تراوحت بين 100 و250 دينار للكلغ

الوفرة تخفض أسعار "السردين" بسكيكدة

الوفرة تخفض أسعار "السردين" بسكيكدة
  • 1043
 بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

شهدت سكيكدة، خلال الأيام الأخيرة، انخفاضا في أسعار السمك الأزرق خاصة "السردين" حيث تراوح سعر الكيلوغرام الواحد بكلّ من القل وتمالوس وسكيكدة المدينة، بين 100 و250 دينار، ما دفع العديد من المواطنين لاقتناء السردين، بعد أن افتقدته موائدهم منذ مدة طويلة، وتمنى العديد ممن تحدثت إليهم "المساء" أن تبقى الأسعار في المتناول خاصة بالنسبة للعائلات المتوسّطة والفقيرة.

وأرجع بعض أصحاب المسمكات الذين تحدّثت "المساء" معهم بسطورة، سبب انخفاض الأسعار إلى وفرة الإنتاج بسبب الظروف المناخية المناسبة، مؤكّدين أنّ الأسعار ستكون وإلى غاية فصل الخريف مستقرّة. وحسب مديرية الصيد البحري وتربية المائيات، أنزلت كميات جد معتبرة من السردين قدّرت بالموانئ الأربعة وهي سطورة، القل، المرسى، ووادي الزهور، بأكثر من 35 طنا من مختلف أنواع السمك الأزرق.

وعن نوعية "السردين" المعروض بعديد نقاط البيع بعاصمة روسيكادا، لاحظت "المساء" أنّها من الحجم الصغير أو كما تسمّى محليا بـ"لاتشا" فطول غالبيتها لا يفوق 7 سم، ما يطرح أكثر من سؤال عن قانونية تسويق مثل هذا النوع من السردين الذي هو أصلا ممنوع من البيع، حسب القوانين المعمول بها في قطاع الصيد البحري، المحدّد للأحجام التجارية للموارد البيولوجية التي يجب أن تخضع لها الثروة السمكية منها السردين، لأنّ الإفراط في اصطياده، حسب بعض المواطنين، قد يتسبّب مستقبلا في انحسار الثروة السمكية.

وأشار رئيس غرفة الصيد البحري لولاية سكيكدة، ردا على سؤال "المساء" عن الحجم التجاري المتاح لصيد السردين، إلى أنّه محدّد بـ10 سم، مضيفا أنّ الصيادين يخضعون للمراقبة من قبل خفر السواحل في البحر وعند الإنزال في الميناء، لتبدأ مهام مديرية التجارة وترقية الصادرات للولاية، مؤكّدا أنّه يسمح بيع السمك بالحجم الصغير إذا كان ينتمي إلى كمية الالتقاط العرضي التي يحدّدها القانون بـ 10 بالمائة من الكمية المصطادة ذات الحجم التجاري المسموح به.

عزوف عن صناديق البلاستيك

وفيما يخصّ النشاط التجاري لبيع السمك بسكيكدة، وحسب المعاينة التي قامت بها "المساء" ببعض المحلات وحتى الباعة المتجولين داخل مركبات، بعضها مهيأ لمثل هذا النشاط والبعض الآخر يفتقر لأدنى شروط النظافة والحفظ، فإنّ العديد من الباعة ما يزالون يعتمدون على الصناديق الخشبية في عرض منتوج السمك رغم التعليمات الصادرة في هذا الشأن، منها القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 28 أفريل 2010 المتضمّن المصادقة على النظام التقني المتعلّق بمواصفات حاويات استيداع منتجات الصيد البحري وتربية المائيات ونقلها، حيث سبق وأن دعت مديريات التجارة عبر الوطن، بالتنسيق مع مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية، بائعي السمك، إلى ضرورة استعمال الصناديق البلاستيكية، بدل الصناديق الخشبية، لأنها تسبب مخاطر صحية على المستهلك، لاسيما وأنها تكون مسؤولة عن تجمع مختلف أشكال البكتيريا فيها، لكن ورغم تنصيب فرق مختلطة دائمة لإلزام بائعي السمك ومهنيي القطاع باستعمال صناديق البلاستيك الغذائي.

إلاّ أنّ العديد مازال لم يمتثل لأحكام هذا القرار الوزاري المشترك، ومن ثمة غير مكترثين بنصّ القانون رقم 09-03 المؤرّخ في 25 فبراير سنة 2009 المتعلّق بحماية المستهلك وقمع الغش. ومهما يكن الأمر، فقد مكّنت الكميات الكبيرة التي اصطيدت الأيام الأخيرة من الأسماك الزرقاء خاصة السردين، العائلات السكيكدية من مختلف الشرائح، من تزيين موائدها بعد أن كان السردين متاحا للطبقة الميسورة فقط، كما عرف سعر السمك المطهي على الجمر كما هو الحال بالقل، انخفاضا ما سمح للعديد من السياح والزوّار بتذوّق سردين القل المتميّز بنكهة خاصة.

لا أسواق للسمك في مدينة السمك

في سياق آخر، ما تزال سكيكدة التي تتوفر على شريط ساحلي يقدّر بـ140 كلم، وتضم جرفا قاريا ممتدا قليلا، لكنه غنيّ بأنواع الأسماك، كالسردين والتونة والسمك الأبيض والقشريات، إلى جانب توفرها على ستة موانئ بحرية، منها 4 أساسية للصيد بكل من سطورة والقل والمرسى، ووادي الزهور، أي بقدرة استيعاب تفوق 420 وحدة، تفتقر إلى أسواق متخصّصة في بيع السمك، وحتى الوحيد المتواجد بمدينة سكيكدة بمحاذاة السوق المغطاة القديم في شارع "علي عبد النور"، ما يزال مغلقا منذ أكثر من 14 سنة، أما الأسواق الجوارية أو المغطاة التي أضحت خلال الفترة الأخيرة، تعيش وضعا مزريا وفوضى حقيقية، كما هو الحال بالسوق المغطاة بصالح بوالكروة، أو السوق المغطاة بمرج الذيب المغلق منذ أكثر من ثلاث سنوات، تفتقر إلى مساحات خاصة لبيع الأسماك حسب المواصفات، وكما هو معمول به في العديد من الدول، وحتى كالمدن الكبرى، مثل سطيف وقسنطينة.

وناشد بعض الشباب خلال حديثهم مع "المساء"، الجهات المسؤولة بالولاية، تحويل السوق المغطاة المغلقة والمتواجدة بمرج الذيب، إلى سوق متخصّصة في بيع السمك، شريطة إعادة تهيئته وتزويده بأجهزة التبريد، حيث بإمكانه أن يوفّر فضاءات لبيع السمك في ظروف صحية وحسب المواصفات، فيما طالب البعض الوالي بفتح تحقيق في سبب بقاء سوق بيع السمك المتواجد بوسط المدينة مغلقا طوال هذه الفترة، خاصة بعد سعي بعض الأطراف من المافيا المحلية للاستحواذ عليه بطريقة أو بأخرى لتحويله إلى فضاء لبيع المغذيات.

أما الكارثة العظمى، فتكمن في سوق الجملة لبيع السمك بالقل (غرب مدينة سكيكدة)، المنجز من قبل الوزارة والمسير من قبل مؤسسة تسيير موانئ وملاجئ الصيد البحري المغلق منذ فترة طويلة، فرغم الأموال الضخمة التي صرفت من أجله، إلاّ أنّ عملية بيع الأسماك لا تتم به بعد أن تحوّلت هذه المسمكة، إلى هيكل بلا روح وفضاء لوضع أغراض البحارة فقط، وهو ما جعل سوق السمك بالقل يعرف فوضى عارمة.