الكاتب الصحفي أرزقي مترف بـ "كريشاندو":

"شارع الليل" رواية بطعم الستينيات

"شارع الليل" رواية بطعم الستينيات
الكاتب الصحفي أرزقي مترف
  • 605
  لطيفة داريب لطيفة داريب

اعترف الكاتب الصحفي أرزقي مترف، بعدم قدرته على الكتابة عما عاشه وشعر به إبان العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر، إلا أنه استطاع أن يكتب عن مرحلة الستينات حينما كان طفلا، وهذا في روايته الأخيرة "شارع الليل" التي صدرت عن دار نشر "كوكو""من الصعب جدا أن يكتب الإنسان عما عاشه، خاصة إذا كان هذا الأمر حديثا"، هي مقولة الكاتب الصحفي أرزقي مترف، التي نطق بها في الندوة التي نشطها نهاية الأسبوع الماضي بمدرسة الفنون "كريشاندو" (البليدة)، حول كتابه الأخير" شارع الليل".

وأضاف أنه كتب الكثير من المواضيع، وحكى قصص الآخرين، ولكن ليس من اليسير أن يحكي قصصه، خاصة إذا عاش أحداثها في وقت غير بعيد، مثل العشرية السوداء. وفي هذا السياق، مَثلَ بتزايد الكتابات عن الحرب التحريرية الجزائرية في الآونة الأخيرة، مرجعا ذلك إلى شعور الكتّاب بالأمان النفسي عند الكتابة عن هذه المرحلة التي مر عليها زمن طويل نسبة ما. وتابع أنه حاول مرارا أن يكتب عن مرحلة العشرية السوداء، لكنه لم يستطع، حتى إنه طلب من صديقه الطبيب الذي كان يعمل في تلك الفترة في استعجالات مشفى "مصطفى باشا"، أن يقدم له شهادته عما عاشه، لكن هذا الأخير رفض لصعوبة استرجاع مثل هذه الذكريات المفجعة. وعاد مترف إلى الحديث عن روايته الجديدة التي عنونها بـ "شارع الليل". وقال إن أحداثها وقعت في الفترة الممتدة من 1965 إلى 1968. وأضاف في الندوة التي نظمتها السيدة نادية بورحلة، أنه أراد كتابة رواية في حجم صغير، فجاءت "شارع الليل" في 120صفحة، معللا ذلك بحاجته إلى تكثيف أحداث روايته، لمنح المزيد من الوضوح لأحداثها، مشيرا إلى عدم قدرته على كتابة جزء ثان للرواية، حسب طلب صديقه، لأنه يعتقد أنه كتب كل ما أراده في موضوع هذه الرواية، علاوة على عدم قدرته على الكتابة وفق أفكار الآخرين.

وانتقل مترف للحديث عن موضوع روايته، فقال إن أحداثها تنطلق من سنة 1965، وبالضبط خلال الانقلاب العسكري الذي أحدثه الرئيس بومدين، مضيفا أنه كان يبلغ حينها، 13 سنة، ولم يفهم كيف أننا بالكاد نلنا الاستقلال، لنجد أنفسنا نعيش صراعا داخليا. كما تطرق في أحداث روايته، ليوميات سكان إحدى ضواحي العاصمة في تلك الفترة، واختيار أطفالها لعبة "فريدة من نوعها"، تتمثل في تحطيم مصابيح الإنارة العمومية، خاصة في شارع محدد، الذي أصبح مظلما، فأُطلق عليه اسم "شارع الليل". وذكر مترف أن أحداث روايته هذه تنتهي سنة 1968، حينما حاول البعض الانقلاب على الرئيس بومدين. كما نسج الكاتب في روايته، شخصيات مميزة تحمل أسماء مستعارة، وهي حال كثير من الجزائريين، الذين يفضّلون تسمية بعضهم البعض بأسماء مستعارة، مثل "موتشو" و"زونغو" و"مارينو"، علاوة على اعتماده المجاز في روايته هذه، وبالتالي عدم تقديم الواقع كما هو، لأنه بحاجة إلى توظيف الخيال في أعماله رغم أنه أسقط بعض أحداث طفولته على هذا العمل. وبالمقابل، أكد مترف عدم رغبته نهائيا في تقديم رسائل عبر كتبه، علاوة على رفضه تحليل أحداث معيّنة، أو تقديم أخبار في رواياته، بل يبتغي أن يحكي قصصا بأفضل طريقة ممكنة. وأضاف أن اختيار شخصيات معيّنة وأحداث معينة، يُعد، في حد ذاته، رسالة.

وفي سياق حديثه، تكلّم أرزقي مترف عن مشكلة عويصة يعرفها المجتمع الجزائري، تتمثل في القطيعة التي تحدث بين كل جيل وآخر. وفي هذا قال: "كل جيل يقوم بخطوات عملاقة، إلا أنه بحكم عدم الانتقال الذي من الضروري أن يحدث بين جيل وآخر، يبدأ الجيل الجديد نفسه من الصفر". وقال إنه ينزعج أحيانا من تصرفات الشباب، إلا أنه يتفهم حالهم، بل يحمد الله على أنهم لا يقومون بتصرفات أكثر قبحا؛ نظرا لكل المآسي التي مروا بها. ومع ذلك فلا يشك لحظة، في أن تتحسن حال البلد. وفي هذا قال: "نحن نعيش ما بين مرحلتين، أي أننا نعيش التقاطع بين مرحلة تكاد تنتهي، وأخرى تكاد تبزغ. وفي هذا التقاطع تظهر الوحوش، حسب مقولة المفكر غرامشي، ولكن يوما ما سنتخطى هذه المرحلة، ونعيد معالمنا إلى حياتنا... نعم هي قوانين التاريخ، علينا احترامها".