نهائي كأس العرب (-17 سنة)

تتويج تاريخيّ لناشئي الجزائر

تتويج تاريخيّ لناشئي الجزائر
  • القراءات: 601
م. سعيد م. سعيد

تُوج المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة، أول أمس، بملعب "المجاهد المرحوم عبد الكريم كروم" بسيق (معسكر)، بلقب النسخة الرابعة لكأس العرب 2022 المقامة بالجزائر للمرة الأولى في تاريخه، بعد فوزه على منتخب المغرب بركلات الترجيح (4 ـ 2)، بعدما انتهى الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي (1 ـ1) .

وتسلّم قائد ناشئي "الخضر" فائز عمام، الكأس الغالية من أيدي وزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق، والأمين العام للاتحاد العربي رجاء الله السلمي، ورئيس اللجنة المنظمة ورئيس اتحاد شمال إفريقيا البطولة، عبد الحكيم الشلماني، ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم جهيد زفيزف، ووالي معسكر عبد الحق صيودة. كما نال المهاجم الجزائري المتألق مسلم أناتوف، كأس أفضل لاعب في البطولة، فيما عاد لقب أفضل حارس، للمغربي طه بلغزيل، وهداف البطولة للسعودي طلال الحاجي برصيد 7 أهداف.

ورغم صعوبة المهمة أمام منتخب مغربي صعب المراس لإمكانياته الفردية والجماعية وكذلك لطابع المباراة كونها درابي مغاربيا، إلا أن ذكريات 2021 بشرت ناشئي "الخضر" والجماهير الجزائرية الغفيرة التي غصت بها مدرجات سيق، والمتتبعين من وراء الشاشة الصغيرة، بتكرار إنجاز ملعب الدوحة ذات يوم من شهر ديسمبر لسنة 2021، عندما رفع الحارس البارع رايس وهاب مبولحي، الكأس العربية الأولى في تاريخ المنتخب الوطني للأكابر، عقب فوزه على منتخب مغاربي آخر، وهو تونس خاصة بعدما تمكن الشبل البديل شحيمة، من تعديل النتيجة في الد89، بعد عمل جيد قام به، أولا، في استرجاع الكرة، ثم قذف كرة بقوة وتركيز من على مشارف منطقة العمليات، أعلنت عن هدف رائع، وربما الأجمل في البطولة ككل.

وبتفصيل وقائع المباراة، نجد أن الشوط الأول لم يكن في المستوى المطلوب، حيث غلب الحذر على أداء المنتخبين، مع انحصار اللعب في وسط الميدان، وتسجيل الكثير من التمريرات الخاطئة. 

وقد ظهر، جليا، أن ضغط التتويج والجماهير لعب لعبته في أداء المنتخب الوطني، الذي تبنى خطة 4-4-2، فلأول مرة منذ انطلاق المنافسة العربية، لعب المدرب الجزائري رزقي رمان، بأربعة مدافعين، إذ غالبا ما كان يقحم خمسة، وتكليف بلقايد وإلياس بوعلام بالاسترجاع، والدفع بالثنائي عبد المجيب وأناتوف في خط الهجوم، فكان أناتوف غزيرا في عطائه الفردي بفضل سرعة توغلاته، ومشاكسته المستمرة للدفاع المغربي، لكنه غالبا ما كان يجد نفسه معزولا، إذ إن الكرات التي كانت تصله من زملائه المدافعين على وجه الخصوص، طويلة وهوائية، ساعدت كثيرا محور دفاع المغاربة لطول قامة تشكيلته.

وقد أكثر ناشئو "الخضر" من إرسال الكرات في العمق لأناتوف وعبد المجيب، وقليلا ما استثمروها وأفادت المنتخب الوطني، لنفس السبب الذي ذُكر آنفا.

ولما ركز الجزائريون لعبهم على الجناحين، ظهرت قوّتهم وخطرهم على مرمى الحارس المغربي طه بلغزيل، خاصة من الجهة اليسرى لـ "الخضر" التي صال وجال فيها يوسف بيداني، لكن بدون أن تتوج كل إغاراته، إذ غالبا ما كان يخلط بين السرعة والتسرع، ما فوّت كرات مواتية عن زملائه المهاجمين.

ورغم خسارته مصدّري قوّته في خط الهجوم سعيد الرافعي وآدم حنين اللذين خرجا اضطراريا للإصابة في الشوط الأول، إلا أن المنتخب المغربي بقي محتفظا بالأفضلية في المرحلة الثانية، ومتمسكا بأحد أسلحته القوية في الهجمات المرتدة التي كان يقودها عبد الحميد معلي، والبديل ناير، غير أن أسبقيته في النتيجة جاءت من كرة ثابتة. وبعد تنفيذ ركنية على الجهة اليسرى لمرمى الحارس حماش الذي رد في مرة أولى رأسية ناير، فشل في منع الرشيدي من التسجيل، مستفيدا من سوء تغطية المدافعين الجزائريين، وكان ذلك في الد51. هذا الهدف استفز العناصر الوطنية، التي اندفعت بقوة وحماس نحو الهجوم في 20 دقيقة الأخيرة من المباراة، مدعمة بتغيير في استراتيجية اللعب بتبني خطة مغايرة (4-2-4)، وكذلك ببدلاء منحوا الإضافة ككحلوشي وكساسي، وشحيمة الذي كافأ الجماهير الجزائرية الغفيرة على دعمها الكبير والمتواصل، بتعديل الكفة بهدف رائع في الد 90 بواسطة قذفة قوية بالقرب من منطقة العمليات، لم تترك أي فرصة للحارس المغربي بلغزيل، لردها. وهذا المد الهجومي الجزائري كاد أن يجلب الفرح بواسطة أناتوف في الد86 بعد انطلاقة سريعة من وسط الميدان، لتنتهي المباراة بالتعادل الإيجابي (1-1)، ويمر المنتخبان إلى ركلات الترجيح، التي ابتسم الحظ فيها للمنتخب الوطني بواقع (4 ـ2)، بعد نجاح كل من يوسف بيداني ومسلم أناتوف وفتحي كساسي ومليك كحلوشي في التسديد، مقابل تضييع زياد محمد صالح الرمية الأولى، في حين سجل المغاربة رميتين عن طريق مروان بياض ومحمد قتب، وضيعوا اثنتين بواسطة عبد الحميد معلي وبختي إسماعيل.

نشير إلى أن ناشئي المنتخب المغربي لم يتقبلوا خسارة اللقب العربي، فصدرت منهم استفزازات واعتداءات وتصرفات غير رياضية تجاه لاعبي المنتخب الوطني، الذين ردوا عليها من موقع الدفاع عن النفس، قبل أن يتدخل رجال الدرك الوطني لفض الاشتباكات بين لاعبي المنتخبين، وإخراج بعض الأنصار الذين اقتحموا أرضية الميدان بعد رؤية تلك التصرفات، واستعادة الهدوء نهائيا، وتمكين المنظمين من إقامة حفل تسليم الميداليات وكؤوس البطولة لمستحقيها.

تصريحات:

رزقي رمان (مدرب المنتخب الجزائري):

"نحن مسرورون بهذا التتويج الذي نهديه لشعبنا الغالي، وشهدائنا الأبرار، الذين حرروا الجزائر، وجلبوا لنا الحرية التي ننعم بها اليوم. أشكر لاعبينا على تطبيقهم تعليماتنا بحذافيرها بعد ما سجل علينا الهدف، وهو ما مكننا من العودة في المباراة، والحمد لله".

جهيد زفيزف (رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم):

"قصدنا من تنظيم هذه التظاهرة العربية بلوغ هدفين، الأول التقييم من الناحية التقنية، حيث تمكن منتخبنا الوطني من لعب 6 مباريات، ستسمح للطاقم الفني بالقيام بتقييم موضوعي تحسبا للاستحقاقات القادمة. أما الهدف الثاني فتنظيري، وكذلك تحسبا للالتزامات القادمة، ذلك أن الجزائر مقبلة على تنظيم بطولتين إفريقيتين هامتين سنة 2023، وهما كأس إفريقيا للاعبين المحليين، وكأس إفريقيا للأمم لما دون 17 سنة. وتتويجنا اليوم فأل خير على هذه الاستحقاقات إن شاء الله".

حكيم مدان (مدير تنظيم الكأس العربية):

"البطولة العربية مرت، عموما، في ظروف جيدة والحمد لله. ونأمل أن نتحسن في المنافسات القادمة، ونعطي أحسن صورة للجزائر. الجزائر بلد كبير، وشعبنا عظيم. وعلينا بجلب المزيد من المنافسات الدولية والقارية لتنظيمها بالجزائر، لأننا نتوفر على كل الإمكانيات لفعل ذلك".

رجاء الله السلمي (الأمين العام للاتحاد العربي لكرة القدم):

"أهنئ المنتخب الجزائري على تتويجه باللقب العربي. وأشكر المنتخبات العربية التي شاركت في هذه البطولة. ونتحدث دائما عن أن الاتحاد العربي يسعى جاهدا لتكون لديه رؤية لتنمية المواهب الشابة واللاعبين الشبان. وأعتقد أن هذه البطولة أثمرت كثيرا في هذا الجانب. لقد سعدنا كثيرا باستضافة هذه البطولة بهذا الملعب، ومدينة وهران الرائعة. ونشكر اللجنة المنظمة والاتحاد الجزائري على الجهود المبذولة لإنجاح هذه التظاهرة العربية".

  مسلم أناتوف (أفضل لاعب في كأس العرب):

"الحمد لله على نيل الكأس، وتتويجي بلقب أفضل لاعب، والفضل يعود، بالدرجة الأولى، إلى زملائي اللاعبين الذين يستحقون هذا اللقب. وأشكر مدربنا رزقي رمان، ونتوسم الأفضل دائما في الاستحقاقات القادمة. والعلامة الكاملة لجمهورنا العزيز والوفي".

  يوسف بيداني (الظهير الأيسر للمنتخب الجزائري):

«الحمد لله على هذا التتويج. وأشكر الجمهور العظيم على مساندته لنا، وكان اللاعب رقم 12. وأشكر عائلتي، وكل الأطقم الوطنية العاملة بالمنتخب الوطني، وكل شخص كان له دور في هذا التتويج، بدون أن ننسى تعليمات مدربنا، وثقتنا في أنفسنا، وفي إمكانياتنا".

أصداء

❊ سجل العديد من الشخصيات حضورهم في نهائي العرب للناشئين، يتقدمهم وزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق، وواليا معسكر عبد الخالق صيودة، ووهران سعيد سعيود، ورئيس المجلس الشعبي الولائي لتندوف، ونائب رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم محمد روراوة، والأمين العام للاتحاد العربي رجاء الله السلمي، ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم جهيد زفزاف، وعضو فريق جبهة التحرير الوطني محمد معوش.

❊ أبى العديد من النجوم السابقون للكرة الجزائرية، إلا أن يتواجدوا بالمنصة الشرفية لملعب "المجاهد المرحوم عبد الكريم كروم" بسيق، من بينهم الأسطورة لخضر بلومي، وقائد "الخضر" في مونديال 1982 علي فرقاني، والمدربان الأسبقان للفريق الوطني إيغيل مزيان ومحمد حنكوش.

❊ كالمباريات السالفة، لم يضيّع الناخب الوطني لمنتخب المحليين عبد المجيد بوقرة ومساعده مصباح، فرصة حضور نهائي الناشئين على ملعب سيق، واستحضار ذكريات التتويج بلقب منتخب المحليين في قطر، بعد رفع ناشئي الجزائر الكأس العربية على ملعب سيق.

❊ امتلأ ملعب سيق عن آخره قبل ساعتين من انطلاق المباراة. وصنع الأنصار الجزائريون أجواء جميلة ورائعة في المدرجات، التي التهبت بعد دخول العناصر الوطنية أرضية الميدان، للقيام بدورة شرفية قبل ساعة من صافرة بداية اللقاء، مع العلم أن الدخول إلى الملعب كان بالمجان.

❊ الأجواء التنظيمية كانت محكمة داخل وخارج الملعب. والأجهزة الأمنية، كعادتها، نجحت بامتياز في التحكم بمداخل ومخارج مدينة سيق رغم الأعداد الغفيرة التي حجت إلى ملعب المباراة لمؤازرة ناشئي "المحاربين".

❊ بالإضافة إلى الجماهير الجزائرية الغفيرة، استفاد أشبال المدرب رزقي رمان من دعم عائلاتهم، التي تواجدت على ملعب سيق، على غرار عائلة القائد فائز عمام، والمدافع الأيسر يوسف بيداني، ولاعب الوسط محمد بلقايد، والمهاجم الواعد مسلم أناتوف، التي لم يمنعها طول السفر ومشقته من تندوف إلى مدينة سيق، من تقديم المساندة لمدللها وأفضل لاعب في البطولة.

❊ سُجل 87 هدفا في 16 مباراة لعبت في النسخة الرابعة لكأس العرب لأقل من 17 سنة. وكان نصيب المهاجم السعودي طلال حاجي منها، 7 أهداف، وهي الحصيلة التي توّجته بلقب أحسن هداف في البطولة.

❊ بتتويج المنتخب الجزائري بلقب النسخة الرابعة لكأس العرب، تساوت المنتخبات العربية- الإفريقية والعربية- الأسيوية في عدد التتويجات، بلقبين لكل جهة، تونس (2011 ) والجزائر (2022) لعرب إفريقيا، والسعودية (2011)، والعراق (2014) لعرب آسيا.

❊ سقوط المنتخب المغربي للناشئين أمام شبان "الخضر" ليس الأول في خيبة المنتخبات المغربية أمام الجزائريين، حيث سبق أن خسر المغرب لأقل من 20 سنة أمام أشبال المدرب الجزائري محمد لاسات بركلات الترجيح (٣ ـ ٤) بعدما انتهى الوقت الأصلي بـ (1 ـ 1) برسم ربع نهائي كأس العرب بالقاهرة المصرية في جوان 2021. وفي ديسمبر 2021 أحبط رجال مدرب منتخب المحليين مجيد بوقرة، حلم نظرائهم المغاربة في ربع نهائي كأس العرب في الدوحة القطرية بركلات الترجيح (5 ـ 3)، وكانت النتيجة في الوقت الأصلي (2 ـ 2).