الراحلة يمينة بشير شويخ .. المبدعة الهادئة

الراحلة يمينة بشير شويخ .. المبدعة الهادئة
  • القراءات: 508
ق. ث ق. ث

في هدوء، رحلت الفنانة المبدعة يمينة شويخ، التي داعبت أناملها لأكثر من 30 سنة، أفلام الآخرين، وهي تسهر على طاولة التركيب بالمركز الجزائري للفن والصناعة السينماتوغرافية، لتنال تلك الأعمال نصيبها من النجاح، وبقي حلم الإخراج يراودها إلى أن قررت في أواخر التسعينات، الوقوف خلف الكاميرا لإخراج أول أفلامها رشيدة، الذي فتح لها أبواب الشهرة داخل وخارج الوطن.

قضت الراحلة عمرها في كواليس عالم السينما السحري، وسط الأشرطة ومعدات التركيب، مكتفية بهذه المهنة وتربية أطفالها. وكان على هذه الفنانة العاشقة لعملها والمدافعة بشراسة على مهنة السينما والعاملين بها كنقابية، انتظار حل المؤسسة التي كانت تشتغل بها في أواخر التسعينات، وإحالتها على البطالة في تلك الفترة الصعبة، لتوقد في أعماقها شعلة عشقها الدافن للإبداع السينمائي. لقد كانت الكتابة جزءا من حياة هذه السيدة، التي واضبت على تدوين أحلامها، وصب شحنات أحاسيسها في أوراق بيضاء تشفي غليلها إلى بعد حين، وانتقلت أمينة إلى كتابة السيناريو والإخراج في الروائي رشيدة، الذي أعلن عن ميلاد مخرجة ذات بصمة مميزة. يتناول فيلم رشيدة الذي صور في أوج الأزمة الأمنية سنتي 1996-1997، قصة مدرسة شابة وجدت نفسها مستهدفة من قبل الإرهاب الأعمى، واختارت التحدي بدل الاستسلام، ووجد المشاهد في هذا الفيلم تشابها كبيرا في الطباع بين هذه المدرسة الشابة مع شخصية أمينة شويخ الثائرة.

من الكتابة إلى الإخراج خطوة واحدة تخطتها أمينة بنجاح، وصنعت أعمالا أخرى، متجاوزة كل الصعوبات التي يعرفها مهنيو السينما. كان الفيلم انطلاقة موفقة لرفع تحديات جديدة بالنسبة لهذه الفتاة العاصمية، التي استطاعت رغم التقاليد والأعراف السائدة وسط سكان القصبة، أن تغزو عالم السينما وتوفق في الوقوف، إلى جانب زوجها المخرج محمد شويخ، وتشجيعه في تحقيق مشاريعه. كما ساندت وشجعت ابنتها المخرجة الشابة ياسمين شويخ، التي أثبت قدرات كبيرة في مجال الإخراج. لكن رغم كل هذا النجاح والتجوال في عواصم العالم، فإن أمينة لم تفقد من تواضعها الذي زادها تألقا وإصرارا على المواصلة وتقديم الأحسن. وواصلت يمينة العمل، حيث أخرجت الفيلم القصير الويزة سيدي عمي" في 2003، وقدمت فيه بورتري عن المصورة الصحفية اللويزة سيدي عمي، التي قادها عملها إلى تخليد بعين الكاميرا، أحداث كثيرة، منها مآسي السنوات السوداء التي عرفتها الجزائر، كما قدمت أيضا فيلما وثائقيا بعنوان الأمس.. واليوم وغدا، يتطرق للتاريخ الجزائري الحديث، من خلال موضوع ثورة التحرير بنظرة نسوية، من خلال كفاح المرأة المجاهدة وتواجدها في مختلف الميادين والمجالات. رحلت هذه الفنانة القديرة في سن 68، تاركة أعمالا مميزة تبقى شاهدة على مسار فنانة، أعطت الكثير للسينما الجزائرية، وتركت بصمتها المميزة في مهن الفن السابع، بداية من التركيب إلى كتابة السيناريوهات، ثم الإخراج.