تكريم محمد الصالح حرز الله بالمكتبة الوطنية

كبيرهم الذي علمهم الشعر

كبيرهم الذي علمهم الشعر
  • القراءات: 912
مريم . ن مريم . ن

نظمت الاتحادية الجزائرية للثقافة والفنون، ووكالة "سيفار" للإعلام في المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة، حفلا تكريميا على شرف الأديب محمد الصالح حرز الله، بمناسبة عيد ميلاده الـ72، وكذا عرفانا بمساره الحافل في الثقافة والإعلام. أكد المشرفون على الحفل، منهم الشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش، أن المراد من هذه الالتفاتة، إعادة الود لهؤلاء الذين منحوا الكثير للثقافة والإبداع في الجزائر، موضحا أن فكرة هذه الاحتفالية، جاءت خلال تنظيم ورشات مواهب الشباب التي احتضنتها مؤخرا، منطقة سيدي خالد، مسقط رأس حرز الله وحاضنة حيزية. كما أشار الدكتور منير بهادي، المدير العام للمكتبة الوطنية في كلمته الترحيبية، إلى أن هذا التكريم، ما هو إلا تكريم للثقافة واعتراف بأهلها الذين منحوها الكثير.

قُدمت بالمناسبة، نبذة عن حياة حرز الله المولود سنة 1950 بسيدي خالد في ولاية بسكرة، وهي منطقة ولادة أعطت الكثير من الأسماء في شتى المجالات، خاصة في الثقافة والأدب، عاش حياة ثرية بالأحداث والإنجازات والإبداع، وساهم في عدة مشاريع ثقافية وإعلامية، منها إشرافه على مجلة "آداب" من سنة 1979 إلى 1985، حيث التحق بجريدة "المساء"، ناهيك عن حضوره في اتحاد الكتاب الجزائريين، وفي إنتاج العديد من الحصص الإذاعية والبرامج، كما كتب قصصا للأطفال، والعديد من الروايات، منها"صاحب البشرة السمراء"، وأسس مهرجان ومؤسسة "محمد العيد آل خليفة"، الذي يرجو الجميع إعادة بعثه وترسيمه، وهو أحسن تكريم لحرز الله. أشار صديق حرز الله، ومنشط هذا اللقاء الكاتب عبد المجيد غريب، إلى أن حرز الله أشرف على 23 دورة من مهرجان آل خليفة، الذي كان له بعده العربي الهام، وكان عندما تغلق عليه حنفيات الدعم، يلتفت لماله الخاص ولبعض مقربيه، وبعدها بُث شريط مصور عن مسيرة حرز الله، تضمن العديد من محطات حياته، مرفقة بصور حية وبعضا من قراءات حرز الله لنصوصه، ليختتم الشريط بكلمة أرسلها الصحفي رؤوف حرز الله من دبي لأخيه الكبير ومعلمه، يشكره على دعمه وتفانيه من أجل عائلته.

وتضمنت شهادات الرفاء بوحا جميلا ابتداء من شهادة الفنان الطاهر ومان الآتي من الزمن الراقي، والذي قال عن حرز الله إنه يملك سمعة يحسد عليها، معروف برزانته وصبره وتسامحه، مؤكدا عن عشرتهما التي تمتد لـ44 سنة خلت، بدأت مع مجلة "آمال"، مضيفا أن هذه المجلة شهدت بروز أسماء لامعة، منها واسيني والزاوي ومستغانمي وساري وغيرهم كثير، وكان العمل فيها جماعيا، يسوده التعاون والتكامل، وكان ومان مولعا بالتصميم والكتابة باليد، ووصل السحب في نهاية السبعينيات لـ25 ألف نسخة، وجلبت اشتراك جهات أجنبية، منها الكونغرس الأمريكي، وبعض المؤسسات السوفياتية وغيرها، وكان لها مراسلون في عدة عواصم عالمية، منهم أمين الزاوي بدمشق. ووصف الأديب رابح خدوسي حرز الله، بأديب الصحفيين وصحفي الأدباء، وبأنه الرجل الذي لا يكبر، يملك بطبعه حسا نقديا رفيعا، ولا يخاف في كلمته لومة لائم، يملك الجرأة في عمله الصحفي، حيث فجر لأول مرة، ملفات مهمة، منها مافيا العقار، كما حاور الجميع، بما فيهم الشيطان نفسه، لذلك وصلت سمعته المشرق العربي.

من جهته، قال الشاعر إبراهيم صديقي عن حرز الله، إنه كبير عائلته ومكتبه، مضيفا كتبنا جميعا في مجلاته وجرائده، إنه صاحب اللقطة اللماحة التي يختصر بها العالم، والمتواضع جدا والغارف من التراث الذي خبره ودسه في صدره، ولم يبخل به، إننا نلقى الترحاب الكبير في الوطن العربي، عندما يرافقنا وتفتح لنا الأبواب معه، كما كان الحال في تونس والقاهرة وبغداد وغيرها"، ليقرأ صديقي بعدها بعضا من قصيدة "المتنبي". تقدم بعدها الشاعر بوزيد حرز الله، وقال بعلو صوته "لو لم يكن محمد الصالح أخي وأبي وكل شيء في حياتي، لما كنت"، وأكد أنه في بدايات خربشاته الشعرية، كان حرز الله مسؤولا بمجلة "آمال"، وكان يرسل له مساهماته، فيمزقها ويرميها في سلة المهملات، ولا يجامله باعتباره أخا عزيزا، مما دفعه نحو الاجتهاد والتميز، كما كان هذا الأخ الجميل رفيقا، تقاسم معه طبق العدس والغرفة الواحدة، وأمور أخرى من الحياة، ثم قرأ بوزيد شعرا كهدية لأخيه في عيد ميلاده.

أما الأديب نور الدين بومرزوق، فقال؛ إنه تعلم من حرز الله التواضع، ووقف إلى جانبه، خاصة عندما قصده في صباح مبكر بالعاصمة، لينشر له مساهماته، مؤكدا أنه كان يدخل جريدة "المساء" وهو مديرها في الساعات الأولى من الصباح، ويستقبل الوافدين. كما توالت الشهادات، منها شهادة ابنة مسقط رأسه حياة بزيو، التي عددت مناقبه ووقوفه إلى جانب كل من يقصده، وبدون مقابل، بروح بشوشة وطرافة حاضرة دوما. بعدها انطلقت مراسم الاحتفال، ليحصل حرز الله على وسام التكريم، ويلقي كلمة شكر فيها الحضور ورجع فيها لذكرياته، منها زياراته للبلدان العربية وصداقاته، كما كان الحال مع الفنان عادل إمام الذي لبى له الدعوة وزار الجزائر، واستحضر الراحلين عبد الحميد مهري وشوقي بغدادي، وتحدث مطولا عن واقع الثقافة اليوم سواء في الإنتاج أو النشاط أو في الإعلام، وقال إن تراجعا فظيعا أصابها، متمنيا أن تعود الأمور لنصابها.