إثر اكتشاف مخزون هام للغاز المكثّف بحاسي الرمل

الجزائر تتقوّى..

الجزائر تتقوّى..
  • القراءات: 3014
  مليكة.خ   مليكة.خ

❊ رئيس الجمهورية: سوناطراك "الجيش الثالث" الذي يحمي سيادتنا

  شراكات واستثمارات استراتيجية منتظرة قريبا

  مكسب جديد لقطاع المحروقات لدى شريك موثوق فيه   

  مبدأ "رابح رابح" لاستقطاب زبائن جُدد من دول صديقة

  قانونا المحروقات والاستثمار الجديدان..ضمانة وربحية

يشكّل الاكتشاف الهام من الغاز المكثف بحاسي رمل المعلن، أول أمس، من قبل شركة سوناطراك مكسبا جديدا لقطاع المحروقات في الجزائر، كونه يعد واحدا من أكبر عمليات إعادة تقييم الاحتياطيات خلال العشرين سنة الماضية، ما سيجعل البلاد برأي مراقبين، في أريحية في الفترة المقبلة، في الوقت الذي  تشهد فيه أسعار الغاز ارتفاعا في السوق الدولية خاصة مع تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.

يتزامن هذا الاكتشاف مع تهافت الدول الشريكة على الجزائر من أجل ابرام صفقات غازية واعدة، في الوقت الذي تراهن فيه القارة الاوروبية على الغاز الجزائري لسد احتياجاتها على خلفيات تتعلق بالخصوص بالبعد الجغرافي والنوعية والثقة، حيث سجلنا تزايدا كبيرا من قبل بعض الشركاء على هذه المادة الحيوية.

ويرى مراقبون أن مثل هذا الاكتشاف سيزيد من اهتمام  الشركاء الذين يتنافسون على الطابع التفضيلي الذي يحكم عادة  علاقات التعاون بين الجزائر ومختلف الدول خاصة دول الجوار، غير أن البراغماتية التي أضحت تطبع السياسة الخارجية للجزائر، وفق مبدأ "رابح رابح"، سيجعلها تحدد أولوياتها وفق ما يتماشى ومبادئها في الوقت الذي تحوّلت فيه الورقة الاقتصادية إلى أداة ضغط في عالم يشهد تجاذبات اقليمية متعددة.

وبرأي محللين، فإن الجزائر التي لطاما التزمت وأوفت بعهودها لن تلجأ البتة إلى الإخلال بها، غير أن ذلك لن يمنعها من فرض شروطها وفق ما تمليه سيادتها التي ترفض المساومة بها مهما كان الطرف الآخر، ولا أدل على ذلك الموقف الصارم للجزائر التي هددت إسبانيا بفسخ العقد الذي يربطها معها في حال لجوئها إلى تصدير حصص من الغاز الجزائري إلى وجهة ثالثة .

كما يجمع متابعون على آن قرار الجزائر بتجميد معاهدة الصداقة مع إسبانيا على إثر  تغير موقفها من قضية الصحراء الغربية وتبنيها للبعد التوسعي للمخزن المغربي، يندرج في إطار فرض هذه السيادة، من منطلق أن المعاهدة تتضمن  بندا يلزم مدريد بالتحلي بالحياد في هذه المسالة المصنفة ضمن قضايا تصفية الاستعمار.

لا مساس بقرار وسيادة الجزائر الحرة

وقد انجر عن ذلك توقيف المعاملات التجارية بين البلدين ما أثر سلبا على الاقتصاد الاسباني بشهادة المتعاملين الإسبان الذين ألقوا جام غضبهم على حكومة سانشيز.

وقبل ذلك، كانت الجزائر قد رفضت تجديد عقد العمل بأنبوب الغاز المار إلى إسبانيا عبر المغرب الذي كان  يتقاضى رسوم عبور، إلى جانب كميات من الغاز لغرض الاستخدام المحلي بسبب سياسته العدائية التي وصلت إلى حد التطبيع مع الكيان الصهيوني ومحاولة الاستقواء به في المنطقة مما يشكل تهديدا خطيرا لدول الجوار.

تعاون جزائري إيطالي واعد

وفي المقابل، يفتح التعاون الجزائري الايطالي في مجال الطاقة آفاقا واعدة، خاصة بعد تبادل الزيارة بين رئيسي البلدين وإبرام اتفاقيات لتزويد روما بكميات إضافية من الغاز تصل إلى 9 مليارات متر مكعب سنويا خلال عامي 2023 و2024، يشمل أيضا مراجعة السعر وفقا لمعطيات الأسواق العالمية.

وكانت سوناطراك جددت عقد  تصدير الغاز إلى "إيني" عام 2019 لمدة 10 سنوات، في الوقت الذي أشارت فيه الشركة الايطالية على موقعها الرسمي أن الكميات الإضافية الأولى للغاز عبر أنبوب (ترانسماد - إنريكو ماتاي) ستكون متاحة اعتبارا من أشهر الخريف القادم.

ولم يعد يقتصر التعاون في مجال الغاز على تصدير كميات منه الى الشركاء، بل أيضا بتوفير الدعم اللوجيستيكي لدول جارة تتطلع لأن  تصدّر هذه المادة الحيوية إلى القارة العجوز، على غرار نيجيريا التي تراهن على البنى التحتية للجزائر لتسريع مشروع مد خط أنابيب الغاز العابر للصحراء.

وقد عقد خلال الأسبوع الماضي اجتماعا ثلاثيا مع نيجيريا والنيجر لتسريع مشروع لمد خط أنابيب الغاز العابر للصحراء بالعاصمة أبوجا، حيث ضم الاجتماع إلى جانب وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، وزير الدولة للموارد البترولية لنيجيريا تيميبري سيلفا، ووزير الطاقة والطاقات المتجددة للنيجر مهاماني ساني محمدو.

واتفق الوزراء على مواصلة المشاورات عبر الفريق التقني الذي تم تشكيله خلال هذا الاجتماع، وتكليفه بإعداد كل البنود والدراسات التقنية والمالية ودراسات الجدوى المتعلقة بتجسيد المشروع، مع تنظيم الاجتماع الثلاثي القادم في فترة وجيزة، لا تتعدى أواخر جويلية المقبل في الجزائر.

وبالعودة إلى الاكتشاف الضخم للغاز المكثف بحاسي رمل، فان مراقبون يؤكدون أهميته كونه يشكل مصدرا جديدا للخزينة العمومية والاقتصاد الوطني، فضلا عن أنه من شأنه أن يستقطب زبائن جدد في ظل قانوني الاستثمار والمحروقات الجديدين، في الوقت الذي يجري فيه إنجاز برنامج أشغال تطويري لتأكيد الأحجام التقديرية والعمل على إنتاج مستعجل يقدر بنحو 10 ملايين متر مكعب يوميا اعتبارا من نوفمبر 2022.

سوناطراك "الجيش الثالث" للجزائر

ولطالما اعتبرت شركة "سوناطراك" في ظل الانجازات التي  تحققها، "العمود الفقري" للاقتصاد الوطني، غير أن رئيس  الجمهورية عبد المجيد تبون، ذهب أبعد من ذلك عندما عدّها "الجيش الثالث" للجزائر، وذلك  خلال زيارته الاخيرة الى ولاية وهران، خلال إشرافه على تدشين محطة لتحلية مياه البحر بمنطقة الرأس الأبيض.

وقال الرئيس تبون إن شركة سوناطراك "من الأدوات القوية التي تسمح للجزائر بممارسة سيادتها الوطنية والدرع التي تحميها على جانب قواتها المسلحة والمواطنين الأحرار"، مؤكدا "أن التاريخ سيسجل أن هذه الشركة الوطنية سمحت للجزائر بأن ترفع صوتها ورأسها في ظروف جد حساسة".

وكان الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك توفيق حكار، قد توقع أن تبلغ عائدات الجزائر من تصدير النفط 50 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، بفارق 15 مليار دولار عن 2021، ما يعني أن مداخيل الجزائر الإجمالية المتوقعة من النفط وخارجه خلال العام الحالي قد تصل إلى نحو 57 مليار دولار، في حال تحقيقها صادرات خارج المحروقات بـ7 مليارات دولار، فيما وصلت إلى 4 مليارات دولار خلال الأشهر 4 الأولى من العام الحالي.

وأقرّ المسؤول الأول عن عملاق النفط بأن أوضاع سوق الغاز الدولية "سمحت بزيادة الصادرات الجزائرية بنسبة 54% عن طريق خطوط أنابيب الغاز، و13% عن طريق المسار المميع" في إشارة إلى ناقلات النفط.

للاشارة، حققت شركة سوناطراك بين 2020 إلى 2022، 35 اكتشافا بتروليا وغازيا جديدا، بينها 34 اكتشافا من قبل سوناطراك لوحدها، في حين وصلت قيمة استثمارات الشركة منذ بداية العام الحالي إلى ما لا يقل عن 7 مليارات دولار وذلك في عدة مشاريع نفطية في طور الإنجاز.