رئيس جمعية أطفال التوحد ببني سليمان سفيان عليلات لـ”المساء”:

كسرنا جدار الخجل وننتظر الدعم

كسرنا جدار الخجل وننتظر الدعم
  • القراءات: 713
حاوره: رشيد كعبوب حاوره: رشيد كعبوب

❊ ننتظر تكفلا أكبر ومسحا لآثار فيضانات ماي 2021

يتحدث سفيان عليلات، رئيس جمعية “الأمل” لأطفال التوحد ببني سليمان، في ولاية المدية، عن نشأة هذه الهيئة الجمعوية والتحديات التي  واجهت الأولياء في بداية الأمر، لتأسيس هذا الإطار القانوني، حيث كانت دار الشباب أول مقر للبداية التي انطلقت منها جهود الأخصائيين لاستقطاب أطفال التوحد، وكسر جدار الخجل الذي كان يكتنف الأولياء، للتصريح بوجود هذه الفئة في الأسر، ليعرج على افتكاك مقر جاهز تابع للبلدية، وكذا مخلفات الفيضانات التي أتت على كل شيء في 3 ماي 2021، مناشدا المسؤولين المحليين بترقية هذه الجمعية وجعلها مركزا للتكفل بهذه الفئة الهشة.

كيف جاءتك فكرة إنشاء جمعية للتكفل بأطفال التوحد؟

❊❊ لأن الحاجة أم الاختراع، كما يقال، ففي سنة 2013، عندما تم تشخيص ابني وائل، على أنه مصاب باضطراب التوحد، كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، ولم أكن أعلم حينها أي شيء عن هذا الاضطراب، فبدأت أبحث وأسأل عن كيفية التكفل بابني، وقد طلب مني بعض العارفين بالظاهرة حينها، التوجه إلى مختص أرطوفوني ومختص نفساني، ولأن المنطقة في ذلك الوقت لم تكن توجد بها مختصة أرطوفونية، حيث كان هذا الاختصاص موجودا فقط بمدرسة أطفال الصم البكم ببني سليمان، توجهت إليهم طالبا المساعدة، لأنني فعلا كنت تائها، والحمد لله، تم قبول ابني في تلك المدرسة، وتم تخصيص حصص فردية أرطوفونية ونفسية له، وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات من التكفل وتحسن حالة ابني، فكرت في الأطفال الذين لا يساعفهم الحظ في قبولهم بالمدرسة المذكورة، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء هذه الجمعية الخاصة المسماة “جمعية الأمل لأطفال التوحد ببني سليمان”.

من شجعك على إنشاء هذه الجمعية وساعدك على تأسيسها؟

❊❊ ظننت في البداية أنني الوحيد الذي أتكفل بطفل التوحد، لكن عندما بحثت في المنطقة، وجدت أولياء لهم أطفال مصابون بالتوحد، فقلت في نفسي؛ “المشكلة إذا عمت خفت”، وقد طرحت عليهم فكرة إنشاء جمعية خاصة بأطفال التوحد، حيث رحبوا بالفكرة وبدأنا النشاط الجمعوي منذ عام 2017، من طرف مجموعة من الأولياء والأخصائيين، ليتمحور نشاطنا في ذلك الوقت، حول التعريف باضطراب التوحد وإحصاء الأطفال المصابين بالتوحد على مستوى بلديات دائرة بني سليمان، وكذا الدوائر المجاورة لها، وبعدها بدأنا عملية التكفل على مستوى دار الشباب ببني سليمان، حيث خُصصت لنا قاعات، تحت إشراف أخصائيين نفسانيين وأرطوفونيين وتربويين، وتم وضع برنامج نفسي تربوي مع خطة فردية لكل طفل، بإشراك الأسرة في عملية تنفيذ البرنامج والخطة الفردية، لأن عمل الأسرة في البيت جد مهم.

كيف تمكنت من كسب ثقة الأولياء؟ وما هي أولى النتائج الإيجابية في تحسين حالات الأطفال؟

❊❊ بعد أن ذاع خبر فتح جمعية خاصة بأطفال التوحد، شرع الأولياء في الاتصال بنا، خاصة أنها أول جمعية متخصصة في أطفال التوحد على مستوى بني سليمان، بل وحتى على مستوى الجهة الشرقية لولاية المدية، وفي ظرف وجيز، تم استقبال حوالي ثلاثين طفلا من مدينة بني سليمان والبلديات المجاورة، وكما هو معلوم، فإن تحسن الطفل التوحدي يحتاج إلى مدة زمنية طويلة، مليئة بالعمل الدؤوب، حيث يجب أن يكون العمل أو تنفيد البرنامج بين الأخصائيين والأسرة، من أجل الوصول إلى نتيجة مرضية وتحسن حالة الطفل.

هل لمستم عزوف بعض الأولياء عن التنسيق مع الأخصائيين وعدم تقبلهم لحالات أبنائهم؟

❊❊ هنا سأتحدث عن فئة من الأولياء، الذين يخجلون من أن أبناءهم مصابون بالتوحد، وأقولها صراحة وأنا آسف، لأن الكثير من الأولياء يخجلون من كونهم أولياء لهؤلاء الأطفال، فهم لا يتقبلون هذا الوضع، وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا، لأن أولى خطوات التكفل هو التقبل، وبعدها تأتي عملية التكفل النفسي للطفل، فضلا على أن عامل الوقت مهم جدا.

هل تلقيتم تشجيعا من السلطات العمومية؟

❊❊ منذ أن بدأنا نشاطنا الجمعوي عام 2017، لم نتحصل على إعانة مالية ولا مادية، رغم مراسلاتنا العديدة والحثيثة للسلطات المحلية والولائية، لكن مع قدوم الوالي الحالي، السيد جهيد موسى، استبشرنا به خيرا والحمد لله، كان عند حسن ظننا، خاصة أنه في أول خرجة ميدانية قادته إلى مدينة بني سليمان، أسدى تعليمات صارمة بالتكفل التام بفئة أطفال التوحد، خاصة من ناحية التمدرس.

في نوفمبر 2020، وبعد إصرار كبير دام سنوات، بمساعدة المدير السابق للنشاط الاجتماعي لولاية المدية، محمد بهاليل، تحصلت الجمعية على حق استغلال مقر دار الحضانة التابع لبلدية بني سليمان، من أجل جعلها مركزا أو بالأحرى مدرسة لأطفال التوحد، تضم أبناء بني سليمان وكذا البلديات والدوائر المجاورة لها، حيث نسجل إلى حد الآن أكثر من أربعين طفلا.

كيف وجدتم وضعية المقر الجديد؟

❊❊ المرفق سُلم لنا وكان في حالة كارثية، حيث أعدنا ترميمه وتجهيزه من طرف المحسنين، وتم تدشينه يوم 14مارس 2021 من طرف الأمين العام الولاية ومدير النشاط الاجتماعي للولاية والسلطات المحلية، بتعليمات وتوصيات والي الولاية، ولم يصمد هذا المرفق طويلا لتحل كارثة فيضانات بني سليمان في 03 ماي 2021، حيث ألحقت أضرارا مادية كبيرة بالمدرسة، وأدت إلى إتلاف كلي للأجهزة والعتاد المكتبي والأدوات التربوية والبيداغوجية للجمعية، وكذا الفناء الخارجي المخصص للعب الأطفال وسقوط الجدار الخارجي للمدرسة.

هل تكفلت الولاية بإزالة آثار الكارثة؟

❊❊ بعد زيارة الوالي، وعدنا بتكفل الولاية بإعادة ترميم المدرسة وتعويض التجهيزات التالفة، جراء الفيضانات، والحمد لله، فقد وفى بوعده وخصص إعانة مالية قصد ذلك، صرفت لإعادة تجهيزها، كما لا يفوتني أن أشيد بدور الأولياء الذين يتكفلون عن طريق اشتراكاتهم بضمان أجور الأخصائيين، فضلا عن مساهمة المحسنين، وكذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ببني سليمان، الذي عقد مؤخرا، اتفاقية مع الجمعية، تقضي بتكفل الصندوق بمصاريف الإطعام، حيث صار الأطفال يتحصلون على وجبة الغداء على مستوى المقر.

هل تلقيتم دعما من طرف وزارة التضامن، وما هي طبيعة علاقتكم بوزارة التربية؟

❊❊ بعد قدوم مدير النشاط الاجتماعي الجديد لولاية المدية، تم عقد لقاء معه، أبدى خلاله استعداده التام لمساعدة أطفال التوحد وتذليل كل الصعوبات، وتم بحمد الله، تفعيل اللجنة الولائية المختصة بدراسة ملفات الأقسام الخاصة، ومن المنتظر أن تبدأ الجمعية، في الأيام القليلة القادمة، بإجراءات تحضير ملفات الأطفال وتقديمها للجنة الولائية من أجل دراستها والبت فيها، ليتسنى تقديم المساعدات الضرورية، كما كانت لنا لقاءات مع إطارات مديرية التربية، حيث أبدوا استعدادهم لمساعدة أطفال التوحد، وتوفير الجو المناسب من أجل تمدرسهم في المؤسسات العمومية.

هل كانت لكم مرافقة من قبل مختصين في مسعاكم الإنساني التربوي؟

❊❊ نعم بحكم نشاطنا الجمعوي، استطعنا أن نكون علاقات جيدة مع جمعيات ومراكز خاصه بأطفال التوحد على المستوى الوطني، من أجل تبادل الخبرات والتجارب في مجال التكفل بأطفال التوحد، وهنا سأتحدث عن بعض المشاكل التي تواجه الأولياء، أولها مشاكل التنقل إلى بني سليمان، خاصة الأولياء الذين يسكنون خارج دائرة بني سليمان، ولا يملكون سيارات خاصة بهم. ثانيا يتلقون مشاكل مع أرباب العمل، خاصة أنهم يضطرون إلى التغيب بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع أو أكثر، وهذا يؤثر سلباً على عملهم، وهو ما يجعلنا نطالب الجهات الوصية ونلتمس من كل المحسنين توفير وسيلة نقل خاصة بهذه الفئة من أبنائنا، كما هو معمول به في باقي الولايات، مع إعطاء رخص للأولياء خاصة العاملين منهم في القطاع العام، كي لا يؤثر سلبا على مسارهم المهني.

ما هو برنامجكم اليومي للتكفل بطفل التوحد؟

❊❊ البرنامج المسطر من طرف الجمعية للتكفل بهذه الفئة الهشة، برنامج نفسي أرطوفوني تربوي، معد من طرف أخصائي الجمعية، ويتضمن خطة عمل فردية خاصة بكل طفل، أما بالنسبة للمشاريع المستقبلية، فنحن نسعى إلى جعل المدرسة مركزا مختصا بأطفال التوحد والحصول على الاعتماد من الجهات الوصية.

كما نسعى إلى تمكين الأطفال من الاستفادة من ترفيه، حيث عقدنا برنامجا مع نادي الفروسية من أجل تخصيص يوم في الأسبوع على الأقل، لفائدة الأطفال، للاستفادة من ركوب الخيل، ونحضر لعقد اتفاقية مع أحد مسابح الولاية، لإدراج السباحة ضمن برنامج التكفل بطفل التوحد، نظرا لما تحمله السباحة من فائدة للأطفال عموما، وهذه الفئة بالخصوص.

ما هي رسالتكم للمسؤولين؟

❊❊ نناشد المسؤولين الوقوف والنهوض بهذه الفئة الهشة، وسن قوانين تحميها وتعطيها حقوقها، والحرص على تطبيقها على أرض الواقع، وعدم تركها حبيسة الأدراج، خاصة بعد تعليمات السيد رئيس الجمهورية حول ضرورة إيجاد آليات للتكفل بأطفال التوحد.