النفسانية أمال بن عبد الرحمان لـ"المساء":

"النرفزة" في رمضان حالة مرضية يستوجب علاجها

"النرفزة" في رمضان حالة مرضية يستوجب علاجها
  • القراءات: 826
رشيدة بلال رشيدة بلال

يعرف شهر رمضان المبارك بكثرة الشجارات بين المواطنين، خاصة في بعض الأماكن التي يكثر فيها الاحتكاك ،على غرار الأسواق أو محطات النقل، وحتى ببعض المؤسسات التي تقدم خدمات عمومية، وعادة ما يثار النزاع على أمور تافهة، بسبب عدم القدرة على التحكم في النفس، وهي، حسب الدكتورة أمال بن عبد الرحمان، المختصة في علم النفس العيادي، لا ترجع إلى الصيام، إنما حالة نفسية تستوجب من صاحبها عند صعوبة التحكم فيها، استشارة المختص النفساني، لأن الوازع الديني لا يحل المشكل، إنما يحتاج، من يعانون من استثارة غضب سريعة، تزيد حدتها في رمضان، إلى تعلم بعض الآليات للتحكم في  النفس.

ترى الدكتورة أمال بن عبد الرحمان، بأن "النرفزة" أو سرعة الاستثارة في رمضان، ظاهرة، وإن صح التعبير، شائعة، وتعد بالمفهوم العلمي حالة نفسية يشعر فيها الفرد بعدم القدرة على التحكم في ذاته وتفكيره، ويشعر أن كل الأبواب أمامه مغلقة ولا يجد حلولا وسطى للمواقف التي يعيشها، فيلجأ للغضب الذي يظهر في سلوكيات، كالضرب، الاعتداء، السب والشتم، وتزداد هذه الظاهرة انتشارا في شهر الصيام، بسبب الامتناع عن الشراب والطعام لأكثر من 16 ساعة، مما يزيد من نسبة الاحتياج للمواد التي تساعد على الهدوء والتروي، ولعل من أكثر العبارات التي تتردد من هذه الفئة سريعة الاستثارة، قولهم "لا تقترب مني في هذا الشهر" أو "روح بعدني راني صايم".... وهناك من يجد أنه من الضروري أخذ عطلة عن العمل، حتى يبتعد قدر الإمكان عن الاحتكاك بغيره، ليقينه بأنه غير قادر على التحكم في نفسه.

حسب المختصة النفسانية، "فإن من أهم الأسباب التي تساهم في تغذية سرعة الاستثارة، أو فقدان السيطرة على النفس في رمضان، غياب المادة المغذية للفرد ونقص الماء، فقد أثبتت دراسة بريطانية أن للماء دور كبير في عمل الدماغ، بحكم أنه يشكل 75% من الدماغ، وقد يكون نقص الماء خلال ساعات الصيام، مسؤولا بشكل أساسي عن اضطراب وظائف خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة العصبية والتوتر وضعف التركيز، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى الهلوسة، ويكون ذلك في الحالات الشديدة، ويرجع الأمر إلى أن الدماغ يفرز مواد، كرد فعل على نقص المياه، وغالبا ما تلعب هذه المواد دورا مهما في زيادة التوتر والعصبية بشكل كبير، كما أن الدماغ يعتمد على الجلوكوز في حصوله على الطاقة، وقد يؤدي نقصه في الدم إلى زيادة العصبية والانفعال.

إلى جانب قلة ساعات النوم، نتيجة العمل أو مشاهدة المسلسلات التي تكثر وتتنافس في رمضان، فتكون ساعات النهار شاقة على الصائم، على عكس النوم مبكرا، الذي من شأنه أن يعطي نتيجة إيجابية في تحسين المزاج. من الأسباب المهمة في سرعة الاستثارة، حسب المتحدثة؛ تناول الكافيين المتمثل في الشاي والقهوة والتدخين، فكلما زادت ساعات الانقطاع، زادت حدة العصبية والتوتر، كل هذه الأعراض تنتج من إدمان التدخين أو الكافيين، وليست من الصيام، بالتالي الصيام ـ تؤكد المختصة ـ"بريء مما ينسب إليه، لأن الحالة التي تصيب البعض نفسية، ومرجعها عدم القدرة على التحكم في الذات". تقدم المختصة في علم النفس، بعض المقترحات التي تعتقد أن من شأنها التخفيف من حدة التوتر، ولعل أهمها ـ تقول ـ: "تجنب كل مثيرات الغضب عندك بنية ثبات الأجر، وجعل الأمور تأخذ وقتها للحكم فيها. واستخدم طريقة العد إلى عشرة بشكل عكسي، أو أن يعود نفسه على تكرير كلمة هدوء.... هدوء....استرخي حتى يتحكم في ذاته ومشاعره، ويأخذ وقتا للتفكير قليلا، لإدراك الموقف وأنه في حالة غضب سرعان ما تزول.

من بين الآليات التي ينصح بها المختصون، تقول المتحدثة: التنفس بالبطن أو التنفس الصحيح، وأخذ شهيق طويل، والاسترخاء عند الزفير. لما لها من أهمية في تهدئة النفس، والمساعدة على التفكير بتريث وعمق، حيث يساعد التنفس الصحيح على التخلص من التوتر، القلق، الخوف والغضب. كما أن الفرد عندما يتنفس بشكل عميق، فإن الأكسجين يدخل إلى الدماغ بشكل كبير، مما يقلل من إفراز هرمون الأدرينالين الخاص بالقلق والتوتر، لذلك يجب التنفس بغرض الاسترخاء وتخليص الجسم من المشاعر السلبية، ويساعد على التفكير الجيد". موضحة أنها وسيلة ممتازة للتخلص من السموم المتراكمة في الجسم، وتحسين عملية الهضم، وتنظيم ضربات القلب، وتحسين الوظائف النفسية والتخلُص من الشعور بالغضب".