مليكة رحال وفلوين سار بـ”الورشات المتوحشة”

أبعاد أخرى في عملية التأريخ

أبعاد أخرى في عملية التأريخ
  • القراءات: 537
مريم . ن مريم . ن

ناقشت المؤرخة مليكة رحال والمفكر السينغالي فلوين سار، أول أمس، بفضاء "الورشات المتوحشة"، وسط العاصمة، في إطار مشروع "أطفال العالم الجديد"، موضوع "كتابة التاريخ، ترجمة العالم"، مستعرضين البعد الشعبي والاجتماعي في كتابة التاريخ، مع الإلمام ببعض الخصوصيات والتفاصيل التي قد تتجاوزها أو تسقطها عملية التأريخ الأكاديمي والرسمي. تعتبر "الورشات المتوحشة" مساحة فنية متعددة التخصصات، تأسست سنة 2015 من طرف المحامية والمناضلة في حقوق الإنسان والكاتبة وسيلة تمزالي، تقع في شارع ديدوش مراد، بقلب العاصمة، وهي مركز للإبداع الفني والتجريب والترويج للفن المعاصر في الجزائر، وهو فضاء ملائم لتلاقي الأفكار، ويستفيد هذا المشروع من دعم برنامج ثقافة "داير ما يدور".

أثار هذا اللقاء أبعادا أخرى في عملية الكتابة والتأريخ، لم تلق فيما سبق حقها الكافي من التسجيل والعرض، خاصة في كلاسيكيات الكتابة التاريخية المضبوطة بالمناهج والقواعد الأكاديمية الصارمة، حيث أكدت الدكتورة مليكة رحال، على أبعاد جديدة في كتابة التاريخ، منها إثارة تفاصيل إنسانية وأحداث قد تكون هامشية، لا يلتفت إليها المؤرخ الأكاديمي الذي قد يكتفي بالأحداث الكبرى والعامة، أو السياسية مثلا، ولا يقف عند تفاصيل الأحداث أو حياة الناس، وهو الأمر الذي حاولت هي أن تدركه في كتابها جزائر 1962 تاريخ شعبي، حيث استعرضت تفاصيل احتفالات الاستقلال في الشارع الجزائري.

كتبت المؤرخة أيضا عن الثورة، من خلال الحي الذي عاشت فيه، وهو "القلب المقدس" بشارع ديدوش مراد، حيث وقفت عند هذه المباني الفرنسية، مستحضرة كل الأحداث، منها جرائم اليد الحمراء، وهذا ما تعتبره إيقاظا للذاكرة وترويجا آخر للتاريخ، وهنا أكدت على ضرورة مراعاة القارئ الأجنبي، الذي ليست له خلفيات عن هذا التاريخ، بالتالي وجوب تزويده ببعض التفاصيل والشروحات اللازمة، مع تجنب الإطناب والمبالغة المنفرة، مضيفة أنه من حق المؤرخ والكاتب الجزائري اليوم، أن يكون له قراؤه عبر العالم، وقالت هناك أبعاد كثيرة للكاتبة، منها البعد الجيو سياسي، وكلها أمور يجب إدراكها، بالنسبة لي، فقد كتبت عن جزائر 1962، ونشرت في فرنسا، حيث يروج بالخطوط العريضة للمقاومة الفرنسية إبان الحرب العالمية وغيرها، لكن الجزائر غائبة، بالتالي لابد من أن يكون لتاريخها الحضور أيضا".

من جانبه، قرأ السينغالي فلوين سار نصا خطابيا من أحد كتبه، وجهه لشباب إفريقيا، تضمن تاريخ هذه القارة الشاسعة والضاربة في جذور الإنسانية، طرح فيه هذا الوعي بالتاريخ، ومتوقفا عند ارتباط الأفارقة بأرضهم، ومستحضرا بعض الدول والعواصم الإفريقية وبعض الأعراق التي عمرت القارة منذ الأزل، وتبنيها لقيم الإنسانية والسلام وتضامنها أمام متغيرات الزمن والتاريخ، لكن العواصف كانت بالمرصاد، خاصة تلك القادمة من الشمال (من وراء البحر)، لتنشب الحروب والصراعات والمواجهات بين الإخوة، لكن المقاومة كانت دوما هي الملاذ، ومحو آثار الإمبريالية الهمجية التي لم تخلف للقارة سوى المزيد من بؤر التوتر، وأثناء المناقشة التي تبعت قراءته، قال إنه يسعى لبناء وعي إفريقي، والعودة إلى أصل الحياة في هذه القارة التي قدمها الغير، بما فيهم المستعمر بصورة مغايرة، مؤكدا على ضرورة التضامن والوقوف مجددا من أجل اللحاق بسير الراهن.

المتحدث أستاذ في الاقتصاد بجامعة دكار، لكنه يمشي على درب الأدب، ويشتغل على التاريخ، وشارك في الكثير من ورشات البحث، له عدة روايات والعديد من الألبومات الغنائية، وله دراسات في التعابير الشعبية الإفريقية، صنفته مجلة التايمز سنة 2018 من بين 100 شخصية مؤثرة في العالم.