذ زمن، والمتواجد بشرق ولاية عين الدفلى. وأول ما لفت انتباهنا المركّب السياحي، الذي يقدم خدمات في المستوى من جهة. ومن جهة أخرى، لكونه حمّاما معدنيا معالجا، وهو ما جعله قِبلة للباحثين عن الراحة النفسية، وكذا للباحثين عن العلاج الطبيعي، يقول بعض قاصديه.

حمّام ريغة... مركز للعلاج والراحة النفسية

ويتسع هذا المركز السياحي والعلاجي لعدد كبير من الأسرّة للمبيت، حسب بطاقته الفنية؛ 1000 سرير. ويحتضن حمام ريغة فندقا عصريا "زكار" من صنف 3 نجوم، يحتوى على 30 غرفة من الطراز العالي، إضافة إلى 30 شقة من 4 إلى 8 أسرّة؛ بمجموع 220 سرير. كما يحصي الموقع 112 بيت ذي طابق واحد، في كل بيت مطبخ، وبسعة إجمالية تقدر بـ 500 سرير، إلى جانب 3 مطاعم توفر 780 وجبة يوميا، وكافتيريا من 200 مقعد. زائر حمّام ريغة يسير بمركبته عبر الطريق الملتوي المؤدي إليه، على مسافة تقارب 8 كلم من الطريق الرابط بين الطريق الوطني رقم 4 وولاية تيبازة، حيث يزيد السير على هذه الطريق، الاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية الخلابة، والأشجار المختلفة، إلى جانب الهواء النقي المنعش قبل الوصول إلى الحمّام. وأكدت بعض العائلات التي وجدناها بعين المكان، أنها تقوم بزيارة سنوية للحمام، خصوصا في فصل الخريف، قادمة من ولاية الجلفة.

منبع حمّام الشارف... "بركة" لكل مريض

وأوضحت ربة أسرة، أنها ترتاج وتعالج بالمياه المعدنية الطبيعية الساخنة من أمراض عديدة، أهمها آلام المفاصل المعروفة بـ "الروماتيزم"، علما أن المنابع العلاجية تصل إلى درجة حرارة 68 درجة مئوية من المنبع، و55 درجة مئوية عند وصولها إلى المسبح. كما إن مياهها تتميز بخصوصيات جمة؛ إذ إنها تحتوي على عدة معادن، منها الحديد، والكبريت، وكبريتات الكالسيوم، التي لها فائدة كبيرة لجسم الإنسان. وتساعد في علاج أمراض العظام والجلد، خاصة لكبار السن، والمرضى المصابين بالتهاب المفاصل. وجهتنا الثالثة كانت "منبع حمام الشارف" بالجلفة، حيث يقع هذا المنبع على بعد 7 كلم جنوب شرق مقر بلدية الشارف، وعلى بعد 50 كلم من مقر ولاية الجلفة. ويمكن الوصول إليه عبر الطريق الوطني رقم 46. وتروي حكايات المشايخ بالمنطقة، أن "حمام الشارف" المعروف منذ عشرات السنين والمتواجد بالجهة الشرقية من المدينة وسط موقع جمالي لا مثيل له وتحيط به الجبال الغابية، بات يستقطب الكثير من العائلات من مختلف ولايات الوطن؛ حتى أصبح المفضل لدى الكثير من الباحثين عن الراحة والمتعة والاستجمام.

ويتمتع "حمّام الشارف"، حسب ما أكد بعض السكان الذين تحدثنا إليهم، بعدة خصوصيات فيزيائية وكيمائية وعلاجية، تتمثل في حرارة الخروج 40 درجة مئوية، وبتدفق 40 لترا في الثانية، فضلا عن معالجته أمراض الروماتيزم، والأعصاب، والجلد، والغشاوة، وكذا أمراض المفاصل. ويُستغل هذا المنبع تقليديا، بينما تحاول الدوائر الرسمية أن تحسن عملية استغلاله، وجعله أقرب إلى الحداثة، حسب ما لاحظنا. وبالمقابل، يحتاج هذا الحمّام التقليدي العريق، إلى هياكل لاستقبال السياح؛ باعتبارها قليلة بالمنطقة، حسب ما لاحظنا. كما يشكل غياب المحلات التجارية والمطاعم، أزمة أخرى يعاني منها زائر المنطقة، وهو ما يستوجب من السلطات المحلية المعنية، الالتفات، بشكل جدي، إلى هذا المشكل.