حزن يخيم على الوسط الفني والسياسي

رسائل التعازي تتهاطل في رحيل شافية بوذراع

رسائل التعازي تتهاطل في رحيل شافية بوذراع
  • 504
ل. د/ الوكالات ل. د/ الوكالات

لم يتوقف سيل التعازي في الانهمار، سواء في الواقع أو على وسائل التواصل الاجتماعي، في نعي رحيل الفنانة الأصيلة شافية بوذراع، التي  ستبقى إلى الأبد أم كل الجزائريين، ورمز المرأة الجزائرية الشجاعة والمقاتلة والصامدة. بعث، في هذا السياق، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، برسالة تعزية إلى عائلة الفنانة شافية بوذراع، معتبرا إياها "مثالا ومدرسة لأجيال من الفنانين" و"مبعثا للاحترام من جمهور المتذوقين على مر سنوات طوال".

وجاء في رسالة التعزية: "تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة المغفور لها بإذن ربها، الفنانة المرحومة شافية بوذراع، وقد فارقتنا لتلقى الله ولقاؤه حق. وأمام هذا المصاب الجلل، فإننا نودع كوكبا أفل من سماء الفن الجزائري، وقد صدحت المرحومة رفقة ثلة من فناني الرعيل الأول للجزائر المستقلة عبر ركح المسارح، وافتتحت بواكير الإنتاج التلفزيوني والسنيمائي، وكانت مثالا ومدرسة لأجيال من الفنانين، ومبعثا للاحترام من جمهور المتذوقين على مر سنوات طوال، فكانت (لالة عيني) فنانة بحق من طينة الفنانين العالميين". خلص رئيس الجمهورية إلى القول: "وإذ نسلم رضا بقضاء الله وقدره، فإنني أعزي الأسرة الثقافية والفنية عامة، وأهل الفقيدة خاصة، سائلا المولى عز وجل أن يتغمدها بمشمول رحمته، ويسكنها الفردوس من جناته، ويلهم الجميع جميل الصبر والسلوان. عظم الله أجركم وأحسن عزاءكم. إنا لله وإنا إليه راجعون".

بدوره، قدم وزير المجاهدين وذوي الحقوق، السيد العيد ربيقة، تعازيه الحارة لعائلة المجاهدة وأرملة الشهيد صالح بوذراع، الفقيدة شافية بوذراع التي رحلت عنا عن عمر ناهز 92 عاما. كما تلقت وزيرة الثقافة والفنون، الدكتورة صورية مولوجي بكثير من الحزن والأسى، نبأ وفاة المغفور لها بإذن الله، أيقونة السينما الجزائرية، الممثلة القديرة شافية بوذراع عن عمر ناهز 92 سنة، بعد صراع مع المرض. وقالت، إن الفقيدة المعروفة بشخصية "لالا عيني" تحفة لن تمحى من الذاكرة الفنية في الجزائر، فهي واحدة من الفنانات الجزائريات اللواتي عكسن الصورة النموذجية للمرأة الجزائرية في كفاحها ونضالها ضد الحرمان والجهل والفقر، وبطش الاستعمار الفرنسي، فنشرت الحب والابتسامة في الوسط الفني، ومنحت الجمهور متعة المشاهدة، فأحبها وحرص على متابعة كل كبيرة وصغيرة في مسيرتها الفنية الثرية.

جاء في بعض شهادات من عرفها عن قرب من أبناء مدينتها قسنطينة، أنها كنت امرأة شجاعة، فقد عاشت الفاقة حينما التحق زوجها سي صلاح بوذراع بالكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي، حيث كانت تطعم أطفالها بالخبز والماء، وزاد الأمر سوءا بعد استشهاد زوجها، ثم انتقالها إلى العاصمة مباشرة بعد الاستقلال، حيث عاشت الوحدة وفقدان أحد أطفالها بشكل مأساوي. ولم تكن تكفيها منحة الشهيد المقدرة آنذاك بـ 150 دينار جزائري شهريا، و30 دينارا لكل طفل قاصر، ورغم النجاح الذي عرفته بعد كل هذه المعاناة، إلا أنها لم تنس ما عاشته، فكانت بالفعل امرأة عظيمة. كتب المسرحي عمر فطموش؛ "يا الي اعشقتي الليل او سنجاقك لملاية، كحلتي بالبارود والوطن درتيه غناية، احببتنا في فن الجدود واشبعنا منك الحكاية. يا لا عيني ارتاحي مرتاحة البال والصغارات وجدو المراية أو في كل مراية صورتك ضواية تسرد ألف أو مليون حكاية . ربي يرحمك ويوسع عليك أو يجعل مثواك جنة النعيم يا رب العالمين".

للإشارة، تعد الممثلة شافية بوذراع، واسمها الحقيقي عتيقة بوذراع، إحدى الشخصيات البارزة في المسرح والسينما الجزائرية، والتي تألقت في دور "لالة عيني" في مسلسل "الحريق" للمخرج مصطفى بديع. كما تركت شافية بوذراع، التي ولدت في قسنطينة سنة 1930، بصمتها في عالم السينما والتلفزيون، من خلال تناوب الأدوار بين الشاشتين الصغيرة والكبيرة، خلال مشوارها الفني الطويل، الذي امتد لأكثر من أربعين عاما. خلال أربعة عقود، أدت شافية بوذراع أدوارا بارزة في فيلم "زواج موسى" للطيب مفتي، و"ليلى والآخرون" لسيد علي مزيف، و"هروب مع حسن طيرو" لمصطفى بديع، و"امرأة لولدي" لعلي غالم"، و"مصاص دماء في الجنة" لعبد الكريم بهلول، و"صرخة الرجال" لعكاشة تويتة، و"الخارجون عن القانون" لرشيد بوشارب الذي أخذها إلى مهرجان "كان" السينمائي.

في الشاشة الصغيرة، شاركت الممثلة في العديد من الأعمال التلفزيونية الفرنسية، على غرار "لا سيزيام غوش (اليسار السادس)" للمخرجة كلير بلانجيل، و"لو سوكري دو إيليسا رايس (سر إليسا رايس)" للمخرج جاك اوتميزغين، ولان كونطر لوتر (واحد ضد الآخر)"للمخرج دومينيك بارون، وكذا جاست لايك وومن (تماما مثل المرأة)" و"لونور دو ما فامي (شرف عائلتي)" للمخرج رشيد بوشارب. أما في الفن الرابع، فقد شاركت الممثلة، التي تقمصت دور الأرملة في مسرحية "ترويض النمرة" للمسرح الوطني الجزائري، في مونولوغ من إخراج حميدة آيت الحاج، حول وضعية المرأة. تم تكريم الممثلة شافية بوذراع في العديد من المرات، لا سيما من طرف المسرح الوطني الجزائري ومهرجان الفيلم العربي بوهران، ومهرجان الفيلم بمسقط، اعترافا بموهبتها الكبيرة والمسيرة الحافلة لهذه الشخصية البارزة للثقافة الجزائرية، التي كرست حياتها ومسيرتها، خدمة للفن.