مصطفى بن فوضيل

حدود الكتابة بين يوميات الصحفي وخلوة المبدع

حدود الكتابة بين يوميات الصحفي وخلوة المبدع
الكاتب والإعلامي مصطفى بن فضيل
  • القراءات: 342
مريم. ن مريم. ن

استضافت قاعة "سيلا"، أول أمس، الكاتب والإعلامي المعروف مصطفى بن فضيل، للحديث عن تجربته الإبداعية التي تشارف ثلاثة عقود، واستعراض مدى التداخل بين حدود الرواية والصحافة، مع الوقوف عند أهم المحطات التي أثرت في بن فضيل، وجعلت منه اسما لامعا، تجاوز حدود الجزائر. نشطت الندوة الدكتورة صبرينة فطيمي، التي صالت وجالت بأسئلتها وتعليقاتها في نواحٍ كثيرة وعميقة من تجربة هذا المبدع، ونالت، بذلك، استحسان جمهور النخبة الحاضر، الذي شهد لها بالتمكن في إدارة الحوار. وسألت الضيف عن سبب بروز مسار بن فضيل الصحفي على حساب الروائي.

بداية، اعتبر بن فضيل دورة سيلا بمثابة حدث اجتماعي جزائري بامتياز، قبل أن يكون موعدا ثقافيا نتيجة التوافد عليه، ثم أجاب بأنه ظل في مساره يحتفظ بخجله وقلة الإقبال على الأضواء، خاصة في الأدب والرواية إلى درجة أنه نال في بداية مشواره، جائزة لجنة تحكيم مهرجان الشعر ببجاية بدون أن يحضر. وقرأ اسمه في جريدة الوطن كأي قارئ عادي. ورغم التشجيع من هنا وهناك لم يجرؤ على تقديم نصوصه. وتوقف الضيف عند حياته العائلية من غليزان إلى بوفاريك، فالعاصمة، وكيف ذاق فُرقة الأب، وعلاقته بوالدته، ثم عرّج على القضايا التي ناصرها وأثرت فيه، ومنها انتفاضة الأقصى التي كتب عنها كثيرا، منها نصه "كتيبة فلسطينية". وقرأ كثيرا لدرويش، معتبرا الشعر مخبر الكتابة نتيجة تقنياته. كما أثرت فيه أحداث 5 أكتوبر 88، وسقوط جدار برلين .وقال إنه ترك اختصاص الرياضيات رغم شغفه بها، وانتقل من جامعة باب الزوار إلى معهد الصحافة في سنة 90، علما أن الكتابة لم تغب عنه منذ كان طفلا وحتى اليوم.

وخاض تجربة القصة القصيرة. ومن نصوصه ما تحول إلى أعمال مسرحية، منها "بادي واتينغ". وأكد أن الخشبة تحيي النص الروائي، لذلك كتب الكثير من المسرحيات. وسألته المنشطة عن كيفية المرور من الرواية إلى المسرح والعكس، فرد بأنهما، معاً، مصطلحان للكتابة والإنتاج. ورغم ذلك فهو لا يرى نفسه كاتب سيناريو، علما أنه كتب للأفلام، والمسرح الذي يراه عالما مغلقا، الكتابة فيه تختلف عن كتابة الرواية، فالمسرح يعني الخشبة، وإلا ظل نصا حبيس الأدراج. ومن اللذين شجعوه على دخول المسرح واتصلوا به، المخرج زياني شريف عياد، فكانت مسرحية "مانديلا". وعن بن فضيل الصحفي قال إن الأنواع الصحفية تقدم ما يريده، وهي تكمل الكتابة الإبداعية ولا تعوّضها، ولا تأخذ مكانها بأي حال من الأحوال، كما ذكر أنه أحب الصحافة، لأنها توفر له عشقه في الكتابة والسفر والسياسة رغم أنها عمل يومي شاق، وخطير أيضا، كما كانت الحال في العشرية السوداء، حيث أكد أنه في يوم واحد غطى أحداث 5 تفجيرات، وظل يحمل مع زملائه قدر مجتمعه، فكان الشاهد الذي يكتب ما يعيشه من وقائع جزائرية، وهذا إلى حد ما حرمه من التفرغ للإبداع والكتابة الأدبية. ورغم ذلك جاءت رواية "زرطة" باللهجة الجزائرية التي تحكي واقع الجزائريين. وهنا قال إنه لا يميل كثيرا للغة الكلاسيكية والأكاديمية، كما أشار إلى أن لكل فقرة يكتبها سياقها اللغوي.

وعن الفرنسية قال إنه يمقت أن يقال عنه كاتب "فرنكفوني"، لأن ذلك يسبب له حساسية وإيحاءات مشبوهة تتعلق بالمستعمر أو بالاستعلاء وغيرهما، لكن الفرنسية هي مجرد لغة كتابة. وعبّر الضيف عن بعض حنينه لزمن الرواد في الأدب والسينما، حيث يجد نفسه مع محمد ديب، ومع مرزاق علواش في "عمر قتلاتو"، ومع زينات، إذ يحس أنه لايزال في بيته. تأثيرات أخرى صقلته، منها صبرا وشاتيلا، وغيرها، موضحا أنه كقطعة الإسفنج يمتص كل شيء. وفي الأخير، تمنى الضيف أن تترجم أعماله خاصة إلى العربية، معبرا عن تعلقه بمهنة الصحافة، التي تقدم له المادة الخام للكتابة. كما قال إن أبوّته غيرت اتجاه بوصلته في الكتابة، فأصبح يراعي، أكثر، نظرة أبنائه إلى أعماله.