أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مبروك كاهي لـ" المساء ":

مدريد ستدفع ثمن إنحيازها للمخزن اقتصاديا وأمنيا

مدريد ستدفع ثمن إنحيازها للمخزن اقتصاديا وأمنيا
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مبروك كاهي
  • القراءات: 596
شريفة عابد  شريفة عابد

❊ الجزائر في موقع قوة وإعادة صياغة معاهدة الصداقة سيكون لصالحها

أعرب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة قاصدي مرباح، مبروك كاهي، في تصريح لـ"المساء"، أن إسبانيا ستدفع ثمن اصطفافها مع المخزن وتأييدها لأجندته اللاشرعية، سواء على الصعيد الاقتصادي بفقدانها سوق مهم يقارب 5 مليار دولار، أو على مستوى تأمين الحدود البحرية من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من إفريقيا، مضيفا أن إعادة صياغة بنود معاهدة الصداقة بين البلدين مستقبلا، في حالة تراجع مدريد عن قرارتها، سيكون لامحالة في صالح الجزائر في جميع النواحي، لاسيما وأن ظروف توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون وحسن الجوار في 2002 تختلف جذريا عن المرحلة الراهنة  التي يطبعها تنوع الشراكات والعلاقات مع دول جديدة وفق النظرة الجديدة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.

يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ورقلة، مبروك كاهي، أن المعطيات الدولية الراهنة وتمسك الجزائر بمبدأ الشرعية الدولية والقوانين والمعاهدات، يجعلها في موقف قوة مقارنة بإسبانيا، التي وضعتها حكومة بيدرو شانسيز، في مأزق غير مسبوق، إضطر بالدولة الجزائرية إلى تعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع هذا البلد. وذكر المتحدث بالإطار العام الذي أبرمت فيه الجزائر علاقة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومعاهدة الصداقة مع إسبانيا، "حيث كانت تعاني من عزلة دولية، بسبب خروجها من الأزمة الأمنية خلال العشرية السوداء، ما جعل تلك الاتفاقية تضمن مصالح الاتحاد الأوروبي أكثر مما تضمن مصالح الجزائر". وأضاف، أن ذلك كان سبب المطالبة المستمرة من عدة أطراف جزائرية بإعادة صياغة اتفاقية الشراكة، لأنها لم تكن متكافئة وإنما تخدم مصلحة الأوروبيين أكثر من مصلحة الجزائريين.

رغم ذلك ظلت الجزائر، يضيف محدثنا، تلتزم دائما بحسن الجوار وحل النزاعات والأزمات عن طريق الحوار والطرق السلمية، محترمة في ذلك كل المعاهدات الدولية. وفيما يخص الأزمة الأخيرة بين إسبانيا والجزائر، أشار المتحدث إلى أن مدريد ستجني ثمار خرقها للشرعية الدولية، لاسيما وأن معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار الموقعة سنة 2002، تنص في أحد بنودها على أن الدولة الجزائرية ونظيرتها الإسبانية تلتزمان بمبدأ حل النزاعات الإقليمية على مستوى منظمة الأمم المتحدة وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومنها النزاع القائم بين المغرب والصحراء الغربية التي يطالب شعبها بالاستقلال. وأبرز الأستاذ كاهي أن الجزائر لم تحد عن موقفها الشرعي، وإنما إسبانيا هي التي فعلت بإعلان إنحيازها لدولة المغرب، "ما يعتبر نقضا صارخا ومفضوحا لأحد بنود اتفاقية الصداقة وحسن الجوار".

وأشار إلى أن الجزائر لم تلغ الاتفاقية السالفة الذكر وإنما علقتها، وفي ذلك فرصة لعودة وتراجع إسبانيا عن قراراتها الخاطئة وخيانتها للقانون الدولي ولتعهداتها مع دولة سيدة مثل الجزائر، مؤكدا إن حدث هذا التراجع، فإن الجزائر ستبحث عن صيغة جديدة تضمن مصالحها على جميع الأصعدة. وبعد أن لفت إلى الهزة العنيفة التي تسببت فيها حكومة شانسيز للشارع وللبرلمان الإسبانيين، لأن قراره فاقد للشرعية، ولم يحظ بتأييد البرلمان، توقع محدثنا أن ينهي التصعيد بإسبانيا بحكومة بيدرو سانشيز ويضفي إلى انتخاب حكومة جديدة، بعد المتاعب المتزايدة التي أقحم فيها الإسبان، لاسيما الشركات الاقتصادية مع شريك استراتيجي هام مثل الجزائر. كما ستكون تداعيات أخرى على إسبانيا، بضيف محدثنا، بحكم أن الجزائر تعد من أهم  الفاعلين في المنطقة لوقف فلول الهجرة غير الشرعية باتجاه القارة الأوروبية عبر المنفذ الإسباني "لأن الجزائر تلعب دورا حيويا في مكافحة الظاهرة التي ستتزايد مع حلول فصل الصيف".

من بين نقاط القوة التي ذكرها السيد كاهي، في الأزمة الجزائرية الإسبانية، والتي تحتسب لصالح الجزائر، التغيرات الحاصلة على المستوى الدولي، وفي مقدمتها انشغال الاتحاد الأوروبي بالحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن "الاتحاد الأوروبي يوجد في وضع كارثي ولهذا أوصى إسبانيا بأن تحل خلافها مع الجزائر بالطرق السلمية والحوار المتبادل بين الطرفين، في وقت تراجعت فيه الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن، عن الانحياز الذي كان أبداه في وقت سابق دونالد ترامب الداعم للمخزن في قضية الصحراء الغربية". ويضاف الى كل هذا، حسب المتحدث، الموقع الذي تتمتع به الجزائر داخل الاتحاد الإفريقي، ككيان في التعامل مع الاتحاد الأوروبي، حتى وإن كانت العلاقات غير متكافئة، على اعتبار أن أي نزاع يقع يدرس في اطار الاتحاد الافريقي على أساس التعامل بين منظمة ومنظمة.

وخلص في الأخير للقول، أن العلاقات الإسبانية الجزائرية، لن تعود كما كانت في السابق وأنه سيكون هناك إعادة لصياغة قواعد اللعبة من جديد، بما يضمن مصالح الدولة الجزائرية، في ظل الظروف الدولية وحرص دول الاتحاد الأوروبي على الحفاظ  شركاء استراتيجيين بالقارة السمراء كالجزائر التي تزخر بموارد الطاقة وسوق لمنتجاتها، فضلا عن اعتبارها قوة عسكرية راعية للسلم والأمن، ضامنة لاستقرار المنطقة.