المسلسلات الجزائرية تشبه المسرحيات الإذاعية

كتابة السيناريو لاتزال في أزمة

كتابة السيناريو لاتزال في أزمة
  • القراءات: 644
دليلة مالك دليلة مالك

لم يبق للدراما الجزائرية التي تُعرض في رمضان الحالي، وحتى التي عُرضت في المواسم السابقة، سوى أن تخبر المشاهدين مباشرة، عن خلفيات مواقفهم من الأحداث الدرامية، ذلك أن الكتابة، في الأصل، لم تُبن على قصة محكية مصورة، وبذلك تجعل المتفرج أمام مشاهد مملة، فعوض أن نشاهد الحكاية أصبحنا نسمعها، وأصبحت الكثير من الأعمال تعتمد على هذا الأسلوب الذي لا يتصل بفنون السمعي البصري والتلفزيون، بل يشبه المسرح الإذاعي. أكبر دليل على ما أقول هو أن يقوم أي شخص بالاستماع فقط للمسلسل الجزائري الذي يريده بدون أن يشاهد، ويمكن أن يستوضح الأحداث ويفهمها، وبذلك يفقد متعة المَشاهد والصورة المشوّقة والعقد المتصاعدة، التي من المفروض أن ينسجها كاتب السيناريو، وأن يتبنى لغة الصورة بالأساس، وتجسيد الحكاية أمام الكاميرا وليس سردها، فالسرد هنا مأخوذ من فن المسرح الإذاعي، أو السرد الروائي.

لومُ كُتّاب السيناريو ليس له من طائل ولا جدوى تُذكر، فالحديث عن هذا الأمر استمر لسنوات طويلة. وظهر بسببه مصطلح "أزمة سيناريو"، ولا يتعلق الحديث بالأفكار العامة للأعمال الدرامية بقدر ما يرتبط بتقنية في حد ذاتها، وهو الاستغناء عن الحوارات الطويلة، والجمل الفارغة من المعاني. وحتى يكون سرد الأحداث له معنى درامي، يجب أن تكون فقط بلغة الصورة، ألم تبدأ السينما صامتة؟ لكنها كانت مكتوبة أيضا. ويبدو أن كاتب السيناريو لا يفكر في عنصر هام في تشكيل القصة المصورة، وهو الحوار الدرامي، الذي يصف الحالة النفسية لشخصيات المسلسل، ولا يستسهل في تقديم حوارات فاترة، لا تؤدي دورها المنوط بشد المتفرج والتأثير عليه، بتمرير رسائل إيجابية على الأقل.

ويقع اللوم، كذلك، على المخرجين، الذين وافقوا على استسهال عملهم. والعتاب، أيضا، يقع على المنتجين، ولجنتي قراءة السيناريو والمشاهدة، الذين أنتجوا، ومرروا أعمالا لا ترقى إلى مستوى التطلعات جماهيريا أو نقديا، وهذا الأمر متواصل للأسف! والخاسر هو عزوف الناس عن مشاهدة مسلسلات بلادهم، ليبقى ملاذهم في رمضان الأعمال العربية الكبيرة. وهناك خاسر آخر، هو المبدع الحقيقي، من كاتب سيناريو أو مخرج، الذي لم تسخَّر له الفرصة للظهور بإمكانياته في تقديم أعمال محترمة.