إكسترانات تجنّد 5400 عامل نظافة بالعاصمة:

الرمي العشوائي للنفايات.. تصرفات متعبة لم تجد الردع

الرمي العشوائي للنفايات.. تصرفات متعبة لم تجد الردع
  • القراءات: 2318
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

❊ التحسيس أتى بثماره ونظافة المحيط مسؤولية الجميع

تعدّ مؤسّسة "إكسترانات"، أكبر مؤسّسة نظافة بولاية الجزائر، تسهر على جمع النفايات وتطهير المحيط والحفاظ على البيئة، رغم السلوكات غير الحضرية التي يسلكها المواطنون وجامعو المواد المسترجعة، خاصة خلال موسم الاصطياف، حيث تغطي إكسترانات 31 بلدية حضرية وشبه حضرية، من أصل 57، وتسعى بفضل عمالها، الذين يتعدى عددهم 5400 عامل، لرفع النفايات المنزلية، والإسهام في غرس ثقافة الفرز الانتقائي وتثمين المواد المسترجعة التي صارت مصدر دخل وعامل توازن اقتصادي. 

وذكر سمير مسعودي، مهندس بيئة بالمصلحة التقنية، لـ«المساء" أنّ مؤسّسة "إكسترانات" ترفع حوالي 2000 طن من النفايات التي يطرحها أزيد من 2.7 مليون نسمة، بإقليم نشاطها وتجسد برنامج عملها السنوي بشقيه التقني والتوعوي، حيث تكثف جهودها في فترة الصيف وموسم الاصطياف، بفضل عمال النظافة المنشترين في 31 بلدية من خلال رفع عدد الدورات، بسبب ارتفاع حجم النفايات، وسرعة تفسخ المواد العضوية خلال فصل الحر.

جهود مكثفة خلال موسم الاصطياف

وأفاد المسؤول، بأنّ المؤسّسة التي تتوفّر على أزيد من 312 شاحنة دكاكة تقوم بـ 360 دورية يوميا، تجوب أحياء وشوارع العاصمة، توفر 6500 حاوية لوضع النفايات، منها حاويات للمواد القابلة للاسترجاع، كالخضراء المخصصة للمواد العضوية، حيث توجه لدفنها في مركز الردم التقني بمنطقة حميسي غرب العاصمة، وحاويات صفراء للمواد القابلة للاسترجاع كالورق والبلاستيك، وأخرى بيضاء لوضع الخبز.

لكن رغم هذه الجهود - يقول محدثنا- إلاّ أنّ المؤسّسة لا تزال تسجّل العديد من التجاوزات، التي تزيد في متاعب عمال النظافة، وتكبد إكسترانات فاتورة أعباء إضافية، ويتعلق الأمر بسرقة الحاويات وتعرّض أخرى للتخريب والحرق، ولعل مثل هذه السلوكات غير الحضرية، تتسبب في عرقلة وتعقيد وضعية العمال في رفع النفايات التي يضطر المواطنون لوضع جزء كبير منها على الأرض، ويستغرق العمال وقتا كبيرا في رفع الأكياس التي تتمزق بفعل رميها وعدم إحكام إغلاقها أو بسبب القطط والكلاب المشردة التي تمزقها بحثا عن الطعام. 

تجسيد 83 حملة توعية لغرس ثقافة الفرز وحماية المحيط

وذكر أمين قادير مسؤول بخلية الاتصال لـ"المساء"، أنّ مصلحة الإعلام والاتصال جسّدت 83 حملة توعوية، خلال الفصل الدراسي الأوّل (من جانفي إلى جوان 2022)، استهدفت أكثر من 40 بالمائة منها المدارس الابتدائية، ولهذه الغاية، يشير تقييم أنشطة الخدمة إلى أنه من بين 83 حملة توعية مسجلة، تتعلق 37 منها بالنظافة والفرز الانتقائي للنفايات، و40 حملة لمكافحة تبذير الطعام، خاصة الخبز.

وأضاف السيد قادير، في إطار أنشطة التوعية التي جسدتها "إكسترانات" أنّ طاقما متخصصا قام بالتوعية مع المهندسين البيئيين، حيث يندرج هذا النشاط في إطار تنفيذ برنامج ولاية الجزائر المتعلق بالترويج لعملية الفرز الانتقائي للنفايات القابلة لإعادة التدوير، استهدفت 39 مدرسة ابتدائية، و 2014 تلميذ بالإضافة توعية 220 طفل من مختلف مراكز الترفيه وتحسيسهم بمسؤولية الحفاظ على النظافة بمرافق الراحة والاستجمام خلال فترة الصيف، فضلا عن توعية 345 طفل أثناء المشاركة في النشاطات البيئية المختلفة، ليصل بذلك مجموع الأطفال المستهدفين في برنامج التوعية 2579 طفل خلال الفصل الدراسي الأوّل (من جانفي إلى جوان 2022)، حسب المصدر الذي أفاد بأنّ "إكسترانات" سجلت حضورها في 26 فعالية، من بينها 12 تخصّ تبذير الخبز.

ورغم أنّ متاعب عمّال النظافة تتعاظم في هذا الصيف الحار، وموسم الاصطياف، فإنّ مؤسّسة "إكسترانات" تكتفي بعمالها الذين يزيدون في حجم الجهود، ولا تلجأ لتوظيف عمال موسميين خلال فصل الصيف، على غرار مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر، حسب مسؤول المصلحة التقنية، الذي أوضح أن العمال المنتشرين بمختلف البلديات يبذلون جهودا إضافية خلال الصيف لضمان نظافة المحيط وجمع النفايات، التي لا يزال المواطنون يرمون بها في كل مكان.

التحسيس موجود والردع مفقود

وأكّد محدثو "المساء" في خلية الإعلام والاتصال للمؤسسة، أنّ عمليات التحسيس صارت تؤتي ثمارها في كلّ مرة، حيث يتقرّب طاقم المؤسّسة من المواطنين، على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم، لحثّهم على المحافظة على البيئة لكونها مسؤولية الجميع، حيث قال السيد قادير، إنّ طاقم التحسيس لمس تحوّلات إيجابية في سلوكات المواطنين تجاه المحيط، مشيرا الى أنّ المواطن لما رأى بأم عينيه الجهود التي تبذلها مؤسّسة النظافة وحرصها اليوم لرفع النفايات، بدأ يهتم بالجانب البيئي، بعد أن كان من قبل لا يلقي بالا لذلك، متحجّجا بانشغاله بأمور أخرى يراها أكثر ضرورة.

لكن رغم الجهود التي تقوم بها المؤسّسة سواء في الجانب التقني أو التحسيسي، فإنّ الواقع يؤكّد أنّ هناك العديد من المواطنين لا يزالون يلوّثون المحيط، بسبب رمي النفايات المنزلية بشكل فوضوي يضعونها في غير أماكنها ويخرجونها في غير وقتها، وتبين من خلال الاستبيانات التي قام بها الإطارات واستهدفت فئة الأطفال أنّ 90 بالمائة منهم يكلفهم الأولياء بإخراج أكياس النفايات. ولا يخفى على أحد، أن بعض المواطنين الذين لا يحترمون قوانين النظافة، لا يزالون يرمون الردوم ومخلفات الأشجار والنباتات داخل الحاويات أو بالقرب منها وخلطها مع النفايات المنزلية، ما يعقّد وضعية عمال النظافة.

في هذا السياق، أكد ممثل خلية الاتصال، أنّ مثل هذه التصرّفات تلحق الضرر بعامل النظافة الذي يصاب بجروح جراء وجود أشياء حادة بالأكياس، كما يسبب ذلك أعطالا في أنظمة الشاحنات الدكاكة المخصص فقط لضغط المواد العضوية أو البلاستيك والورق.  ولم ينف محدثنا، وجود ظاهرة غير حضرية بدأت تتوسع دائرتها في الأحياء، وتؤثر سلبا على الجانب البيئي ونشاط عمال النظافة، حيث لا يتورع جامعو النفايات البلاستيكية بالخصوص، الذين يجوبون الشوارع والأحياء بمركباتهم النفعية ويقصدون أماكن الحاويات، بحثا عن قارورات البلاستيك وهو لاحظته "المساء" في العديد من أحياء العاصمة، فيمزقون أكياس النفايات لجمع قارورات البلاستيك، وبعثرة النفايات هنا وهناك، مشوّهين بذلك المحيط ومتسبّبين في متاعب إضافية لعمال النظافة. ولم ينف إطارات "إكسترانات"، أن مثل هذه التصرفات غير الحضرية، التي تمس البيئة انتشرت في غياب الردع، وأنه لو تطبق قوانين حماية البيئة، وتغريم الملوثين، فإن كل الظواهر المشينة تختفي، مثلما نجحت في ذلك الدول المتقدمة.