أياد ممدودة.. إلاّ لمن أبى واستكبر

  • القراءات: 790
بلسان: جمال لعلامي بلسان: جمال لعلامي

"اليد الممدودة" و"لمّ الشمل"، وتحقيق التوافق وتكريس الحوار والتشاور، هو دون شك مسعى يجب أن يلتفّ حوله هؤلاء وأولئك، طالما أنه يهدف إلى بناء جزائر جديدة، وتقوية أركانها، واستقرارها، وسيادتها، وحفظ أمنها وسلامتها، وخدمة مواطنيها بكلّ نزاهة وشفافية، ودون انتظار جزاء ولا شكورا.

لا يُمكن لأيّ كان، مهما كان انتماؤه وإيديولوجيته وحزبه وفريقه وجماعته (..)، أن يدير ظهره لمساعي الخير والبناء والصلح والإصلاح، إلاّ إذا كان في نفسه مرض، والحال أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مدّ يده للجميع من دون استثناء ولا إقصاء، في أول خطاب له بمناسبة أداء اليمين الدستورية، في أعقاب رئاسيات 12 ديسمبر 2019، وقد تفاعل مع ذلك كلّ الخيّرين والوطنيين والحالمين الراغبين في التغيير وإعادة الإقلاع.

قد تحتاج النخب والأحزاب والمجتمع المدني والجمعيات والمنظمات الجماهيرية والنقابات، وحتى الأفراد، الجماعات والعائلات، إلى يد ممدودة، وإلى جلسات حوار ونقاش مفتوحة، وإلى ثقافة وسياسة لمّ الشمل، حتى يُعاد بناء النسيج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتربوي والأخلاقي، بعيدا عن فيروسات الحساسية من الآخر وأوبئة تصفية الحسابات، التي تهدم ولا تبني أبدا، وهذا قد يكون في نظر البعض صعبا، لكنه دون شك، ليس مستحيلا بأيّ شكل من الأشكال، بالنسبة لمن يريد أن يضع يده في اليد ويستجيب لـ"اليد الممدودة" من أجل الجزائر.

"مبادرة" أو "مسعى" لمّ الشمل، ينبغي أن ينجح، وأن يلتفّ حوله الجميع، وسيُرفع القلم على من يقف معارضا رافضا مشوّشا على مثل هذه الخطوة الجريئة التي لا تقبل القسمة على اثنين، وإنّما تتطلب الوحدة والتوحّد والتبصّر، ووأد كلّ أنانية ونرجسية في "أنا" و"لاشعور" المستسلمين للنفس الأمّارة بالسوء والخديعة وحفر الحفر!

لقد أطلق رئيس الجمهورية، لقاءات ومباحثات ومشاورات، هي في الحقيقة جديدة، لكنها متجدّدة، مع قادة الأحزاب والطبقة السياسية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية، "إلاّ لمن أبى واستكبر"(..)، وفي ذلك، أياد ممدودة ونوايا صادقة في التغيير والتطوير والإصلاح وإشراك الآخر والغير في القرار المتصل بمستقبل البلاد والعباد.

لا مكان الآن، للأنانية والحسابات الشخصية والسياسوية الضيقة، ولا مجال للابتزاز والضغط والمساومة والمقايضة، فمبادرة اليد الممدودة ولمّ الشمل، تتطلّب التفاتة جماعية وهبّة وطنية، ووثبة تاريخية، من هؤلاء وأولئك لإنجاح المسعى وإحاطته بكلّ الظروف المؤدّية إلى تعميق التغييرات والإصلاحات، بما يقوّي دولة الحقّ والقانون، ويدقّ آخر المسامير في نعش العهد البائد، ويبدّل الذهنيات بما يصحّح الأخطاء السابقة ويبدّد الخطايا التي فرملت المشاريع والتنمية وقتلت الاقتصاد والرغبة في العمل والإرادة في وضع اليد في اليد، طوال سنوات كانت فيها الخصومات والنزاعات حتما مقضيا.

لا مبرّر اليوم، في ظلّ المعطيات الجديدة، لمحاولي وضع العصيّ في العجلات، والمتهرّبين من اقتراح الحلول والبدائل، إلاّ أن ينخرطوا في مسعى التجديد الوطني، ويظهرون "حنّة يدّيهم"، بلا غلوّ ولا مزايدة ولا كبر، وهاهي مبادرة لمّ الشمل تأتي من رئيس الجمهورية، شخصيا وأوّلا، دون أن يطلبها أحد من الطبقة السياسية، وهذا ضمانة جديدة وعربون آخر لوضع اليد في اليد، وعلى قلب رجل واحد، من أجل جزائر هي للجميع، ويجب أن يبنيها الجميع، وفي ذلك، فليتنافس المتنافسون.