سوق "الرحمة" بمدينة بومرداس

"عمي رابح" صانع "الزلابية"... وفاء للحرفة والزبائن

"عمي رابح" صانع "الزلابية"... وفاء للحرفة والزبائن
  • القراءات: 620
حنان. س حنان. س

بعودة "سوق الرحمة" التضامني وسط مدينة بومرداس، عاد عمي رابح ليحط عربته الخاصة بتحضير "الزلابية"، أشهر الحلويات الرمضانية على الإطلاق. "المساء" أيضا عادت لتسأله مجددا عن سر تعلقه بهذه المهنة، التي أكسبته على مر عقود، زبائن يتنقلون إليه من مسافات بعيدة لاقتناء أنواع "الزلابية" التي يحضرها.

كما ألفناه من قبل، ظل عمي رابح ملتزما بتحضير "الزلابية" بأنواعها المختلفة، بعربته التي غيرت موقفها خلال رمضان الجاري، لتكون بمدخل سوق "الرحمة" لمدينة بومرداس، الواقع بالقرب من المركز التجاري "تيتانيك"، كما بقيت شهرته تسبقه، فهو غالبا ما يكون آخر محطة لزبائن السوق، ممن يرون أن شراء "الزلابية" من عنده بمثابة حبة فراولة على قطعة حلوى، ودليل ذلك، نفاذ الكميات المحضرة من أشهر الحلوى الرمضانية في وقت قصير، لذلك يبقى عمي رابح ملازما للعجين والفرن إلى أذان المغرب من كل يوم رمضاني، حسب ما يؤكده لنا بنفسه، حيث يقول: "أقوم على تحضير عجين الزلابية مباشرة بعد صلاة التراويح، واستمر في ذلك إلى وقت السحور.. ثم أبدأ الطهي والبيع عند التاسعة صباحا إلى السادسة مساء من كل يوم". مضيفا: "أحضر يوميا ما بين 2 إلى 3 قناطير من أنواع الزلابية. كلها تجد إقبالا كبيرا من طرف الزبائن، نحن نعتمد سعرا ترقويا بـ250 دج/1 كلغ، في الوقت الذي تباع بأزيد من الضعف في أسواق أخرى.. رمضان شهر الخير والتضامن وكل فرد يتضامن بما يمكنه.. عني أنا، أجعل الزلابية حلوى الجميع في رمضان، فللكل عند العم رابح نصيب من الزلابية".

من أنواع "الزلابية" التي يحضرها العم رابح بلواش (69 سنة)، هناك "زلابية بوفاريك" الشهيرة، التي قال إنها من أحب أنواع هذه الحلوى الرمضانية لدى الزبائن، يحضر نوعين؛ منها العادية أو تلك المحضرة بعجينة اللوز، كما هناك الزلابية الحمراء أو التونسية، مثلما تسمى، تحضر هي الأخرى بنوعين، إما دائرية الشكل أو طويلة، وهناك نوع آخر يسمى "الزلابية الحرشة" أو الشرقية، كذلك هناك نوع يسمى "أصبع العروس"، إضافة إلى نوع آخر يسمى "المخارق".. وهي أنواع وإن اختلفت في التسمية، فإن المذاق واحد، يشعر الفرد عند التهام قضمة منها في السهرة الرمضانية، أنه بالفعل في شهر الصيام، حيث ارتبطت هذه الحلوى برمضان لعقود من الزمن، ولا يمكن لأي حلوى ـ حسب اعتقادنا- أن تزحزحها عن مكانها مهما تعددت أنواع الحلويات العصرية، واختلفت أشكالها. وهو بالضبط ما لمسناه من بعض زبائن عمي رابح بالسوق الرمضاني، أحدهم قال إن "زلابية" عمي رابح أضحت ملاصقة لسوق الرحمة هذا، وقال آخر؛ إنه ينتقل بصفة شبه يومية من بلدية جنات (شرق الولاية) لشراء "زلابية" من عند العم رابح.

يبحث عمي رابح عن متكونين شباب لتلقينهم هذه الحرفة التي تكاد تندثر، لكنه يتأسف عن عدم إقبال هؤلاء على تعلم فنونها. قال بأنه أمضى أزيد من 40 سنة في صناعة وبيع "الزلابية"، ولم يكرهها أو يفكر في التخلي عنها، بل يؤكد أنه يمرض إن لم يفعل ذلك. حتى في ظل أزمة الزيت والسميد لم يفكر في تركها. يقول إنه يضطر إلى شراء هاتين المادتين أحيانا من السوق السوداء، كما أنه يقوم يوميا بتبديل الزيت، انطلاقا من احترامه لمهنته وضميره.. وهو بالضبط ما جعله يبقي على نفس الأسعار، رغم ارتفاع أسعار كل المواد مؤخرا..