"وعدة التويزة ""بغليزان

موعد سنوي للكد والحمد ولم الشمل

موعد سنوي للكد والحمد ولم الشمل
  • القراءات: 548
نورالدين واضح نورالدين واضح

بعد سنتين من تجميد مختلف النشاطات الفلكلورية واللقاءات بسبب تفشي وباء كورونا عادت عروش ولاية غليزان، ومنها عرش فليتة خمس خماس، لإحياء "وعدة التويزة"، مع نهاية موسم الحصاد، والتي تعد عربون عرفان وحمد لله على الخيرات التي منحها الساكنة بعد موسم إنتاج فلاحي مليء بالكد والجد

وقد أحيت، مع نهاية الأسبوع الماضي، قبائل وأعراش منطقة فليتة خمس خماس، "وعدة التويزة" عبر مختلف بلديات عروش وقبائل فليتة، وهذا على مدار أسبوع كامل، حيث أقيم الحدث، الذي يعتبرونه واحدا من العادات والمناسبات الراسخة في طقوس وتقاليد قبيلة فليته خمس خماس، التي تنتشر من منطقة وادي السلام، بمحاذاة الرحوية بولاية تيارت إلى حدود سيدي محمد بن عودة، في الحدود مع منطقة وادي البطال بولاية معسكر، حيث تقام "الوعدة" مرة في السنة صيفا وتحييها كل العائلات الفليتية، حتى تلك التي استوطنت المدن، حيث تشير بعض الروايات إلى أن الولي الصالح سيدي محمد بن عودة، كان أول من أسس لها واعتاد عليها الذين جاءوا من بعده من سكان المنطقة.

ويعود تاريخ "التويزة" إلى سنين مضت، حيث أسس أهل المنطقة لهذه "الوعدة" منذ القدم حيث كانت الوعد يمثل رمزا من رموز الكرم والجود من طرف جل الأغنياء بالمنطقة وهذا مع انطلاق حملة الحصاد اليدوية تعبيرا عن كرم العائلة وكذا حنكة المرأة التي تقوم بتحضير الأكل في ساعتهفي هاته الفترة لم تكن هناك حصادات ولا آلات لجمع التبن ولا غيرها وكانت كل العملية تتم بوسائل تقليدية بما في ذلك حملة الحرث، حيث يجتمع شباب ورجال الدوار للتطوع كل مرة عند أحد الفلاحين وبالتعاون بين بعضهم في عملية تسمى "التويزة" ويعمد الفلاح الذي تنطلق عنده العملية الى جمع كمية من السنابل

ودرسها وتصفيتها وجمع القمح وطحنه بواسطة الطاحونة التقليدية، ثم بعد ذلك يصفى ويحضر منه طعام الغذاء لأول يوم تبركا بانطلاق عملية الحصاد، وبعد ذلك يشرع في عملية حصاد في كل مرة عند فلاح من العرش الى انتهاء موسم الحصاد في عمليات تآزر بينهم  في ما يسمى بـ"التويزة"، في حين تقام "الوعدة" جماعيا وتحضر كل عائلات القبيلة الطعام للضيوف القادمين من مختلف أرجاء الولاية من القبائل الاخرى وهذا بداية من الأربعاء يوميا الى غاية الأحد مساء.

اليوم مع التقدم الحضاري وظهور آلات الحصاد وغيرها من الوسائل المتطورة في شتى المجالات واختفاء وسائل الحصاد والحرث التقليدية أصبحت "التويزة"، تقام مع انتهاء حملة الحصاد حيث تقيم كل قبيلة "التويزة" الخاصة بها، في نفس الموعد وفي نفس الايام وبنفس الطريقة والاحتفالات بالطعام والمدعوين مع اختفاء أسس وعادات ظهورها وأصبحت تقنية أكثر منها روحية، كما غابت أيضا التآزر بين المواطنين إلا في الواعدات والأكلورغم كل هذا لم تختف "التويزة" من عادات وتقاليد قبيلة فليتة خمس خماس،  حتى وإن غاب طعمها خاصة بعد سنين الجمر التي عاشتها البلاد وغيرها من الأحداث التي تلاشت مع الوقت في المجتمع.