الخبير عبد الحليم يحيى عيسى، لـ"المساء":

حل أزمة الحليب خلال عامين بقطيعة تامة مع الاستيراد

حل أزمة الحليب خلال عامين بقطيعة تامة مع الاستيراد
الخبير عبد الحليم يحيى عيسى
  • القراءات: 3191
حنان. ح حنان. ح

رافعا شعار "رانا قادرين"، يأمل عبد الحليم يحيى عيسى، مؤسس شركة الاستشارات الفلاحية، أغرو كونساي الموجود مقرها بمدينة مونتريال الكندية، توظيف خبرته التي تجاوزت 25 سنة لإيجاد حلول لعدة إشكالات فلاحية في الجزائر  وعلى رأسها أزمة الحليب، التي اكد بضرورة إحداث قطيعة مع عقلية الاستيراد والاعتماد على حلول وطنية. ويعتقد يحيى عيسى إن الحلول موجودة ويمكن تجسيدها خلال عامين بالاعتماد على القدرات الوطنية في المجال الفلاحي بشكل عام وشعبة الحليب على وجه الخصوص بما يسمح بوضع آليات مناسبة للحد من أزمة باتت تؤرق المواطنين.

وقال يحيى عيسى في تصريح "المساء"، بضرورة الابتعاد عن الحل الأسهل والمتمثل في اللجوء إلى الاستيراد  للقضاء على هذه الأزمة والاعتماد بدلا عن ذلك على "رؤية شاملة" لمسار إنتاج الحليب، بداية من اختيار الأبقار المناسبة والعلف وصولا إلى مسحوق الحليب الموجه للكبار والصغار على السواء. وأضاف أن أساس الحل يبقى الإيمان بالكفاءات الجزائرية داخل وخارج الوطن، التي بإمكانها تقديم الكثير، من خلال توظيف خبراتها خدمة للمصلحة العامة. يذكر أن يحيى عيسى يعمل منذ سنوات، بالتنسيق مع السلطات الجزائرية على تقديم مقترحات لمختلف الهيئات العمومية  ومنها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وهيئات استشارية أخرى إلى جانب توقيعه على اتفاقيات مع معاهد بحث في المجال الفلاحي بالعاصمة وقسنطينة على أمل تطوير القطاع الفلاحي بمختلف شعبه لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وبداية، نهاية الأزمة حسب تصوره يمر حتما عبر توقف الدولة عن إنفاق مبالغ طائلة من أموال الخزينة العمومية في استيراد مسحوق الحليب، وترك ذلك للخواص الراغبين في ذلك.

ولكنه اقترح بالموازاة مع ذلك فكرة إنشاء مزارع متوسطة وكبيرة لتربية الأبقار الحلوب على المستوى الوطني وتوجيه دعم الدولة للإنتاج المحلي، مع تشديد المراقبة خلال عمليات استيراد الأبقار ومصدرها، لضمان جلب سلالات ذات جودة ونوعية وخالية من أي عيوب جينية، لتفادي كل تلاعب لتوجيه الأبقار الحلوب إلى مقاصد أخرى، وهو ما جعله يطرح إشكالية غياب نظام معلوماتي لـ"تتبع" حركة الأبقار على المستوى الوطني. وكشف يحيى عيسى في سياق حديثه عن شركات  جزائرية معروفة متخصصة في إنتاج الحليب ومستثمرين، اتصلوا به قصد اقتناء أبقار حلوب كندية و"المعروفة بنوعيتها الجيدة"، لكن صفقات الشراء بطلت وتم استبدالها بصفقات لاقتناء أبقار من بلد أوروبي. وهو ما جعله يتساءل عن أسباب تفضيل التعامل مع بعض البلدان على حساب أخرى، مع أن المسلم به في مثل هذه الحالات يبقى  التركيزوإيلاءأهميةللنوعيةوليسلاعتبارات أخرى. وإذا كان ركز على مسألة استيراد الأبقار إلا أنه شدد القول أن ذلك يجب أن يكون ظرفيا، إلى حين القيام بعمليات  تطوير جينية للأبقار الجزائرية، تسمح بتوفير أبقار محلية موجهة لإنتاج الحليب.

واقترح السيد يحيى عيسى لأجل ذلك الترخيص له بإنشاء مركز للتلقيح الصناعي والتطوير الجيني، على غرار ذلك المملوك للدولة، كاشفا أنه يعمل مع السفارة الجزائرية بكندا بصفة جد إيجابية من أجل تجسيد مشروعه الذي أودع طلبا بشأنه منذ 2015. وأكد في سياق تشريحه لمعضلة الحليب في الجزائر على قدرة بلادنا لانشاء مشاريع كبرى لإنتاج الحليب على غرار مشروع "المراعي" السعودي، مشيرا في السياق الى وجود أمثلة تؤكد إمكانية ذلك، منها التحول الذي عرفته قطر بعد فرض الحصار عليها، حيث استطاعت الانتقال من بلد مستورد للحليب إلى بلد مصدر له في غضون 18 شهرا. ويكفي لتحقيق ذلك ـ كما أضاف ـ الاهتمام بعصرنة طرق تسيير مزارع الحليب، عبر تكوين الفلاحين والبياطرة مع تقديم الاستشارة والمرافقة لهم، متأسفا لكون هؤلاء لا يحصلون على الادوات اللازمة لمواجهة المشاكل الميدانية. كما اقترح الخبير خلق وكالة جزائرية لمراقبة نوعية الحليب المنتج محليا، اضافة الى إلحاق الصناعات الغذائية بوزارة الفلاحة، تشجيعا للصناعات التحويلية. بقناعة ضرورة استحداث وحدات تحويل قبل الانتاج وليس العكس، لأن وجود وحدات صناعية لتحويل أي منتوج زراعي يطمئن الفلاح الذي يبقى همه الاول هو كيفية تسويق محاصيله وبيعها بسعر مناسب".

ولم ينس الخبير التأكيد على ضرورة الاهتمام بسلك البياطرة، الذين يعانون حاليا من "الاهمال"  بحسب تعبيره - رغم الدور الكبير المنوط بهم في قطاع الفلاحة. كما رافع لإقحام القطاع الخاص المحلي والاجنبي في الاستثمار الفلاحي، لكن مع ضرورة تحديد الأهداف المرغوب تجسيدها وكذا شروط الاستثمار لاسيما بالنسبة للشركات الأجنبية. ويرى السيد عبد الحليم يحيى عيسى، أن هناك إرادة سياسية واضحة لدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لإشراك أبناء الجالية الوطنية بالخارج في إيجاد الحلول المناسبة لمختلف الاشكاليات الاقتصادية المطروحة، معربا عن أمله في اتخاذ "قرارات صارمة" تذهب في اتجاه اعادة النظر في "كل المنظومة"الحالية، بما يؤدي الى استغلال كل الطاقات الوطنية والخروج من دائرة الاستيراد.

للإشارة ، تخرج السيد يحيى عيسى كمهندس زراعي من المعهد التكنولوجي للفلاحة بمستغانم سنة 1986 وتحصل على شهادة متخصصة في علم الوراثة من الولايات المتحدة الامريكية وكذا على شهادة متخصصة في سلامة المنتجات من كندا، التي يقيم بها منذ 1997. وتبوأ عدة مناصب كإطار في شركات وادارات وطنية، قبل  أن يعمل بكندا لدى شركات عالمية مختصة في تصدير الابقار الحلوب وفي المجال الوراثي، ليؤسس في 2003 شركة الاستشارات اغرو كونساي التي تعمل مع عدد من البلدان خارج كندا نذكر منها اضافة الى الجزائر- موريتانيا ، التي طلبت خدماتها مؤخرا لتطوير القطاع الفلاحي- ورواندا التي عمل فيها على تحضير مخطط العمل لتطوير القطاع الفلاحي  تحت اشراف صندوق النقد الدولي.