"المساء" ترصد واقع الحرفيين وانعكاسات وباء "كورونا"

غلاء في المواد الأولية.. كساد وزبائن يكتفون بالسؤال عن الثمن

غلاء في المواد الأولية.. كساد وزبائن يكتفون بالسؤال عن الثمن
  • القراءات: 727
 هدى. ن هدى. ن

تحتضن ساحة الشهداء بالعاصمة، معرضا حرفيا وتجاريا، يشارك فيه عدد من الحرفيين والتجار، في تظاهرة استقطبت أعدادا كبيرة من المواطنين، منهم الذين وجدوا في هذه التظاهرة فرصة للتسوق، وآخرون وجدوا فيها فرصة للوقوف على ما تجود به أنامل أصحاب الحرف والصناعة التقليدية في بلادنا، تلك الأنامل التي وجد أصحابها في هذه التظاهرة فرصة متجددة لبعث نشاطهم، الذي وصفوه بـالراكد، بعد توقف عن النشاط بسبب فيروس "كورونا". يتقاسم تنظيم هذه التظاهرة الثقافية والتجارية، التي تحتضنها ساحة الشهداء ببلدية القصبة، كل من غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية الجزائر، وجمعية منتجي العسل للولاية. وحسب تصريحات عدد من المشاركين من أصحاب الحرف والصناعة التقليدية، تعد المناسبة ملتقى هاما، وفرصة للتعريف بمنتوجاتهم الحرفية وتسويقها.

بحكم تنوع المنتوجات المعروضة والمشاركة الواسعة للحرفين القادمين من مختلف ولايات الوطن، ارتأت المساء التقرب من بعضهم، لنقل انشغالاتهم المرتبطة بنشاطهم الحرفي، ويؤكد معظم الحرفيين أن الصناعة التقليدية في بلادنا ثرية ومتنوعة، وهي محل اهتمام بالغ من قبل المواطنين، بالإضافة إلى الأجانب الذين اعتادوا اقتناء مختلف المنتوجات كلما حلوا بأرض الجزائر. من جانب آخر، يطرح معظم الحرفيين في تصريحاتهم لـ"المساء"، مشكل غلاء المواد الأولية وعدم وفرتها، الأمر الذي أدى، حسبهم، إلى تسجيل ارتفاع محسوس في الأسعار، مقارنة بالسنوات الماضية، قابله عدول المواطنين عن اقتناء مختلف المنتوجات، رغم اهتمامهم بها، فكثيرون منهم من يكتفون بالسؤال عن سعر هذا المنتوج أو ذاك دون شرائه.

منتوجات من الجنوب تخطت الحدود 

تؤكد السيدة بوني زهور، في تصريح لـ"المساء"، وهي حرفية من ولاية تقرت، مختصة في الطرز التقليدي الخاص بالمنطقة، أنها اعتادت المشاركة في المعارض الوطنية والدولية، مضيفة أن منتوجها التقليدي مطلوب بكثرة داخل الوطن وخارجه، خاصة من قبل المغتربين والأجانب، لكن مع انتشار "كورونا"، وتعليق الرحلات، توقف كل شيء لمدة فاقت السنتين. حسبها، فإن مثل هذه المعارض تعمل على إبراز ثقافة كل منطقة، كما تشجع الحرفيين على الإبداع والإنتاج، وتوفر للزبون ما يحتاج إليه من منتوجات تقليدية. يعتمد اللباس التقليدي في الولاية، على مادتي الصوف والوبر، بالإضافة إلى مادة الكاشمير، وتتم حسبها، صناعة مختلف المنتوجات بشكل يدوي دون استعمال الماكنات أو الصبغات. تعمل محدثتنا على تنظيم دورات تكوينية، في إطار نشاط الهلال الأحمر الجزائري لولاية تقرت، لصالح الفتيات الماكثات بالبيت، اللواتي أصبحن بدورهن حرفيات متمرسات، وهي حاليا، توفر لهن المواد التي تدخل في صناعة مختلف المنتوجات، كما تقوم بتسويقها لهن، وهو ما سمح لتلك الفتيات، بتحسين مستواهن المعيشي وخروجهن من عالم البطالة.  

حرفية من تيزي وزو تؤكد: حرير الجزائر كان يضاهي ذلك المستورد

أكدت السيدة ميلودي، حرفية من ولاية تيزي وزو، مختصة في صناعة الملابس التقليدية ذات الطابع الأمازيغي، أن مشاركتها تعد الأولى من نوعها في العاصمة، لكنها جابت جميع ولايات الوطن الجنوبية والشرقية، فضلا عن الولايات الوسطى والغربية للوطن. في رأيها، فإن الأمور المرتبطة بالتسويق، تظل دون المستوى، مضيفة أنها كانت تأمل أن تجد إقبالا للمواطنين، على اقتناء منتوجاتها الحرفية، بعد توقفها عن النشاط، بسبب تفشي فيروس "كورونا"، موضحة بقولها: "عندما سنحت لنا الفرصة، لاحظنا عدم إقبال المواطنين على شراء المنتوجات، حيث  تكتفي الأغلبية بالسؤال عن السعر، ومنهم من يحتج على غلاء الأسعار"، وتضيف؛ "إن المواطن يظن أن تحديد سعر المنتوج الحرفي والتقليدي، يكون بطريقة غير مدروسة، والحقيقة غير ذلك". حسبها، فإن الصناعة التقليدية باتت مكلفة، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية، ومنها مادة القماش، خاصة الحرير، وآلات الخياطة، بالإضافة إلى اليد العاملة. تضيف نفس الحرفية "أن فيروس كورونا وما ترتب عنه من غلق للحدود، لم يحل دون مشاركتنا في المعارض الوطنية والدولية، فحسب، إنما أدى إلى عدم تمكننا من استيراد مادة القماش". وتطرح السيدة ميلود، في هذا الجانب، مسألة غلق وحدة إنتاج الأقمشة بكل من ذراع بن خدة (ميرابو) وبوفاريك، هذه الأخيرة التي كانت ـ حسبها ـ تنتج أجود أنواع الحرير، وتضاهي تلك المصنعة في أوروبا.

منتوجات من الحلفاء والدوم ...

صناعة المنتوجات الحرفية من مادتي الدوم والحلفاء، نشاط آخر حاضر بالمعرض الذي تحتضنه ساحة الشهداء، من خلال مشاركة حرفية من ولاية البويرة، وحسب ممثلتها السيدة فطة، فإن منتوجها المتنوع من قفف وسلال  وأوان مختلفة، يشهد عدول المواطنين الولوعين بهذه المنتجات، ويعود سبب ذلك، حسب ما ترصده من خلال تعاليق المواطنين، إلى ارتفاع الأسعار، وتضيف أن المنتوج الذي شاركت به السنة الماضية، لقي آنذاك إقبالا كبيرا على عكس هذه السنة.

مربو النحل ومنتجو العسل حاضرون بقوة

لمؤسسات تربية النحل وإنتاج العسل، مشاركة واسعة في المعرض، بالنظر إلى عدد الأجنحة المخصصة لهم. وحسب ممثل مؤسسة "عسل مصطفى"، السيد رشيد، فإن مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، موروث أبا عن جد، وتم تطويره من خلال اعتماد طرق حديثة، منها الحرص على إجراء التحاليل المخبرية، حيث يتطلب هذا النشاط، التنقل من ولاية إلى أخرى، ونقل النحل إلى مختلف المناطق للحصول على أنواع العسل المختلفة، منها العسل الصحراوي، والجبلي، وأنواع أخرى عديدة. حسب محدثنا، انطلقت المؤسسة منذ 3 سنوات، في التصدير إلى السعودية، لكن هذا الجانب من النشاط يرتبط بمدى وفرة المنتوج، والذي يرتبط بدوره بمدى وفرة الأمطار، حيث تعجز المؤسسة عن تغطية الطلبيات، التي تصلها خاصة في السنوات الأخيرة، وعندما تواجه مثل هذه الظروف، نفضل تغطية احتياجات السوق الداخلية.    

يلخص ممثل المؤسسة، الصعوبات التي يواجها منتجو العسل بشكل عام، في التنقل من ولاية إلى أخرى، خاصة عندما يكون الجفاف، للبحث عن النباتات، وفي أغلب الأحيان، يتطلب ذلك قضاء قرابة 3 أشهر في الصحراء، على سبيل المثال، كما كان لزاما على المؤسسة في فترة الحجر الصحي، الحصول   على رخصة التنقل ما بين الولايات، وهو ما يعمل على الرفع من التكاليف، ويؤثر على الأسعار. يؤكد محدثنا، أن عددا كبيرا من منتجي العسل بالعاصمة، منخرطون في جمعية مربي النحل لولاية الجزائر، ويحرص الجميع على المشاركة في مثل هذه التظاهرات وفي المعارض الدولية. من جانبها، تؤكد السيدة جبار شيماء، وهي تمثل مؤسسة مناحل بوثلجة، في المعرض المذكور، أن إنتاج العسل يختلف من منطقة إلى أخرى، وفق النبات الذي يتغذى منه النحل، كما أن للنحلة منتجات مختلفة، منها العسل، والغذاء الملكي، وحبوب الطلع، والشمع. حسب المتحدثة، فإن تربية النحل وإنتاج العسل، يتطلب الكثير من الجهد والعناء، لأن النبتة لا تكون متوفرة في كامل فصول السنة، لكن المواطن ينتقد دائما الأسعار المعتمدة في السوق.