الدكتور هشام علام، رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي لـ"المساء":

يجب توفير أفضل الخدمات للرياضيين ووضع قوانين صارمة

يجب توفير أفضل الخدمات للرياضيين ووضع قوانين صارمة
الدكتور هشام علام، رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي
  • القراءات: 629
 إسماعيل. ع إسماعيل. ع

تحاول الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي توسيع نطاق نشاطها قدر الإمكان، بعد أربع سنوات من إنشائها، ويحدّث رئيسها الدكتور هشام سلام "المساء" في  هذا الحوار عن المشاكل التي تعيق تطوّر عملها  والحلول التي يجب اتباعها لإعادة بعث الطب الرياضي على نطاق واسع.

- الحديث اليوم عن الطب الرياضي، يجرّنا بالضرورة إلى ذكر التجربة الأولى التي عرفتها الجزائر في هذا المجال. كيف تقيّم تلك المرحلة، وما الذي جعلنا نتقدّم في هذا الجانب ونأخذ الريادة على مستوى إفريقيا؟

بالفعل، كان للجزائر تجربة ناجحة في الطب الرياضي، لاسيما في الفترة التي شهدت تطبيق الإصلاح الرياضي ابتداء من سنة 1977، ورافق الطب الرياضي القفزة النوعية التي عرفتها الرياضة الجزائرية على المستويين الوطني والدولي في سنوات الإصلاح الرياضي.. وواكب الطب الرياضي تلك النجاحات من خلال تبسيط التدريبات وبحث كيفية حماية صحة الرياضيين. لكن، هذا المفهوم تغيّر مع مرور الوقت، وأصبح الرياضيون خاصة فئة النخبة ينتقلون إلى خارج الوطن من أجل العلاج.

- نتقدم في السنوات قليلا، لنتحدّث عن مرحلة الثمانينات التي لعب فيها الطب الرياضي دورا حاسما في تطوير الرياضة الجزائرية ...

يعود بروز الطب الرياضي في الجزائر إلى سنوات السبعينيات، فأصبح بلدنا رائدا في هذا المجال على المستوى الإفريقي بفضل المرحوم البروفيسور العربي مخالفة الذي كسب اعترافا مدويا من الرياضيين الأفارقة بفضل النشاط الكبير الذي كان يقوم به لتطوير الطب الرياضي في القارة السمراء، فكان من روّاد الاتحاد الإفريقي للطب الرياضي الذي شغل فيه منصب أمين عام، وعمل رفقة مديره العام الإيفواري البروفيسور أنطوان رو الذي لا زال يحتل نفس المنصب إلى يومنا هذا.. وساهم البروفيسور العربي مخالفة بصفة فعّالة في إنشاء المركز الوطني للطبي الرياضي الذي كان مقره بدالي إبراهيم ومحاذيا لدار الاتحاديات الرياضية، ما سمح بخلق انسجام كامل في التعامل بين الطرفين.. كانت بالفعل مرحلة ذهبية للطب الرياضي في الجزائر، لأنّ المركز كان قبلة الرياضيين المصابين بشتى الأمراض والكسور وغيرها من الإعاقات التي كانت تمنعهم من مزاولة نشاطهم الرياضي، وكثير من الرياضيين الجزائريين لم يكونوا في ذلك الوقت بحاجة إلى التنقّل للخارج من أجل التداوي.

- المركز كان يشتغل بصفة دائمة لعدّة سنوات، قبل أن يتراجع دوره بصفة تدريجية، ما السبب في ذلك؟

من أبرز أسباب تراجع دور المركز الريادي في الطب الرياضي، هو عدم وضع إستراتيجية وطنية واضحة المعالم لتطبيقها على أرض الواقع والاكتفاء فقط بالمركز الوطني للطب الرياضي دون تجسيد خرجات ميدانية، ووضع الأطقم الطبية للاتحاديات الرياضية تحت التصرّف وفتح المجال للتكوين في هذا التخصص، واحتكاره من طرف بعض الجهات.

- حاولت السلطات العمومية في السنوات الأخيرة، إعادة الاعتبار لهذا الاختصاص مثلما توضّح ذلك نشأة فرع الطب الرياضي الموجود حاليا بمدخل المعهد العالي للعلوم الرياضية بدالي إبراهيم. لكن ما الذي يمنع من عودة هذا الفرع إلى مقره السابق الذي تحوّل إلى مصحة عمومية ؟

هذه الأمور لا زلنا نجهلها إلى حدّ اليوم، حيث أصبح هذا المركز مجرّد مصحة عمومية لا تقوم بالدور اللازم الموكل لها رغم الدعم الكبير المقدّم لها من طرف الدولة.. ولا يزال المركز الوطني للطب الرياضي الذي استفاد من مقر جديد مفخرة للجزائر بعدما بعث نشاطه من جديد سنة 2006، ليصبح الآن أهم حظيرة رياضية يزخر بها بلدنا، وله الآن ملاحق جهوية أنجزت ما بين سنتي 2008 و2010 في الشرق والجنوب والغرب.. ويعدّ المركز الوطني للطب الرياضي أحد المؤسّسات الإستراتيجية التابعة لقطاع الشباب والرياضة، وأوكل له مهمة تطبيق السياسة الوطنية للرياضة في شقها المتعلق بالاهتمام ومتابعة الرياضيين طبيا.

ويتكوّن هذا المركز الموجود بمدخل المعهد العالي للرياضة بدالي إبراهيم، من عدّة مرافق تتمثّل في مصلحة جراحة العظام، ومصلحة المرافقة الطبية للرياضيين ويعمل بها أطباء نفسانيون وأطباء أسنان والمصلحة الطبية للأنشطة البدنية، وكذا مصلحة الكشف الطبي والعناية، مصلحة التكوين المتواصل والبحث، ومصلحة تنسيق برامج التكوين الطبي المتواصل والرسكلة والتي تكفلت بتكوين أطباء عامين تابعين للقطاع من أجل تدعيم المراكز الجهوية التابعة له، وقسم الإدارة العامة وقسم الوسائل العامة الذي يسهر على ضمان الرقابة الطبية للرياضيين.

- وبماذا نفسّر قلة استنجاد الرياضيين بالطب الرياضي؟

الطب الرياضي معروف بصفة واسعة لدى معظم أنديتنا المحترفة واتحادياتنا الرياضية نظير التطوّر المذهل في الأجهزة الرياضية والتكنولوجيات الحديثة المطبّقة في مجال الطب الرياضي، ورغم ذلك يبقى معظم الرياضيين في حاجة ماسة له نظير غياب أمور تنظيمية تضمن العديد من المرافق والمراكز الطبية والأطقم المتخصّصة التي ترافق الرياضيين ميدانيا. وهذا يعود إلى التقصير في وضع القوانين وتطبيقها على أرض الواقع، رغم توفّر الجزائر على العديد من الكفاءات المتخصّصة التي تستطيع مواكبة التطوّر الحاصل في مجال الطب الرياضي وتوفير أفضل الخدمات للرياضيين وفي مختلف الظروف.

- إذن كيف يتعيّن تحقيق التقرّب بين مصالح الطب الرياضي ومختلف الأندية. هل هذا الأمر يحتاج إلى ترسيخ قوانين جديدة تفرض على كلا الطرفين التقرّب من الآخر حفاظا على صحة الرياضي ؟

نعم، من أجل التقرّب بين مختلف مصالح الطب الرياضي وبين مختلف الاندية المحترفة والهواة، لا بدّ من وضع قوانين صارمة تفرض على كلا الطرفين والالتزام بتطبيقها خلال الموسم الرياضي.

- ما هو الدور الذي قامت به جمعيتكم خلال فعاليات دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي جرت مؤخرا في عاصمة الغرب الجزائري وهران؟

الجمعية الجزائرية الوطنية للطب الرياضي كانت متواجدة في الطبعة التاسعة عشرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها مدينة وهران من خلال طاقم طبي يشرف على منافسات الرياضات القتالية، لكن لأسباب مجهولة، لم يتم منح الفرصة للجمعية لتوفير الأطقم الطبية المتخصصة لمرافقة الرياضيين داخل القرية المتوسطية، رغم كونها تقدّم خدمات مجانية تطوعية.. لكن، رغم ذلك، لقينا تجاوبا من طرف بعض المسيرين للعمل الميداني الذي تقوم به الجمعية مع الرياضيين.

- كجمعية وطنية، هل لديكم الإمكانيات للقيام بمهمتكم على أحسن وجه؟

الإمكانيات اللازمة لتطبيق الطب الرياضي في الجزائر هي العمل على فتح العديد من المراكز المغلقة وإعطاء الضوء الأخضر لبناء مراكز جديدة مع تجهيزها بأحدث الوسائل والأجهزة الطبية المعتمدة دوليا في مجال الطب الرياضي، مع تشجيع المختصين في المجال على المرافقة والتسيير..حاليا، الجمعية لا تملك الإمكانيات الخاصة اللازمة للعمل الميداني ونأمل من الوزارات الوصية دعمنا للانطلاق في تجسيد برنامجنا في مختلف أنحاء الوطن، في حين تمتلك الجمعية العديد من الإطارات والأطقم الطبية المتخصّصة أبرزها جراحة العظام، شبه الطبي، التغذية الرياضية والتأهيل البدني.

- تم استقبالكم مؤخرا من طرف وزير الشباب والرياضة. ما هي الانشغالات التي طرحتموها عليه، وهل لمستم استعداد المسؤول الأول عن القطاع لإعادة بعث نشاط الطب الرياضي على أوسع نطاق؟

اللقاء كان مهما جدا وتطرّقنا فيه إلى العديد من المشاكل التي تعيق انتشار نشاط الطب الرياضي، خاصة المراكز الطبية المغلقة وغياب سيارات الإسعاف لنقل الرياضيين خلال المنافسات والتربصات، إضافة إلى بعض الوضعيات الصعبة التي تمرّ بها عدد من الاتحاديات الرياضية في غياب تام لأطقم طبية رياضية على مستواها، وعدم قدرتها على القيام بتغطية صحية شاملة لمنتخباتها وأنديتها، حيث أبان السيد الوزير عن استعداد تام لتدعيم الجمعية والحرص على تجسيد مشروعها ميدانيا، إضافة إلى رغبته في إبرام اتفاقية إطار تساهم في الانطلاق الفعلي للتغطية الصحية الشاملة لمختلف التخصّصات الرياضية.