معرض فريد بن ياع بقصر الثقافة

خليج الجزائر العاصمة بكلّ تجلياته وبهائه

خليج الجزائر العاصمة بكلّ تجلياته وبهائه
  • القراءات: 580
لطيفة داريب لطيفة داريب

مزج الفنان المهندس فريد بن ياع، ببراعة فائقة، بين أكثر من شغف ملأ حياته حبورا، فرسم بشكل هندسي راق، خليج الجزائر وتغلغل في تفاصيله، ليؤكّد عودته إلى تنظيم معارض بجدارة وهذا بعد غياب ست سنوات . أي منذ معرضه الخاص بالمرأة تحت عنوان "اقتراح".

قدّم فريد بن ياع عدّة محطات تخصّ خليج الجزائر في معرضه الكبير الذي جاءت لوحاته ثمرة تزاوج بين الفن والعمارة، فهو فنان لا يرتئي إلاّ أن يخصّص لكلّ معرض موضوعا يبرع في التعبير عنه بكلّ حرفية وفنية. فالرّسام، النحّات، المهندس المعماري، المصمم الغرافيكي وغيرها من الفنون التي اختار أن يكون متفوقا فيها، أراد أن يكون معرضه هذا، رحلة في خليج البحر وأمام واجهات البنايات التي تحيط به وكأنّه عروس حوله مدعوون يصفقون له ويغنون في فرحه.

عشق بن ياع خليج البحر، فأراد أن يعبّر عن هذا الشغف بشكل فني مبهر، حيث رسم لوحات في حجم هائل وأخرى متوسّطة الحجم وثالثة ملوّنة وأغلبها باللونين الأبيض والأسود، علاوة على تقسيمه لمعرضه هذا لعدّة محطات، حتى يجد الزائر نفسه في هذه التظاهرة التي ستتواصل الى غاية 25 جويلية الجاري.

استغرق عمل التشكيلي هذا أكثر من 6 آلاف ساعة موزعة على ست سنوات ونصف، أراد من خلالها إحياء النقاش حول هندسة بنايات الجزائر العاصمة وخليجها، لتكون النتيجة أكثر من 60 لوحة مختلفة الأحجام. ويهتم بن ياع بالتدقيق في لوحاته، حيث تظهر تفاصيل البنايات والأزقة بشكل واضح للغاية، إضافة إلى خليج البحر وكلّ الآثار التي تعرف بها العاصمة. تنغمس جميعها في لوحات يتراوح طولها بين 5 إلى 13 مترا.

عبرّ فريد بن ياع من خلال معرضه هذا إلى حنينه لخليج الجزائر الذي اختير ثاني أفضل خليج في العالم عام 1956 بعد ريو دي جانيرو، واعتبره معهد العمارة ومختبرا معماريا حقيقيا. أبعد من ذلك فقد قال في تصريحات صحفية إنّه متحف معماري ومصدر إلهام للمهندسين الشباب الذين يجدون فيه وفي البنايات المجاورة له مادة دسمة لهم، خاصة وأنّ جميعها مشيّدة وفق أكثر من أسلوب هندسي مثل هومسان ونيو كلاسيك ونيو موريش.

وأضاف بن ياع أنّه يقطن بالعاصمة، ولهذا استطاع التقاط صور بانورامية من نادي إسبادون ورياض الفتح وغيرها والتي سمحت له بالحصول على زوايا نظر خاصة به، كما قرّر استئناف عمله، حيث مارس الهندسة المعمارية في قطاع الدولة والقطاع الخاص. كما أراد من خلال هذا العمل الضخم، التوفيق بين الفن والعمارة التي هجرت بيئتنا.

بالمقابل، لم يكن اختيار بن ياع عرض أعماله بقصر الثقافة اعتباطيا، فهذا المبنى الجميل يطلّ على خليج الجزائر، وهكذا رسم فريد الجزائر العاصمة في أدقّ تفاصيلها، وسيتعرّف أبناءها فعلا على أحياء ديدوش مراد ونهج زيغود يوسف وغيرها. أما مطعم البستان فيمكن من خلاله توفير رؤية بانورامية 180 درجة على خليج الجزائر، حيث تبرز المدينة الأوروبية في القرن الـ19 المشكّلة من الحديقة النباتية، وفندق سوفيتيل ، والمكتبة الوطنية، وملعب 20 أوت.

لم ينس بن ياع القصبة فخصّص لها عدّة لوحات جاء بعضها باللونين الأبيض والأسود، وأخرى غمرتها الألوان فظهر بوضوح جمالها وخصوصياتها من بينها مباني دار عزيزة ومسجد كتشاوة. في حين أعاد أخوه جمال رسم خارطتها الجغرافية في عدّة لوحات. كما يمكن أيضا من خلال هذا المعرض اكتشاف بنايات أخرى مثل مجلس الأمة، فندق الأوراسي، الجامع الجديد، معهد الموسيقى بتقنية الحبر الصيني. ورسم أيضا الأميرالية في أبهى حالها.

بالمقابل، خصّص في معرضه هذا فضاء للمهندسين المعماريين الجزائريين الذي انشغلوا بخليج الجزائر العاصمة. ومن بين هؤلاء والد العمارة الجزائرية عبد الرحمن بوشامة، محمد بن رابط، سهام ونسيم بغلي، جمال عقلوش، كمال العوفي وغيرهم. إضافة الى ومضات حول كُتّاب ألّفوا كتبا عن الهندسة مثل نجاة خدّة وصغير محمد وجون جاك دلوز. وكذا زووم كبير لإنجازات مهندسينا الكبار مثل حنيفة حموش وسامية سليماني.

في الختام، طلب فريد بن ياع العمل بروح متفائلة والتوقّف عن الشكوى، وكذا التحرّك وإعطاء الأمل للشباب تحت شعار"كلّ شيء ممكن".